تعتبر دولة الإمارات الأولى في التحرك لوضع إستراتيجية لتبني الثورة الصناعية الرابعة، وتشكيل مجلس لها، وتحويل الدولة إلى مختبر عالمي مفتوح وتشكيل حكومة تضم وزراء للذكاء الاصطناعي.

إيلاف من دبي: إنعقد في دبي يوم أمس السبت الاجتماع السنوي الثاني لمجالس المستقبل العالمية، والذي يهدف إلى صياغة رؤية مشتركة للثورة الصناعية الرابعة. 

وتحت عنوان "عولمة المعرفة في عالم متصدع" اجتمع أكثر من 700 من كبار الخبراء من جميع أنحاء العالم في الاجتماع الذي يعد واحدًا من أربعة إجتماعات سنوية يعقدها المنتدى الإقتصادي العالمي (دافوس) على مدار العام، وذلك بهدف وضع إستراتيجيات لمساعدة العالم على الاستعداد لمستقبل يحدده التغير التكنولوجي السريع، بالإضافة إلى تطوير رؤية لعالم مستدام ومتمحور حول الإنسان في المستقبل.

أهداف الدورة الثانية لهذا المجلس

ويركز أعضاء المجالس على مبادرات النظم الـ 14 التابعة للمنتدى، وتركز هذه الدورة على الحلول والأفكار التي يمكن تبنيها في الوقت الحاضر والتي من شأنها تعزيز التعاون الدولي والإستجابات المشتركة للتحديات العالمية، وتهدف إلى تسريع وتيرة التقدم في ما يخص التحديات الرئيسية التي تواجه الصناعة، وصانعي السياسات، والمجتمع، وتتناول مجالس أخرى أيضاً العوامل التمكينية البشرية والتكنولوجية للثورة الصناعية الرابعة. 

 

 

ومن بين هذه المجالس: مستقبل ورؤية 2030 للطاقة، رؤية 2030 للبيئة وأمن الوارد الطبيعية، مستقبل الصحة والرعاية الصحية، مستقبل التحسينات البشرية، مستقبل التكنولوجيا العصبية وعلوم الدماغ، مستقبل الإقتصاد الرقمي والمجتمع.

وتتيح الدورة الثانية لاجتماعات مجالس المستقبل هذا العام للجمهور إمكانية الوصول إلى خرائط التحول، وهي أداة معرفة ديناميكية تغطي أكثر من 100 من الصناعات والبلدان والقضايا التي تشكّل العالم الحديث.

مواكبة التغيرات المستقبلية

وفي سياق متصل، قالت وزيرة الدولة للعلوم المتقدمة في دولة الإمارات العربية المتحدة سارة الأميري لـ "إيلاف": "إن الاجتماعات السنوية لمجالس المستقبل العالمية مهمة جدا لمواكبة التغيرات المستقبلية، حيث تناقش التحديات المرافقة للثورة الصناعية الرابعة، مؤكدة أنه من خلال التغييرات في الأسلوب التعليمي نجهز اجيالا تواكب هذه التطورات".

 

 

وأضافت أنه "يتعين على الدول تهيئة سوق العمل لمهن المستقبل لمواكبة التغييرات في العالم وذلك من أجل بناء جيل قادر على مواكبة التغييرات بوتيرة سريعة".

وشاركت الرئيس المشارك للمؤتمر، محمد القرقاوي رأيه أن مستقبل الاقتصاد يكمن بالتحول إلى اقتصاد رقمي يواكب الثورة الاقتصادية الرابعة، مشيرة إلى أهمية وجود مثل هذه الاجتماعات التي تمكننا من مناقشة التحديات وإيجاد الحلول والسبل للتطور المستقبلي.

وفي ما يتعلق باستراتيجية الإمارات في هذا النحو، قالت الاميري: "إن الدولة بنت استراتيجية تواكب التغيرات السريعة التي تطرأ بشكل يومي، وأساسها العلوم والتكنولوجيا المتقدمة، وفي إطارها تمت إعادة تشكيل مجلس الوزراء واستحداث ملفات جديدة من ضمنها العلوم المتقدمة والذكاء الاصطناعي والأمن الغذائي وملف المهارات المتقدمة "وكلها تصب في مواكبة التطورات واستشراف المستقبل".

 

 

قيادة العصر المقبل

وفي الإطار عينه، أكد وزير الدولة للذكاء الاصطناعي، عمر بن سلطان العلماء، أن مفهوم الذكاء الاصطناعي قائم على التكنولوجيا كمكون اساسي في جميع القطاعات. وقال لـ "إيلاف": "نريد أن نكون مستعدين لهذه الثورة، نحن في البدايات، والذي يتحكم بالذكاء الصناعي يقود العصر المقبل. ولذلك نعمل على وضع الأطر التنظيمية والبيئة التشريعية وموائمة كل الجهود للتطبيقات الإيجابية".

