الرباط: قال نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال المغربي إن خروج الحزب من الحكومة السابقة التي كان يرأسها عبد الإله ابن كيران كان خطأ سياسيا، على اعتبار أن الحزب لم يستثمر هذا الخروج، وكان عليه تقديم بدائل.
و أضاف بركة في حديث ادلى به للقناة المغربية الأولى الليلة الماضية "أي حزب يطمح لتطبيق برنامجه الانتخابي على أرض الواقع، ويدفع الناس للانخراط في السياسية، والإشكال الحقيقي الذي كان مطروحا هو ما الذي جنيناه بهذا الخروج".
المساندة النقدية
و بخصوص تموقع الحزب في المشهد السياسي الحالي، اعتبر الأمين العام أن "الاستقلال" هو حزب مؤسسات، تتمثل بالأساس في المجلس الوطني الذي قرر مساندة حزب العدالة والتنمية، و الذي يقود الحكومة على أساس الانخراط فيها، فهو يتخذ اليوم موقف المساندة النقدية، في انتظار اجتماع المجلس للبث في مسألة الاستمرار في نفس النهج أو اتخاذ موقف مغاير.
و حول انتخابه أمينا عاما لحزب الاستقلال، أوضح أن غيرته على الحزب دفعته للترشح للمنصب، فضلا عن تلبيته لرغبة العديد من المناضلين من أجل تعزيز حضور الحزب في المشهد السياسي المغربي، خاصة أن التحليل الموضوعي لوضعية الحزب استوجب تغيير السياسة التي تم الأخذ بها خلال الولاية السابقة.
و أفاد أن الحزب عرف تطورا ملحوظا، اتسم بوجود محطة سجلتإيجابيات وسلبيات، وهو ما جعل مناضليه يتساءلون حول إمكانية تراجع الحزب أو تقويته إذا ما استمرت نفس السياسة المتبعة.
مواقف متناقضة
و أضاف المتحدث قائلا"من الضروري وجود تغيير بناء على تصور مستقبلي، مع ضرورة الوصول لمصالحة حقيقة و هو ما حققناه، خاصة أن العديد من الإخوان فضلوا عدم المساهمة، لكننا توصلنا لتوحيد الصفوف، وسجلنا وقوع تراجعات في الانتخابات التشريعية، وضيعنا الانتخابات الجماعية والجهوية، وفقدنا 30 بالمائة من الأصوات التي كنا نحصل عليها، إضافة إلى أن الحزب أخذ مواقف متناقضة، بوجودنا في الحكومة والخروج منها، التحقنا بأحزاب المعارضة، قررنا أن نتقرب من أحزاب الأغلبية بعد الانتخابات الجماعية والجهوية ، ثم قدنا حملة ضد "العدالة والتنمية "في الانتخابات التشريعية، إلى أن وصل الحزب لوضعية عزلة شيئا ما، وكان من الضروري أن نعيد النظر".
و اعتبر بركة أن انتخابات الأمانة العامة جعلته يستنتج ثلاثة أمور أساسية، تشير لامتلاك الحزب لمقومات كثيرة و أطر عليا وقدرات للنجاح مستقبلا، وهو ما تجلى من خلال البعد التشاركي الذي لمسه من خلال اللقاءات الميدانية وتفاعل المتدخلين.
استرجاع مكانة الحزب
و زاد الامين العام لحزب الاستقلال قائلا"الأساسي بالنسبة لنا هو أن نسترجع مكانتنا، ونساهم في إعطاء الحلول و تقديم المبادرات وأن نكون قوة اقتراحية حقيقية، نعمل على تأطير المواطنين عن طريق حكامة جيدة، تمكننا من تطوير أدائنا على الصعيد المحلي والوطني".
و بشأن حادثة التراشق بالصحون خلال انعقاد المؤتمر 17 للحزب الذي عقد ما بين 29 سبتمبر و اول أكتوبر الماضي، والذي شهد انتخاب بركة أمينا عاما، اعتبر المتحدث أن ما وقع تم تضخيمه، خاصة أن المؤتمر كان ناجحا، ولا يمكن اختزاله في هذه الواقعة، و ربط الأمر بظاهرة العنف التي ينبغي تجاوزها بثقافة الحوار.
و حول قدرته على بسط نفوذه في ظل وجود قوى قيادية أخرى، منها تيار حمدي ولد الرشيد الذي تجاوز مكانته العادية كعضو في اللجنة التنفيذية، قال نزار بركة"المؤتمر لم يكن سهلا، والإشكالية المطروحة تمثلت في انعقاده. كان من المفروض أن ينظم في شهر مارس وتأجل لمرات عديدة إلى أن نظم في سبتمبر ، ولد الرشيد لعب دورا أساسيا في انعقاده، لدينا فريق عمل ،ونحن نشتغل في إطار واضح، لا وجود لمنطق الانفراد بالقرار والهيمنة في قيادة الاستقلال".
