قال أحمد عطية وزير الاوقاف والإرشاد في اليمن، في حوار مع "إيلاف"، إنّ تدخل ايران السافر في شؤوننا عقد القضية اليمنية، مشددا على أنّ الحوثيين ينفذون أجندة ايرانية بحتة. كما أبدى الوزير تفاؤلا بمستقبل اليمن وانهاء الصراع.


حاوره جمال شنيتر من عدن: أكد وزير الاوقاف والإرشاد في الحكومة اليمنية الدكتور أحمد عطية ان الشرعية اليمنية رفضت مبادرة وزير الخارجية الاميركية جون كيري لأنها تتعارض مع المرجعيات المحلية والدولية، مشيرا الى ان المبادرة تريد تسليم البلد للانقلابيين، وابعاد الصف الاول من &الحكومة الشرعية خلال ثلاثين يوما من توقيعها.

في حوار خاص مع "إيلاف"، اتهم وزير الاوقاف ايران &بالتدخّل السافر في شؤون اليمن ودعمها لجماعة الحوثي مما عقد القضية، محذرا من مغبة ذلك التدخل الايراني &على امن واستقرار المنطقة العربية من خلال اسلوب & &التوسع والتمدد.

وكشف الوزير عطية عن توجهات وزارته في الارتقاء برسالة المسجد، والنأي بها بعيدا عن الخلافات الحزبية والمناطقية والقبلية والفئوية والمذهبية، وان تكون رسالته تتمثل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغرس القيم النبيلة في المجتمع، لافتا الى قيام وزارة الاوقاف بقطع شوط كبير في التقريب بين وجهات النظر بين المدارس الفقهية والفكرية.
&
وفي ما يلي الحوار كاملا:

إلى أين تسير الحرب في اليمن، وما مدى فرص الحل السياسي للازمة؟

الحكومة أجبرت على الدخول في هذه الحرب، بعد الانقلاب على الشرعية في 21 سبتمبر 2014، وكنا على وشك الخروج باليمن من هذا النفق المظلم الى بر الامان، فقد كان اليمنيون في حوار وطني تم التوافق عليه بإجماع القوى السياسية والمكونات المجتمعية، ثم تشكلت لجنة صياغة الدستور، وكنت احد اعضائها، وذهبنا الى جيبوتي والمانيا والإمارات من اجل اخذ التجربة الفيدرالية الاتحادية من هذه الدول، وكنا على امل ان يكون نهاية المطاف من الصراعات لبلدنا هو الحوار الوطني و صياغة الدستور، ولكن حصل الانقلاب وحوصر الرئيس هادي وطورد الى عدن ولاحقوه بالطائرات الى قصر معاشيق في عدن، ثم حصل بعد ذلك الاستعانة بالتدخل الخليجي والعربي.

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي مستقبلا وزير الأوقاف أحمد عطية

وبعد ان ارتفع صوت الحرب والمعارك، فتحت ابواب الحوار مجددا، لوقف الحرب وإنهاء الانقلاب، ولم تتعنت الحكومة ضد الحوار، بل العكس رحبت وقبلت، في جنيف 1 وجنيف 2 والكويت، وذلك من اجل السلام وازاحة الانقلاب، فقد كانت البلاد تسير من قبل في عملية سياسية، فنزلت صخرة الانقلاب لتعترض وتعيق الحل السياسي للوضع في اليمن، ولهذا فان اي حل &سياسي لا يزيح هذه الصخرة ، فان معنى ذلك العودة الى نقطة الصفر، وهذا سيزيد الامور تعقيدا.

مبادرة كيري

رفضت الحكومة الشرعية مبادرة وزير الخارجية الأميركي جون كيري بشأن وقف الحرب وحل الازمة. فما هي اسباب رفضها؟

ما يسمى بخارطة كيري ليس لها زمام ولا خطام، فهي خارطة اتت لتعارض ثلاث شرعيات وثلاث مرجعيات، فالرئيس عبدربه منصور هادي مقارنة بالحكام الذين يتمتعون في بلدانهم بالنهج الديمقراطي، هو الرئيس الوحيد الذي حصل على ثلاث شرعيات وهي شرعية التوافق السياسي، وشرعية صندوق الانتخابات، والشرعية الدولية التي تعترف بالرئيس هادي كممثل وحيد للشرعية اليمنية.

