ألقى المرجع الشيعي العراقي آية الله السيد حسين اسماعيل الصدر باللوم على السياسيين العراقيين في ابتعاد العراقيين وخاصة الشباب عن الدين، مشددًا على أن من سَيّس الدين أو المذهب فقد أساء اليهما.
إيلاف من لندن: أكد المرجع الشيعي العراقي آية الله السيد حسين اسماعيل الصدر في حوار أجرته معه "إيلاف" في لندن، التي يزورها لمتابعة نشاط مؤسسة الحوار الانساني، التي يرعاها في العاصمة البريطانية، ولاجراء فحوصات طبية، أن تشكيل الحشد الشعبي كان ضرورة بعد سيطرة داعش على الموصل، موضحًا أن كل عمل تحصل فيه سلبيات لكن ايجابيات ما يقوم به الحشد في مواجهة الارهاب تبقى هي الاساس.&
وعن نشاطات مؤسسة الحوار الانساني، التي يترأسها، أوضح الفقيه السيد حسين اسماعيل الصدر انه بعد نجاح عمل فرعها في لندن عام 2011 فقد تم افتتاح آخر في استراليا، فيما تجري الاستعدادات لافتتاح فرعين آخرين في المانيا وكندا.. وفي ما يلي نص الحوار:&
*ماهو موقفكم من تحول رجل الدين العراقي الى سياسي فاسد وزعيم مليشيا مسلحة، وتأثير ذلك على ايمان الناس بالدين؟
- لقد بقينا نؤكد منذ سقوط النظام السابق عام 2003 من خلال جميع مؤتمراتنا واجتماعاتنا وندواتنا مع جميع شرائح المجتمع العراقي بكل اطيافهم ومكوناتهم، وما زلنا نؤكد على ضرورة أن تبقى للدين قدسيته وألا يكون طرفًا سياسيًا.. ولهذا اطلقتُ شعار "من سيّس الدين فقد أساء اليه"، و"من سيّس المذهب فقد اساء اليه".. ولذلك، فإنه من المفترض على كل من يحمل الرسالة الدينية أن يكون حاملاً لرسالة انسانية لايمكن حصرها بمكون دون غيره أو مذهب بعينه.. وألا يكون الدين لعبة سياسية يقوم السياسي بالتسلق على الدين أو المذهب أو الطائفة للاستفادة منه لمكاسب شخصية أو حزبية.. وللاسف، فإن حصول هذا قد أدى الى الابتعاد عن الدين وخاصة في اوساط الشباب العراقيين بعد ان اقرن بعض السيياسيين الدين بالسياسة، وهذا ليس صحيحًا، وهو سلبية كبيرة مرفوضة يعيشها السياسي.
*ما هو دور المرجعيات الدينية في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، والحل لها؟
- المفروض ان يتم التثقيف والتأكيد على أن يكون الدين فوق السياسة والانتماءات المذهبية، وألا يتم استخدامه لمآرب خاصة، فالاسلام بكل مذاهبه انساني، ولهذا لايمكن ان يلبس ثوب الحزبية أو المذهبية والانتماءات الخاصة.
*ماهو رأيكم بالانتقادات التي توجه الى عناصر الحشد الشعبي بإرتكاب تجاوزات طائفية في المناطق التي يتم تحريرها من سيطرة تنظيم داعش؟
- كانت هناك ضرورة لتشكيل الحشد الشعبي بعدما حصل من وضع سلبي في الموصل وسيطرة تنظيم داعش عليها عام 2014، والذي أثر على نفسية منتسبي المؤسسة العسكرية ومعها ابناء الشعب، فكان من الاهمية مساندة المواطنين لقواتهم فكانت فكرة التطوع وصدور فتوى المرجعية العليا حوله.. لكن كل عمل يمكن أن تشوبه سلبيات، ولكن الايجابية تبقى هي الاكبر، فالآن يعمل الحشد جنبًا الى جنب مع القوات المسلحة وبقيادتها كما هم المتطوعون من ابناء العشائر سنية وشيعية ومسيحية وصابئية وكلهم تطوعوا للدفاع عن وطنهم وهو واجب على جميع العراقيين أن يعملوا لاجل استرجاع اراضيهم التي سيطر عليها داعش.
*هناك في العراق حاليًا حوالي 70 فصيلاً ينتمون الى الحشد الشعبي العراقي، لكن العديد منهم يعلنون ولاءهم لنظام ولاية الفقيه وللمرشد الاعلى الايراني علي خامنئي.. الا يشكل هذا برأيكم خطرًا على العراق؟
- الساحة العراقية مفتوحة للجميع ومسألة التقليد لأي مرجع شيعي هي أمر يعيشه الانسان بينه وبين الله، وما يعتقد انه الافضل فهو مسألة اختيارية ضمن الضوابط الدينية الشرعية.. ولهذا عندما تتعدد المكونات بأتخاذ قرار لمن تقلد فهذا ليس سلبيًا.. وفي تقديري، فإن العراقيين بشكل عام يقلدون المرجع السيد علي السيستاني.