وأضاف أن اجتماعات مجالس المستقبل العالمية، التي يشارك فيها أفضل الخبراء في العالم في مجال الذكاء الاصطناعي، تمكن من وضع استراتيجيات ورسم سياسات للدول على المستوى الوطني وتطبيقها بشكل فاعل.

كما أشار العلماء إلى الدور الهام لوسائل الإعلام في نشر الوعي حول أهمية الذكاء الإصطناعي وذلك لتعميم هذا المفهوم في الوطن العربي الامر الذي يساهم في تفعيل دوربلادنا في هذا المجال وإمكانية ريادتنا له. وأردف أنه على وزارات التربية والتعليم العالي مسؤولية تتركز في إضافة مفاهيم الذكاء الإصطناعي وأدواته في المناهج التعليمية خصوصاً أن الجيل الحالي من الطلاب والجيل القادم هم بناة المستقبل.

الاستعداد للثورة الصناعية الرابعة

وكان عضو مجلس الوزراء الاماراتي، وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، الرئيس المشارك للمؤتمر، محمد القرقاوي، أكد أن من وصفهم بـ "مستشرفي المستقبل" سيستعرضون حصيلة اجتماعات المجالس من العام الماضي، وما توفره الثورة الصناعية الرابعة للبشرية، موضحاً أن الإمارات تأتي في مقدمة دول العالم التي بادرت للاستعداد للثورة الصناعية الرابعة والتعامل مع التحولات التي يتوقع أن تحدثها هذه الثورة على مختلف نواحي الحياة.

وشرح أن الإمارات تحركت لوضع استراتيجية لتبني الثورة الصناعية الرابعة عبر تشكيل مجلس لها، والتحول إلى مختبر عالمي مفتوح لتطبيقات الثورة الصناعية الرابعة، وذلك من خلال تكوين حكومة تنسجم مع متطلباتها وتعيين وزراء للذكاء الاصطناعي والعلوم والصناعات المتقدمة والأمن المائي والغذائي. 

وتابع القرقاوي خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، أن التغيير غيرالمسبوق الذي ستحدثه الثورة الصناعية الرابعة في القطاعات، ونماذج الأعمال المدعومة من الذكاء الاصطناعي، وفعالية التعليم سيضاعف حجم النمو السنوي لاقتصاد الدول، ويرفع كفاءة القوى العاملة بنسبة 40 بالمئة بحلول عام 2035.

وتوقع أن يبلغ اقتصاد التنقل الذاتي (المركبات ذاتية الحركة) 7 تريليونات دولار، وأضاف أن إنترنت الأشياء وحده سيساهم بحوالي 10 إلى 15 تريليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي العالمي على مدى السنوات العشرين المقبلة، في حين سيساهم التغيير في زيادة كفاءة الطاقة عالميا.

 

الشيخ محمد بن راشد وكلاوس شواب

 

وأشار إلى إمكانية ظهور قوى اقتصادية جديدة وارتفاع المنافسة التجارية العالمية التي تحددها القدرة التنافسية المبنية على التطور التكنولوجي والقدرة على الابتكار.

أكبر جلسة عصف ذهني حول المستقبل

بدوره، وصف كلاوس شواب، المؤسس التنفيذي للمنتدى الإقتصادي العالمي، الاجتماعات بأنها "أكبر جلسة عصف ذهني حول المستقبل"، مؤكدا أهمية استثمار المشاركين للتكنولوجيا وتسخيرها في تشكيل المستقبل بطريقة بناءة ومنتجة. وأكد أن الاجتماعات ستتمخض عنها أفكار ومبادرات جديدة سيتم البناء عليها وتضمينها لأجندة المنتدى الاقتصادي العالمي في اجتماعه السنوي المقبل في منتجع دافوس السويسري.

 

كلاوس شواب، المؤسس التنفيذي للمنتدى الإقتصادي العالمي

 

وقال شواب: "إن القوة الإيجابية للعلوم تكمن في مواجهة أكبر التحديات في عصرنا وأنه يتعين على قادة المؤسسات العالمية النظر للعالم لاعتباره "نظاما بيئيا شاملا" للترابط العالمي وذلك لتسخير القوة التحويلية للتكنولوجيات الجديدة لبناء مستقبل مستدام".

وأشار إلى الحاجة إلى نمط جديد من "الحوكمة النشطة"، يتعاون من خلالها قادة الأعمال والحكومات والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني من أجل وضع المبادئ والبروتوكولات اللازمة لضمان تمحور التكنولوجيات الناشئة حول الإنسان خدمتها للمجتمع.