نصر المجالي: قال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في أول مقابلة له، بعد محاولة الانقلاب الفاشل الذي شهدته تركيا الجمعة، إن "هناك جريمة خيانة واضحة". وقال إنه "لم يخطر في باله أنه لن يكون رئيسًا" بعد تلك الليلة.

وكشف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تفاصيل ليلة محاولة الانقلاب العسكري، في أول مقابلة حصرية له مع شبكة CNN، والتي هي أول مقابلة له على شبكات الإعلام محليًا وعالميًا، بعد الأحداث التي شهدتها تركيا نهاية الأسبوع الماضي.

وقال أردوغان: "كنت في عطلة مع زوجتي وصهري وأحفادي في 15 يوليو في منتجع مارماريس، وفي تلك الليلة قرابة الساعة العاشرة مساءً وصلتني الأخبار، بأن هناك نوعاً من التحركات في اسطنبول وأنقرة ومدن أخرى، لذلك قررنا الانتقال من موقعنا، حيث وجهت لنا نصيحة بالانتقال إلى مكان أكثر أمنًا بطائرة. ولكن قبل تحركي، أردت إخطار وسائل الإعلام بما يحدث، وأردت مناشدة كل الشعب التركي عبر قنوات التلفزيون، ولكن البث الوطني لم يصل تلفزيونات الناس لذلك استخدمت هاتفي لأدعو الشعب إلى الخروج للشوارع والتصدي للجيش".

حشود غفيرة

وأضاف الرئيس التركي: "وبعد تلك الدعوة وصلتني الأنباء بأن الناس استجابت وتجمعت في حشود غفيرة بالشوارع، وكان ذلك محوريًا، لأن اللغة الوحيدة التي يفهمها هؤلاء الانقلابيون هي انقلاب مضاد على يد الشعب وهذا ما حققوه".

وتابع: "وعندما كان في الطائرة قال أردوغان إن برج المراقبة الجوية في مطار أتاتورك بإسطنبول كان تحت سيطرة الجنود الذين حاولوا الانقلاب، وكان الشريط الضوئي الذي يحدد مهبط الطائرات مطفأ وعليه قرر إلى جانب الطيار الهبوط باستخدام أجهزة إنارة الطائرة فقط، قبل أن يستعيد جنود موالون له السيطرة على برج المراقبة، وتمكنت الطائرة من الهبوط".

وأضاف أردوغان: "فور هبوطنا حلقت طائرات أف-16 فوقنا وبصورة قريبة من الأرض،" لافتًا إلى أن الطائرات كانت تحلق بسرعة تفوق سرعة الصوت.

عقوبة الإعدام

وفي رد على سؤال حول المطالبات بإلحاق عقوبة الإعدام بحق المخططين للانقلاب، قال أردوغان: "هناك جريمة خيانة واضحة والطلب (إلحاق عقوبة الإعدام) لا يمكن أبدًا أن يتم رفضه من قبل حكومتنا، ولكن بطبيعة الحال سيتطلب الأمر قرارًا برلمانيًا، وبعد ذلك وكرئيس للبلاد سأوافق على أي قرار يصدر عن البرلمان".

واستطرد قائلاً: "الآن لدى الناس فكرة بعد العديد من الأحداث الإرهابية بأن الإرهابيين لابد من قتلهم، ولا يرون أي نتيجة أخرى مثل السجن المؤبد، لماذا ينبغي إبقاؤهم وإطعامهم في السجون على مدى سنوات مقبلة، يريدون (الناس) نهاية سريعة، لأن الناس فقدوا أطفالاً، ثماني سنوات وشبابًا بعمر 15 سنة و20 عامًا ممن قتلوا للأسف في هذه الأحداث، هناك أمهات وآباء حزينون ويعانون والناس يمرون بأوقات حساسة وعلينا التعامل بطريقة حساسة للغاية".

تسليم غولن

وحول طلب تسليم رجل الدين التركي، فتح الله غولن، وماذا سيفعل إن رفضت الولايات المتحدة طلبه، قال أردوغان: "لدينا اتفاقية مشتركة لتسليم المجرمين، والآن نطلب تسليم شخص.. انت شريكي الاستراتيجي وطلبت ذلك فسأستجيب، والآن طلبنا ذلك، ولابد أن يكون هناك تبادل في مثل هذه الأمور".

واضاف إنه يتم حاليًا تحضير الأوراق المطلوبة، وسيُقدم طلب التسليم خلال عدة أيام، مشيرًا إلى أنه سبق وطلب شفويًا، عدة مرات، من الرئيس الأميركي باراك أوباما، تسليم غولن، كما تقدم وزير الخارجية التركي بطلب مماثل.

ونوه إلى أنه في حال لم تستجب الولايات المتحدة لطلب تسليم فتح الله غولن، وفقًا لاتفاقية تسليم المجرمين بين البلدين، فإن تركيا ستتوقف عن تسليمها الأشخاص الذين تطلبهم، ممن يواجهون اتهامات في الولايات المتحدة.

مطلوبون

واعتبر أردوغان أنه في حال عدم تسليم فتح الله غولن الى تركيا، فإن الأمر سيتضمن مشكلة كبيرة أخرى، قائلاً إن شخصًا ما قد لا يكون على قائمة الإرهاب للولايات المتحدة، إلا أنه على قائمة الإرهاب في تركيا، والدولتان مرتبطتان باتفاقية تسليم مجرمين، وبالتالي فإن على الولايات المتحدة أن تستجيب في حال طلبت تركيا منها تسليم هذا الشخص، مشيرًا إلى أن هذا ما تم في حالات أخرى سابقة، مع الكثير من الدول.

وأوضح أردوغان أن الأمر لا يتعلق فقط بزعيم منظمة فتح الله غولن، وإنما هناك هيكل تنظيمي شارك في تلك المحاولة، وقال الرئيس التركي إن السلطات التركية ستقدم خلال الأسبوع الحالي طلبات خطية إلى العديد من الدول الغربية والأفريقية، على رأسها الولايات المتحدة الأميركية، لتسليم المتهمين بالمشاركة في محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا.

قاعدة انجرليك

وحول قطع الكهرباء عن قاعدة انجرليك الجوية جنوب البلاد، والتي تستخدمها الولايات المتحدة في عملياتها الجوية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، أو ما يُعرف بـ"داعش"، قال أردوغان إن ذلك "تكتيك طبيعي" لمنع تحليق أي طائرة يمكن أن تكون تحت سيطرة الانقلابيين الذين وصفهم بالإرهابيين.

ورفض أردوغان أي مزاعم بأنه أو حكومته يسعيان لاستخدام محاولة الانقلاب كذريعة لشن حملة ضد خصومه، لافتًا إلى أنه لابد له ولحكومته القيام بـ"الأمر الصحيح"، وأن "شخصاً ظالماً" لا يمكنه الحصول على 52 في المائة من الأصوات، في إشارة إلى فوزه بانتخابات العام 2014.