احتفت خيمة محمد شكري التي تنظم في صيف كل سنة على هامش مهرجان الثقافة المتوسطية "ثويزا" في مدينة طنجة (شمال المغرب)، بالشاعر المغربي محمد الميموني، باعتباره أحد مجددي المتن الشعري الحديث في المغرب. واعتبارًا للصداقة التي جمعته بالأديب الراحل شكري عندما عمل الميموني مدرّسًا في أحد معاهد مدينة طنجة.

إيلاف من الرباط: قال الميموني إن كثيرين يعتقدون أنه كان على علاقة عادية بالراحل شكري، بينما أكد أنه جالسه طويلًا، وعرض عليه مسودات كتاباته الأولى، خاصة "الخبز الحافي"، التي كان يسلمها شكري إلى الكاتب الأميركي بول بولز لترجمتها إلى الانجليزية، إذ كانت عملية الترجمة تتم عبر شرح شكري لما كتبه تارة بالإسبانية، التي يعرفها بول بولز، وتارة أخرى بالانجليزية، التي هي اللغة الأم لهذا الأخير، بينما كان إلمام شكري بالانجليزية متوسطًا.

الشاعر والإعلامي المغربي عبد اللطيف بن يحيى يتحدث في الخيمة&

مكان شكري المفضل
توزعت المداخلات، التي ألقيت صباح اليوم الجمعة، في مكان رمزي هو مقهى "الحافة"، الذي استقطب جمهورًا ضاقت به القاعة الصغيرة التي جرت فيها وقائع الاحتفالية، وهو مقهى تقليدي عتيق وشهير يرتاده السيّاح وسكان المدينة.&

وكان يرتاده كثيرًا الأديب الراحل محمد شكري، حيث كان يختلي فيه متأبطأ كتبه وقواميسه، وهو مقهى يكاد يكون معلقًا في منحدر مطل على الأطلسي، الذي كانت أمواجه صاخبة بفعل رياح "الشرقي"، مثلما كانت حياة صاحب "الخبز الحافي" زاخرة وحافلة، وقد مرت الآن إحدى وثمانون سنة على ميلاده في قبيلة بني شيكر في ضواحي محافظة الناظور، التي هاجرت أسرته منها فرارًا من الفاقة والجوع، لتستقر أولًا في تطوان، قبل أن تختار مدينة طنجة، التي كانت في عقد الأربعينيات من القرن الماضي ضاجّة بالحركة والنشاط بسبب طابعها الدولي.

أدار الجلسة الشاعر والإعلامي المغربي رئيس مؤسسة محمد شكري، عبد اللطيف بن يحيى، الذي استعاد الكثير من ذكرياته على مدى صداقة امتدت أربعين عامًا، متوقفًا بالخصوص عند بعض الطرائف والمستملحات التي عاشها مع الكاتب، مثل إشارته إلى مهنة الغناء التي مارسها شكري مضطرًا في أحد المقاهي الشعبية برفقة عازفين على العود في مقهى "الرقاصة" في السوق الداخل في طنجة.

صدمة البدايات
كما عرف اللقاء كلمة شاعرية ألقتها الشاعرة المغربية إيمان الخطابي، التي تحدثت عن قصة علاقتها القرائية بأدب محمد شكري بدأ من الصدمة التي أحدثها لديها، وهي شابة، في بداية اكتشافها لعوالم القراءة والأدب.

&المحتفى به محمد الميموني يتوسط زوجته والكاتب الصحافي المغربي محمد بوخزار

وارتباطًا بالشعر، أشار متداخلون آخرون إلى علاقة شكري بالشعر مباشرة أو بشكل غير مباشر، فهو مارس الشعر أولًا، كما إن بعض نصوصه مثل مسرحية السعادة كانت في الأصل قصيدة.

إلى ذلك، عُرف شكري بصداقته مع الشعراء وتأثيره على الروائيين. وكان للشاعر المحتفى به محمد الميموني نصيب من الإشادة والثناء والإعجاب بمنجزه الشعري، الذي استوى في عقد الستينيات من القرن الماضي، تجلَى في إصدار دواوين عدة نشرتها وزارة الثقافة المغربية ضمن مشروع الأعمال الكاملة.

حسونة المصباحي امتدادًا
وأبرزت مداخلاتٌ خصوبة وخصوصية تجربة الميموني الشعرية باعتباره أحد الذين أصَلوا القصيدة الحديثة في المغرب. وما يثير الإعجاب فيه أنه مواظب على الكتابة، وهو يشارف العقد الثامن من عمره.

ودعا متحدثون إلى دراسة الإنتاج الشعري للميموني، الذي أغناه وصفَاه بإطلاعه على الشعر الأجنبي عبر أداة اللغة الأسبانية التي ترجم منها نصوصًا لشعراء كبار.

&من حفل الاحتفاء بالشاعر المغربي محمد الميموني

بالعودة إلى شكري تساءل الشاعر والإعلامي المغربي عدنان ياسين عن الأسباب التي جعلت سيرة محمد شكري محط اهتمام كثيرين، إلى درجة أن لها امتدادات في أعمال روائية لكتاب عرفوا شكري، مثل التونسي حسونة المصباحي، إذ يعتبر ياسين روايتي المصباحي "التيه" و"وداعًا روزالي" في بعض فصولها تتمة لسيرة شكري، التي وزعها صاحب "الخبز الحافي" بين عمله الأول والتي تلته، خاصة رواية "زمن الأخطاء" و"غواية الشحرور"، هذا بالنسبة إلى الأعمال الإبداعية التي تضمنت لمحات من سيرة شكري تضاف إليها صفحات من مذكرات وذكريات سردها عنه بعض الكتاب الصحافيين.
&