بطء العمل الحكومي
وعن تقييمه لعمل الحكومة الحالية، انتقد بركة عدم وجود حوار اجتماعي حقيقي في المغرب، خاصة أن رئيسها سعد الدين العثماني نادى بضرورة إحيائه ومأسسته، على أساس تفاوض بغية الوصول لتعاقدات وهو ما لم يتحقق في عهد عبد الإله ابن كيران.
وأضاف بركة قائلا"نفس الشيء حصل بالنسبة للتقاعد، في يناير 2013 حينما كنت وزيرا للاقتصاد والمالية في عهد ابن كيران(قبل الخروج من الحكومة ) ، كان من المفروض أن نذهب باتجاه إصلاح شمولي وليس جزئي، في السنة ذاتها، وعلى صعيد آخر، تبين أن عددا من المقاولات الصغرى والمتوسطة تعاني من مشكل أجل الأداءات، خرجنا من الحكومة، و في سنة 2016 سجل إقفال أكثر من 35 مقاولة نتيجة بطء العمل الحكومي، وهو بطء غير مقبول في أي حكومة مسؤولة كيف ما كانت".
وتعليقا على مصطلح"الزلزال السياسي" الذي ارتبط بإعفاء الملك محمد السادس لوزراء على خلفية تعثر مشروع"الحسيمة.. منارة المتوسط"، قال الأمين العام لحزب الاستقلال إن العاهل المغربي طبق مبدأ دستوريا مهما وهو ربط المسؤولية بالمحاسبة، لينشأ مفهوم جديد يشمل المسؤولية السياسية، خاصة أن الأمر يتعلق برأي عام، له آمال وانتظارات يطمح لتحقيقها على أرض الواقع.
و اعتبر بركة أن الإشكال المطروح حاليا هو كيفية تجاوب الحكومة مع المواطنين وتعزيز مبدإ الثقة مع المنعشين الاقتصاديين، خاصة ان سياسة الحكومة لا ترقى إلى المستوى المطلوب، وبالتالي فقد أضحى من الضروري وجود نموذج جديد للتنمية، تنخرط فيه كافة الفعاليات، كما نادى بذلك الملك محمد السادس.
و أكد نزار بركة أن المغرب عرف تطورا مهما خلال العشرين سنة الماضية، حقق من خلالها إنجازات على مستوى النمو وتراجع الفقر، لكن ذلك يصطدم بانعدام وجود الثقة من طرف المواطنين الذين لا يلمسون التغيرات الحاصلة.
في المقابل، انتقد تزايد نسبة البطالة في صفوف الشباب المغربي، والتي تستوجب توفير حلول للحد منها عن طريق إعادة النظر في المنظومة التعليمية و دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، يضيف قائلا"سابقا، كنا نساهم في توفير ما بين 40 الفا و150 الف فرصة شغل، ليتقلص العدد حاليا إلى 46 الفا. بطالة الشباب وصلت لـ45 بالمائة . في المجال الحضري، تبلغ 4 إلى 5 بالمائة في صفوف الشباب الذين لا يحملون شهادات عليا في مقابل 14 إلى 15 بالمائة لدى حامليها".
و بخصوص مشروع قانون المالية لسنة 2018، قال إن الإعفاءات الضريبية بالنسبة للمقاولات غير كافية في ظل غياب منظور شمولي، على اعتبار أن الحكومة سبق لها أن وضعت منظومة وطنية للاشتغال عليها لكن لم تتم بلورتها، فضلا عن غياب منظومة استراتيجية للتنمية المستدامة في هذا المشروع. و افاد أن اعتماد ضرائب جديدة على المحروقات ليس من شأنه تحسين القدرة الشرائية للمواطنين.
تقليص الفوارق
و حذر الأمين العام لحزب الاستقلال من ظاهرة اندحار الطبقة المتوسطة، إضافة إلى "التوريث الجيني للفقر"، حيث أن أبناء الفقراء يجدون صعوبة كبيرة في تحسين وضعيتهم المعيشية والمادية. وطالب في غضون ذلك بضرورة تفعيل مبدأ الجهوية المتقدمة على أساس وجود تعاقد بين الدولة والجهات والتنسيق بين البرامج الحكومية والقطاعية.
و أكد أن القانون التنظيمي للجهات يرمي إلى تقليص الفوارق الاجتماعية ويدفع باتجاه دعم الجهات الفقيرة، و هو ما يتأتى بوجود رؤية محددة وواضحة تصوغها الحكومة، وتمكن المواطنين من ملاحظة الفرق الحاصل، من خلال فك العزلة عن القرى ، والذي شمل فعليا 3 ملايين نسمة، لكن الأمر يستوجب المزيد من العمل بإنشاء المرافق الضرورية من طرق ومستشفيات ومدارس.
التعليقات