جاءت خارطة كيري لنقل صلاحيات الرئيس هادي، وهذا يخالف ايضا ثلاث مرجعيات وهي مرجعية محلية تتمثل في مخرجات الحوار الوطني، ومرجعية اقليمية وهي المبادرة الخليجية، ومرجعية دولية وهي القرارات الاممية وخاصة القرار الاممي 2216، وبالتالي القبول بهذه الخارطة هو اقرار بالانقلاب الذي حصل في سبتمبر 2014، اذا &ما الداعي لكل هذه الحرب والصراع والتضحيات والبلد الممزق الذي اوصله الانقلابيين لهذا الحد، اذا كان في النهاية التسليم بالانقلاب، وبالتالي المبادرة مرفوضة، والشعب يرفضها، والشرعية ترفضها، والرئيس رفضها لان فيها اعوجاجا وحصل خطأ، فهي تريد تسليم البلد للانقلابيين، ويتم اقصاء الطرف المظلوم من السلطة، ويتم ابعاد الصف الاول من الشرعية خلال شهر.

موقفنا واضح، اي مبادرة تأتي مستقبلا تقوم على المرجعيات الثلاث مرحب بها من اي طرف كان، وسنذهب الى اي بلد كان للحوار، وغير ذلك لا.

التدخل الإيراني

ما صحة ما يقال عن تدخلات ايران في شؤون اليمن، وان الحوثيين ينفذون اجندة ايرانية ليس الا؟

التدخل الايراني في شؤون اليمن عقّد القضية اليمنية، فلو كان الحوثيون يتكلمون بما في نفوسهم كيمنيين، ويطالبون بالمشاركة السياسية، لم يكن قد وصلنا الى هذا الوضع الراهن، فللأسف الحوثي &يقرأ من كتاب غيره، ولدى الايرانيين حب التوسع والتمدد، في المنطقة العربية، والدليل دعمهم للميليشيات في سوريا والعراق واليمن ولبنان، كما ان الصاروخ الذي اطلقته جماعة الحوثي واستهدف مكة المكرمة، دليل على ذلك، فهم لا يستهدفون اليمن فقط، بل حتى اراضي المملكة الشقيقة.

الوزير عطية خاطبا في أحد مساجد اليمن

الحوثي ينفذ اجندة ايرانية بحتة، ولو كان يريد شراكة سياسية في السلطة لكان اسس حزبا سياسيا، ودخل الانتخابات ومارس الديمقراطية، ولكن ان يستولي على السلطة عبر الانقلابات المسلحة واقتحام المدن هذا شي غير مقبول.

لهذا نؤكد ما قاله رئيس الجمهورية ان على ايران ان ترفع يدها عن اليمن وتنأى بنفسها عن التدخل في الشؤون اليمنية، فنحن جوارنا ومحيطنا دول الخليج العربي، وليست ايران.

دور وزارة الأوقاف

ما هي الاجندة والمهام الرئيسية لوزارتكم في الفترة القادمة؟

لنا ستة اشهر منذ تولي الوزارة والتي تعد جزء من الحكومة اليمنية التي تواجه عددا من المشكلات، وكثير من موظفي وزارة الاوقاف بدون مرتبات، وهي تفتقر لموازنة تشغيلية بسبب الحرب التي اشعلها الحوثي وصالح.

حصل في الوزارة خلل كبير في السنوات الماضية، فهناك اوجه فساد واضحة، ففي ايام علي عبدالله صالح كبرها وضخمها وجعلها ستة قطاعات، وهي لا تتحمل الا ثلاث قطاعات، وهي قطاع الارشاد ويمكن الحاق التحفيظ به، وقطاع الحج والعمرة، وقطاع الاوقاف.

بدأنا في اكثر من اتجاه لتصحيح الوضع في الوزارة، وعملنا في مجال الحج والعمرة على جمع الوكالات المفوجة للحج والعمرة، وحماية الحجاج والمعتمرين من اي تلاعب قد يتعرضوا له من قبل بعض وكالات التفويج، لانه للأسف بعض الوكالات انقلبت الى بقالات، لا تهتم بالحجاج وترميهم في مواسم الحج دون سكن مريح ولا غذاء ولا خدمات، ونحن سنعلن ضوابط لذلك في الفترة القادمة، وسنتيح المجال للمحافظات التي تفتقر لوجود الوكالات، وخاصة المناطق الجنوبية والشرقية ومناطق اقليم سبا، فقد كانت الوكالات متمركزة في صنعاء وتعز فقط.

