&انقرة:&وجهت السلطات التركية بعد اعتداءات مطار اتاتورك اصابع الاتهام الى تنظيم داعش& رغم عدم تبني الاخير لها، من دون أن تحمل المتمردين الاكراد، الذين تعدّهم عدوها الاساسي، المسؤولية.
ولطالما اتُهمت تركيا بغض النظر عن تحركات الجهاديين على حدودها، التي تعتبر بوابة دخول المقاتلين الاجانب الى سوريا، في حين تنفي انقرة أي علاقة بتنظيم داعش الذي صنفته "ارهابيًا"، كما انضمت في اغسطس العام ٢٠١٥ الى التحالف الدولي بقيادة واشنطن ضد هذا التنظيم المتطرف.
دمشق تتهم أنقرة بدعم الإرهابيين
ولقد اعتمد تنظيم داعش الحدود التركية لنقل المقاتلين والمعدات الى مناطق سيطرته في سوريا، حيث يقاتل قوات النظام والفصائل المعارضة والاسلامية وحتى جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، على السواء. كما يخوض أشرس المعارك في مواجهة وحدات حماية الشعب الكردية التي تصنفها انقرة بـ"الارهابية".
ومنذ بداية النزاع في سوريا في العام ٢٠١١، وقفت تركيا ورئيسها الاسلامي رجب طيب اردوغان الى جانب المعارضة المطالبة باسقاط نظام حليفه السابق بشار الاسد، ودعمت لاحقًا الفصائل المعارضة المسلحة.
من جهتها، تتهم دمشق انقرة بدعم "الارهابيين" عبر ابقاء الحدود مفتوحة امامهم لاستقدام التعزيزات الى سوريا.
وفي نهاية العام ٢٠١٥، دعت الامم المتحدة تركيا الى أن تكافح "بشكل كامل وملموس" تهريب النفط والآثار من مناطق سيطرة تنظيم داعش في سوريا.
وفي يونيو ٢٠١٤، اكد النائب في المعارضة التركية علي اديب اوغلو أن الجهاديين باعوا بقيمة ٨٠٠ مليون دولار النفط الخام في تركيا.
تغيير سياسة أنقرة
تشارك تركيا منذ اغسطس العام ٢٠١٥ في التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش، والذي تمكن الى جانب القصف الروسي من خفض عائدات الجهاديين الناتجة من تهريب النفط.
كذلك كثفت قوات الشرطة التركية العام الماضي عمليات تفكيك الخلايا الجهادية على اراضيها بعد ثلاثة اعتداءات دامية نسبت الى تنظيم داعش، بينها الاعتداء الذي استهدف محطة القطارات الرئيسية في انقرة في العاشر من اكتوبر وادى الى سقوط ١٠٣ قتلى، كما تحسن تبادل المعلومات الامنية بين تركيا والخارج بعدما كان معدوماً لفترة طويلة.
وتقول انقرة منذ اشهر انها تستهدف مواقع لتنظيم داعش من الجهة السورية للحدود.
ويقول ارون شتاين الخبير في الشؤون التركية في مركز رفيق الحريري في مؤسسة "اتلانتيك كاونسل" لفرانس برس، "الغريب ان تنظيم داعش يتهم تركيا ودولاً أخرى بدعم وحدات حماية الشعب الكردية بعد خسارته مناطق تقع على الحدود السورية التركية منذ معركة كوباني"، التي طرد المقاتلون الاكراد الجهاديين منها في يناير ٢٠١٥.
ومنذ ذلك الحين، وفق شتاين، "نقل تنظيم داعش المعركة الى تركيا عبر مهاجمة اهداف كردية، قبل أن يتحول الى اهداف اقتصادية".
انقرة تتهم داعش
تشهد تركيا منذ صيف العام ٢٠١٥ موجة اعتداءات دامية، عادة ما يتبناها حزب العمال الكردستاني في حين لم يتبنَّ تنظيم داعش ايًا منها، رغم اتهام انقرة له مرات عدة.
واعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم بعد اعتداء اسطنبول الثلاثاء، أن "الأدلة تشير إلى داعش".&
وبحسب مركز "صوفان" للدراسات، فإن "تركيا باتت هدفًا رئيسيًا لتنظيم داعش العام الماضي، وقد جرى ذكرها مرات عدة في مجلة دابق الصادرة باللغة الانكليزية عن التنظيم، كما وضعت صورة اردوغان على غلاف العدد ١١ من المجلة".
وتظن تركيا ايضاً أن تنظيم داعش يضرب قطاع السياحة لديها، والتي تصل عائداته الى ٣٠ مليار دولار سنوياً.&
ويقول ايغي سيجكين من مركز "اي اتش اس" للدراسات، "من المرجح ان يكون تنظيم داعش قد نفذ الاعتداء لتقويض الاقتصاد التركي عبر استهداف المطار قبل موسم السياحة في الصيف".
وقد يكون الهدف، على قوله، "الضغط على تركيا لمنع القوات الكردية والنظام السوري من اقفال آخر طريق امداد للتنظيم الى تركيا في شمال سوريا".
داعش لم تتبنَّ الإعتداءات
عادة ما يتبنى تنظيم داعش هجمات مماثلة بل يستفيض في شرح التفاصيل وتقديمه للانتحاريين الذين نفذوها، كما حصل في اعتداءات باريس في نوفمبر الماضي وبروكسل في مارس.
ويرى الخبير في الشؤون الجهادية رومان كاييه أن "تنظيم داعش لم يتبنَّ يومًا بشكل علني أي اعتداء على الاراضي التركية تفاديًا للدخول في حرب شاملة، فهو لا يزال يأمل بالحصول على مكتسبات من السلطات التركية".
حرب شاملة ضد الجهاديين
في حال كان تنظيم داعش يقف فعلاً خلف اعتداء مطار اتاتورك، فإن ذلك سيكون بمثابة تصعيد مهم للجهاديين تجاه تركيا، ويقول سونير جاكابتاي رئيس قسم الدراسات التركية في معهد واشنطن "اتسمت العلاقة بين تنظيم داعش وتركيا منذ فترة طويلة بما يشبه الحرب الباردة".
ولكن في حال كان تنظيم داعش هو المسؤول عن الاعتداء، "فسيكون ذلك بمثابة اعلان حرب، وسينزل العقاب التركي كالمطر على التنظيم”، وفق جاكابتاي.
ويؤكد كاييه بدوره أنه "حتى الآن نسبت الى تنظيم داعش الاعتداءات التي استهدفت متظاهرين موالين للاكراد أو سياحًا اجانب، وكان الهدف منها الضغط على اردوغان كي لا يشارك بفاعلية في الحرب ضد داعش. ولكن اذا كان التنظيم يقف خلف الاعتداء الاخير، فإننا سندخل مرحلة جديدة".
التعليقات