*ماهي آخر نشاطات مؤسسة الحوار الانساني التي تترأسوها في العراق.. وفروعها في الخارج.. وماهي خططكم لتنشيط عمل المؤسسة وافتتاح فروع اخرى لها اضافة الى فرعيها في بريطانيا واستراليا؟
- مؤسسة الحوار الانساني هي الاولى التي أسسناها بعد سقوط النظام السابق عام 2003 وهي الام لجميع المؤسسات التي شكلناها لاحقًا، ومنها مؤسسة الامام الشهيد محمد باقر الصدر، ولها فروع بمختلف المحافظات.. ثم مؤسسة الشهيدة بنت الهدى، وهي مختصة بشؤون المرأة وتضم 8 اقسام نسوية لتعليم اللغة الانكليزية والحاسوب والخياطة ومحو الامية والفنون المنزلية والثقافة والصحة وتعليم الحلاقة وقسم للرشاقة وتستمر كل دورة تعليم منها لستة اشهر، وتضم حوالي 1500 دارسة في بغداد والمحافظات الاخرى.. وقد عملت الكثير من المتخرجات من هذه الدورات في مكاتب وورش عمل.&
واضافة الى ذلك فقد انشأنا المؤسسة القرآنية العراقية التي خرجت الكثير من قراء القرآن على الطريقتين العراقية والمصرية، وكذلك القراءات السبع والقراءات العشر. ولدينا كذلك منظمة عراق بلا مخدرات ويعمل فيها اطباء مختصون وعلماء اجتماع ونفس لمكافحة الفساد خاصة بين الطلاب والشباب.
اما بالنسبة لمؤسسة الحوار الانساني، فإنه بعد افتتاح فرعها في لندن عام 2010 تم فتح فرع آخر في استراليا استجابة لطلبات العراقيين هناك، فيما يجري العمل حاليًا لافتتاح فرع في المانيا قريبًا يتبعه فرع في كندنا خاصة بعد نجاح مركز لندن والنشاط الدؤوب، الذي يقوم به مديره غانم جواد واستجابة العراقيين الواسعة للمشاركة وحضور ندواته ومعارضه ونشاطاته الأخرى التي ينظمها اسبوعيًا.&
رجل الحوار والتوافقات
يذكر أن آية الله الفقيه السيد حسين اسماعيل الصدر رجل دين يحظى باحترام السنة والشيعة، فهو يشدد دائمًا على ان وطنيته اكبر من مذهبيته وإنتمائه للعراق أقوى من إنتمائه لطائفته. وهو يعتبر من قلائل علماء الدين ممن يصلي خلفه سنة وشيعة لانفتاحه على الآخر من دون تعصب أو تحزب. ويقول المقربون منه إن لونه عراقي ومذهبه إسلامي فلم يقتصر دوره على الجانب الوعظي والافتائي فحسب، بل تعداه الى الاجتماعي والثقافي أيضًا، اضافة الى الدور الاسلامي.&
وللمرجع الصدر قناة فضائية تحمل اسم "السلام"، ومراكز تنتشر حول العالم باسم الحوار، إضافة إلى دوريات ومطبوعات منتظمة، كما تشرف مؤسساته على عشرات المراكز والمعاهد التعليمية للبنات خاصة ومن ثم الأولاد يتعلمون فيها استخدام الكومبيوتر والرسم وفن الإلقاء والعلوم والخط واللغة الانكليزية والنجارة والخياطة والأداء الصوتي والحدادة والميكانيك.. بالإضافة إلى المراكز الصحية وملاجئ الأيتام والكليات ومراكز رعاية النساء والمعاقين انطلاقًا من نظرته الى العراقيين التي يقول دائمًا انهم "متساوون في كل الحقوق لا فرق بين مسلم وغير مسلم أو بين سني وشيعي أو بين عربي وغير عربي".
&ويتواصل أية الله الصدر مع مختلف أطياف الشعب العراقي لتنسيق وتنظيم هذا التواصل، فقام بتأسيس مؤسسة الحوار الإنساني في محافظة بغداد وفتح لها فروعًا في جميع محافظات العراق، حيث يتمّ عقد الكثير من المؤتمرات التي تساهم بشكل فاعل ومؤثر في تقريب وجهات النظر بين الشيعة والسنة والفرقاء السياسيين وتقديم رؤية جديدة لمعالجة الواقع العراقي، حيث لا يزال هذا النشاط مستمراً في هذا الاتجاه.
التعليقات