عملنا احصائيات حول المساجد التي طالتها ايادي العبث من جراء التفجير والتدمير الذي اقدم عليه الانقلاب الغاشم، فحتى المساجد لم تسلم منهم، وزرنا عدة محافظات منها عدن ولحج وأبين وحضرموت والمهرة &والتقينا بالدعاة والعلماء والخطباء، وسنزور بقية المحافظات قريبا، وكل ذلك لأجل ترتيب وتنظيم عمل الوزارة.

كيف يمكن للمساجد في اليمن أن تؤدي وظيفتها بالشكل المطلوب؟ وماهي رسالتها التربوية والحضارية؟

وجهنا عدة تعميمات وتوجيهات للعلماء والخطباء &اكدنا فيها على ان يكون الخطاب الديني موحدا ويقوم على الاعتدال والوسطية وقبول الاخر ونبذ التطرف والإرهاب، وحرمة الدماء المعصومة، والالتزام بالأنظمة والقوانين المتبعة في البلاد.

ربطنا المساجد بوزارة الاوقاف، ولكن ستظل كثير من المساجد بعيدة عن اشراف الاوقاف، لان هذه المساجد لم تبنيها الوزارة اصلا، بل بنيت على نفقة فاعلي الخير، وهم من يأتون بالخطيب والإمام والمؤذن.

لكن اؤكد لك انه عندما تتوفر الميزانية للوزارة، سنعمل على التدخل، فالمساجد التي نرى ان خطابها يتعارض مع الوسطية وتوجهات الدولة، سنضطر الى ابعاد من يقومون عليها، وستقوم الوزارة بتوفير البديل &وتوفير مستحقات مالية له.

حرصنا ان تكون المساجد في خطابها بعيدا عن الخلافات الحزبية والمناطقية والقبلية والفئوية والمذهبية، &ووجهنا بصريح العبارة إلى النأي بالمساجد بعيدا عن خلافات الاحزاب، فالعمل الحزبي له مجاله بعيدا عن المسجد، بينما توجيه الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغرس القيم النبيلة في المجتمع مجالها المسجد، لكن ان يكون المسجد محلا للخلافات فهو امر مرفوض، وقد وجهنا ادارات الاوقاف بالمحافظات بمنع ذلك.

ماهو دور وزارتكم في إيجاد توازن للتقريب بين وجهات النظر بين المدارس الفقهية والفكرية في اليمن؟

التقينا بوزير الشؤون الاسلامية بالمملكة العربية السعودية، وتفاهمنا معه حول كثير من القضايا وخاصة ما يتعلق بالأوقاف والإرشاد والمساجد، كما ذهبنا الى &منسقية علماء اليمن في الرياض، وكان لنا شرف التوقيع بين دعاة اليمن على ميثاق الشرف تحت اشراف وزارتنا ووزارة الشؤون الاسلامية السعودية.

هذا الميثاق قطع شوطا كبيرا في التقريب بين وجهات النظر بين المدارس الفقهية والفكرية والعلمية، قلنا لهم لماذا الاختلاف، فالرب واحد، والنبي واحد، والقبلة واحدة، ولكن احيانا يدخل التعصب، وهو الذي اوصل الخلاف بين العلماء الى هذا المستوى.

ونأمل ان يصل هذا الميثاق الى بقية الجماعات الاسلامية حتى يدخل الجميع تحت ظلاله لبناء صرح دعوي متماسك بعيدا عن الخلافات التي تهدد النسيج الاجتماعي&

إلى اين يتجه اليمن؟ وهل آن الاوان للخروج من ازمته؟

نأمل ان يكون المستقبل زاهرا لليمن، وان يخرج البلد من هذه المحنة، والرئيس عبدربه منصور هادي يقوم بجهود كبيرة ومعه الحكومة الشرعية برئاسة رئيس الوزراء الاستاذ احمد بن دغر، وهم متواجدون في عدن العاصمة المؤقتة، وهذا يدل على ان الحكومة موجودة في الداخل وليس الخارج كما يروج البعض على أنها "حكومة فارة"، ولكن الواقع يؤكد عكس ما يقول المروجون، واليمن سينتصر حتما.