برشلونة: أعلنت حكومة كاتالونيا الاحد أن الاستفتاء على استقلال المنطقة سيمضي قدما بينما تجمع مئات الكاتالونيين امام مراكز الاقتراع في برشلونة ومدن اخرى للمشاركة في الاقتراع غير القانوني الذي وعدت مدريد بمنعه، في اكبر تحدٍ للسلطة المركزية منذ اربعين عامًا.
وقال المتحدث باسم الحكومة خوردي تورول في مؤتمر صحافي، "الحكومة اليوم في موقع يسمح لها بالتأكيد اجراء الاستفتاء على تقرير المصير -- ليس كما نريد ولكن (ستكون له) ضمانات (ديموقراطية)".
وفي برشلونة، حيث بدأت امطار تهطل صباح الاحد، وشمالا في جيرونا معقل الرئيس الانفصالي كارليس بيغديمونت او فيغيراس المدينة العزيزة على قلب الرسام الشهير سالفادور دالي، اكد هؤلاء انهم موجودون "للدفاع" عن مراكز التصويت.
وبدأت الشرطة حوالى الساعة السابعة (05,00 ت غ) الاقتراب من مراكز الاقتراع التي اقامها الناشطون المصممون على اجراء الاستفتاء حول استقلال المنطقة للتحدث الى المتظاهرين او المراقبة بدون ان تتدخل، كما ذكر صحافيون من وكالة فرانس برس.
وحوالى الساعة 06,50 اقترب شرطيان امام مدرسة ايسكويلا فيدرونا دي غارسيا في برشلونة من الحشد الذي تدفق منذ الصباح الى المكان. لكنهما لم يتمكنا من دخول مركز التصويت بعدما منعهما الحشد. وقد سألا بعد ذلك "من المسؤول هنا؟"، فرد الحشد بعد صمت لفترة قصيرة "نحن جميعًا!".
ثم قال احدهما انه سينتظر في الخارج المسؤول عن المركز، قبل ان يبتعد مع زميله وسط تصفيق الحشد وهتاف "سنصوت!". وامام مدرسة اخرى في برشلونة، رأت صحافية من فرانس برس عناصر من شرطة المقاطعة يراقبون مدرسة بدون ان يقتربوا منها.
وبينما انهى محتفلون ليلتهم، استيقظ آخرون في وقت مبكر على غير العادة.
وصرح بو فالس (18 عامًا) الطالب الذي يدرس الفلسفة وقرر مساء السبت ان يتمركز امام مركز للتصويت اقيم في مدرسة خاومي بالميس في برشلونة، لوكالة فرانس برس "في كاتالونيا نحن في مرحلة نعتقد خلالها انه من الضروري ان نقرر ما اذا كنا نريد البقاء في الدولة الاسبانية".
واكدت سلطات كاتالونيا انها اقامت 2300 مركز اقتراع ليتاح لـ5,3 ملايين كاتالوني التصويت بين الساعة التاسعة (07,00 ت غ) والساعة 20,00 (18,00 ت غ).
وفي مناطق اخرى من برشلونة، كان حوالى خمسين شخصًا ينتظرون مقابل المدرسة الثانوية فيدرونا دي غارسيا. وقد امضى بعضهم ليلتهم في الخيام، بينما قام آخرون بقطع الطريق المؤدي الى المبنى بحاويات للنفايات.
وكان الانفصاليون الحاكمون في كاتالونيا منذ سبتمبر 2015 دعوا في السادس من سبتمبر الى هذا الاستفتاء على الرغم من حظره من قبل المحكمة الدستورية وغياب التوافق داخل مجتمع كاتالونيا نفسه في هذا الشأن.
"كاتالونيا هي اسبانيا"
في الواقع تبدو المنطقة التي تصاعدت فيها النزعة الانفصالية منذ مطلع العقد الثاني، مقسومة بالتساوي بشأن الاستقلال.
لكنّ سبعين بالمئة من الكاتالونيين يرغبون في اجراء استفتاء قانوني وبموافقة الدولة الاسبانية حول حق تقرير المصير.
ومنذ السادس من سبتمبر لم تردع الملاحقات القانونية ولا عمليات التوقيف والدهم الانفصاليين في هذه النطقة التي يعيش فيها 16 بالمئة من سكان اسبانيا، عن تنظيم الاقتراع المحظور.
خلال مقابلة مع وكالة فرانس برس السبت، اوضح كارليس بيغديمونت انه يتحمل "مسؤولية كبيرة". واضاف "انها لحظة خطيرة، موضحًا في حال فاز مؤيدو الاستفتاء فستتخذ "قرارات سياسية" يمكن ان تؤدي الى صدور اعلان استقلال يدشن مرحلة "انتقالية" سيتفاوض خلالها على انفصال كاتالونيا.
وقال بيغديمونت (54 عامًا)، المؤيد للاستقلال والذي يترأس اقليم كاتالونيا منذ مطلع 2016 "يجب ان نتحادث. يجب ان نبدأ مفاوضات غير مشروطة. انها امنية جميع الكاتالونيين الذين يريدون التصويت والقيام بذلك في اطار حوار وبموجب اتفاق".
وفي هذه المقابلة مع فرانس برس التي استمرت 45 دقيقة واجريت ظهر السبت، ابدى بيغديمونت استعداده للتخلي عن الاستفتاء الذي منعته المحكمة الدستورية اذا وافقت حكومة المحافظ ماريانو راخوي على بدء مفاوضات تتيح في النهاية اجراء استفتاء قانوني.
وقال: "اذا قالت الدولة الاسبانية +فلنتفق على استفتاء+ سنوقف هذا الاستفتاء. نعم بالتأكيد، انه المسار الذي يأمل به جميع الكاتالونيين"، مؤكدًا انجاز كل التحضيرات للاستفتاء الذي تسعى مدريد الى منعه بأي ثمن.
وتحول الخلاف المرتبط بالاستفتاء بين الحكومة المركزية والمسؤولين الكاتالونيين إلى واحدة من أكبر الازمات التي تشهدها اسبانيا منذ عودة الديموقراطية إليها بعد وفاة الديكتاتور فرانسيسكو فرانكو في 1975.
وتعتبر كاتالونيا، التي يدفع قادتها باتجاه الاستقلال عن اسبانيا، إحدى ركائز الاقتصاد الاسباني المنتعش صناعيًا وسياحيًا، لكنه يرزح في المقابل تحت وطأة دين كبير.
لذلك تظاهر آلاف الاسبان السبت للاعتراض على الاستفتاء ورفع بعضهم لافتات كتب عليها "كاتالونيا هي اسبانيا".
التعليقات