إيلاف من الرباط : أسفرت الجولة الجديدة من الحوار الليبي-الليبي،التي جمعت مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة،الاربعاء بمدينة بوزنيقة(جنوب الرباط)المغربية،عن اتفاق محوري يهدف إلى تجاوز حالة الجمود السياسي التي تعصف بالبلاد ووضع أسس للمرحلة التمهيدية نحو الاستحقاقات الانتخابية المنتظرة.

ملامح الاتفاق وأهم توصياته

ينبني الاتفاق، الذي أعلنت تفاصيله سارة السويح، عضو مجلس النواب الليبي، في مؤتمر صحفي مساء الاربعاء ، على مجموعة من المرجعيات، أبرزها الإعلان الدستوري وتعديلاته، وفق الاتفاق السياسي الليبي بالصخيرات، وقرارات مجلس الأمن، إضافة إلى مخرجات لقاء القاهرة بين المجلسين، واتفاق جنيف.

ونص الاتفاق على إعادة تشكيل السلطة التنفيذية، اعتمادًا على المادة الرابعة من الاتفاق السياسي الليبي، حيث سيتم تشكيل لجنة مشتركة مكلفة التواصل مع الأطراف المحلية والدولية، ومراجعة آليات اختيار السلطة التنفيذية الجديدة.

وتهدف هذه اللجنة إلى تعزيز الشفافية واللامركزية لضمان تشكيل حكومة مؤقتة تعمل على تهيئة البلاد للانتخابات.

كما نص على مشاريع وطنية استراتيجية، منها إطلاق مشروع التعداد الوطني ومشروع "انطلاقة" لإعادة تنظيم الرقم الوطني، بما يساهم في تحسين إدارة البيانات الوطنية، تمهيدًا لتنظيم انتخابات شفافة وفعالة.

ونص الاتفاق كذلك على الإصلاح الاقتصادي والمالي، وفي هذا البند سيتم تشكيل لجنة لدراسة معايير توزيع موازنات التنمية بين المناطق الليبية، بما يحقق التوازن والعدالة، مع معالجة الاختلالات الاقتصادية.إضافة إلى وضع خطط لدعم الهياكل المحلية، وتعزيز الشفافية، ومكافحة الفساد.

وجرى الاتفاق ايضا على تشكيل لجنة لمتابعة الأموال المهربة وغسل الأموال، مهمتها متابعة ملف الأموال المهربة وغسل الأموال، مع اقتر اح التشريعات الخاصة بذلك ومتابعة تنفيذها.

وبشأن الملف الأمني ،جرى الاتفاق على تنسيق الجهود بين المجلسين لدعم عمل اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، وإزالة العوائق أمام استكمال مهامها.ووضع خطة لاستعادة سيطرة الدولة على الحدود والمعابر والموانئ، وتعزيز الأمن القومي.

وبخصوص المناصب السيادية، جرى الاتفاق على تشكيل لجنة لإعادة النظر في معايير اختيار شاغلي المناصب السيادية، مع وضع آليات واضحة للترشيح والاختيار بما يضمن تحقيق توافق وطني.

وفيما يتعلق بإلزامية التقارير الزمنية، جرى التنصيص في هذا الصدد على الاتفاق على تقديم اللجان تقاريرها النهائية لاعتمادها من المجلسين في غضون شهر من أول اجتماع لها.

انعكاسات الاتفاق على العملية السياسية

يشكل هذا الاتفاق خطوة محورية نحو تحقيق استقرار سياسي مستدام في ليبيا، حيث يسعى لتجاوز العقبات التي تعيق الانتخابات وخلق أرضية مشتركة بين الأطراف الليبية. كما ان التركيز على الإصلاحات الاقتصادية والأمنية يعكس وعيًا بالأولويات الملحة التي تهم المواطن الليبي وتؤسس لبنية تحتية قادرة على احتواء الأزمات.

إلى جانب ذلك، يُبرز الاتفاق التزام الأطراف بتهيئة الظروف الملائمة لتنظيم انتخابات شفافة وشاملة تُنهي المرحلة الانتقالية وتُرسخ مؤسسات دائمة قادرة على العمل بكفاءة.

المغرب شريك موثوق في تقريب وجهات النظر

واستحضرت الأطراف الدور المحوري الذي لعبته المملكة المغربية في إنجاح هذه الجولة من الحوار، حيث وفرت أجواء ملائمة لتبادل الآراء والنقاشات البناءة. وأعربت السويح عن شكرها وامتنانها للجهود المغربية، مشيدة بالدور الذي يقوم به المغرب، بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس، في دعم الحوار الليبي-الليبي دون التدخل في الشأن الداخلي، ما أكسب هذه اللقاءات طابعًا من الحيادية والثقة.

الخطوات القادمة للاطراف

من المنتظر أن يحضر رئيسا مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، عقيلة صالح وخالد المشري، إلى بوزنيقة غدًا الخميس للتوقيع الرسمي على الاتفاق وإصدار البيان الختامي. كما ستتواصل المشاورات في درنة نهاية شهر يناير (كانون الثاني) المقبل لمتابعة تنفيذ مضامين الاتفاق.

ويجسد اتفاق بوزنيقة خطوة إيجابية نحو إنهاء حالة الانقسام السياسي في ليبيا، مع التركيز على إعادة بناء الثقة بين الفرقاء. وإذا تم تنفيذ مضامين هذا الاتفاق بحزم وجدية، فإنه قد يمهد الطريق نحو بناء دولة ليبية مستقرة تُحقق تطلعات شعبها في الأمن والتنمية والديمقراطية.