برشلونة: تظاهر مئات آلاف الكاتالونيين الثلاثاء للتعبير عن غضبهم حيال العنف الذي مارسته الشرطة ضد المشاركين في الاستفتاء المحظور حول تقرير مصير الاقليم، مطالبين بـ"خروج قوات الاحتلال"، فيما اتهمت مدريد سلطات الاقليم ب"التحريض على التمرد".

ونادى المتظاهرون بخروج قوات الامن من المنطقة، واصفين اياها بـ "قوات الاحتلال"، في خضم مواجهة بين مدريد والاقليم اغرقت اسبانيا في ازمة سياسية هي الاسوأ منذ انتهاء الديكتاتورية عام 1977.

وتدفق المشاركون في التظاهرة نحو مركز مدينة برشلونة رافعين أعلام الانفصال الصفراء والحمراء والزرقاء. وحمل المشاركون في التظاهرة لافتات كتب على احدها "مغلق من أجل الثورة".

وشهد الإقليم إضرابا عاما فيما حلقت مروحية في الاجواء، ما استدعى تنديدا من الكاتالونيين الذين لم يستفيقوا بعد من صدمة العنف الذي شهدته بعض المناطق الأحد. 

وامتد الاضراب العام الى القطاع الرياضي حيث امتنع نادي برشلونة لكرة القدم عن اجراء تدريباته، فيما اعلن مسؤولون ان الاضراب ادى الى تراجع حركة النقل المشترك وعمليات شحن البضائع في مرفأ المدينة.

وقالت المدرّسة انطونيا ماريا ماورا (56 عاما) المشاركة في التظاهرة "في تشرين الاول/اكتوبر اصبحنا بلدا محتلا ولم يغادروا بعد"، في اشارة الى الشرطة التي اوكلت اليها مهمة منع اجراء الاستفتاء.

وقال ألفريدو فيدال، صاحب مصبغة يبلغ من العمر 68 عاما، "لا يمكن وقف الشباب،" مشيرا إلى مئات الطلبة الذين ساروا ببطء وقد التف كثير منهم بأعلام الانفصال.

الشرطة محاصرة

وحاولت الشرطة الاسبانية منع تنظيم الاستفتاء مستخدمة الهراوات والرصاص المطاطي لتفريق الحشود في مشاهد شكلت صدمة واستدعت موجة انتقادات دولية. ووجه المتحدث باسم المفوضية الاوروبية مارغاريتيس شيناس الاثنين تحذيرا "لا يمكن للعنف ان يكون اداة في السياسة على الاطلاق".

الا ان التوتر تصاعد ليلا مع تحدي الكاتالونيين ارداة الحكومة الاسبانية. وحاصر المتظاهرون فنادق كاتالونيا التي تأوي قوات الامن، بحسب ما اعلنت الشرطة. واجبر عشرات من الشرطة وعناصر الحرس المدني الذين ارسلوا كتعزيزات لمناسبة الاستفتاء، الاثنين على مغادرة فنادقهم تحت ضغط السكان ورؤساء البلديات، بحسب نقابيين.

وقال رامون كوسيو المتحدث باسم الاتحاد الرئيسي للشرطة "انهم يفرون من فندق الى آخر، انهم كالجرذان التي يتعين عليها الاختباء". وحذر من ان الدولة بدأت تفقد سيطرتها على الامن. واعلن فندق واحد على الاقل ان السلطات المحلية امرته بان يطلب من عناصر الشرطة النزلاء المغادرة.

التحريض على التمرد

وتعتبر الحكومة الاسبانية والمحاكم في اسبانيا الاستفتاء على الاستقلال غير شرعي، فيما تحمل مدريد السلطات الكاتالونية مسؤولية اثارة التوتر. واتهمت وزارة الداخلية الاسبانية الثلاثاء حكومة كاتالونيا بـ"التحريض على التمرد" بعدما تعرضت قوات الشرطة التي تم إرسالها لمنع الاستفتاء الى مضايقات من قبل المتظاهرين. 

وقال وزير الداخلية خوان ايغناسيو زويدو "نرى أكثر فأكثر كيف تدفع حكومة كاتالونيا السكان نحو الهاوية وتحرض على التمرد في الشوارع،" مضيفا أن حكومته ستتخذ اجراءات لمنع "المضايقات" بحق الشرطة الوطنية.

المواقع السياحية مغلقة

وتعود المطالبات باستقلال كاتالونيا عن اسبانيا الى قرون من الزمن، الا انها عادت الى الواجهة في السنوات الاخيرة جراء الازمة الاقتصادية. وكاتالونيا منطقة صناعية غنية في شمال شرق اسبانيا يبلغ عدد سكانها نحو 7,5 ملايين نسمة، وتسهم في قرابة 20 بالمئة من الاقتصاد الاسباني، ولها لغتها الخاصة وتقاليدها وعاداتها الثقافية.

وكانت نقابات مؤيدة للانفصال ومدارس ومعاهد ثقافية دعت للاضراب الثلاثاء من اجل توجيه رسالة "ادانة شديدة اللهجة" ضد طريقة تعامل الشرطة مع الاستفتاء.

واقفلت المدارس وعدد من الشركات ابوابها خلال التظاهرة. واحتل المتظاهرون الشوارع والطرقات ما تسبب بتوقف حركة السير. كذلك اقفلت المواقع السياحية في برشلونة لا سيما "كنيسة العائلة المقدسة" الشهيرة.

وفي محطة القطار "سانتس" فتحت المتاجر ابوابها.

وفتحت وحدات التركيب الثلاث لسيارات "سيات" في كاتالونيا بشكل عادي بحسب كرستينا فال لوسادا المتحدثة باسم الشركة. واتفق ممثلو النقابات على ترك العمال يقررون "بحسب ضمائرهم" اذا كانوا يرغبون في الانضمام الى الاضراب، بحسب ما اضافت.

جلسة طارئة

وعقدت حكومة ماريانو راخوي جلسة طارئة بعد اعلان بيغديمونت الاحد ان كاتالونيا "كسبت حقها بدولة مستقلة". وطالب بيغديمونت بوساطة دولية للمساعدة في حل الازمة.

وبحسب حكومة كاتالونيا، أدلى 2,26 مليون شخص بأصواتهم، أي ما يعادل أكثر بقليل من 42 بالمئة من ناخبي الإقليم.

ولكن يرجح أن تلقى أي محاولة لإعلان الاستقلال بشكل أحادي معارضة ليس من مدريد فحسب، بل كذلك من قسم كبير من سكان كاتالونيا المنقسمين بشكل عميق حيال المسألة.

واعلن بيغديمونت انه سيطرح نتائج الاستفتاء على البرلمان المحلي، حيث يحظى النواب الانفصاليون بالغالبية، الذي يتمتع بصلاحيات تبني اقتراح باعلان الاستقلال.