قال وزير الدولة اليمني عثمان مجلي في مقابلة مع "إيلاف" إن التصعيد العسكري في اليمن هو الحل الأخير والأمثل للخروج باليمن من هذه الأزمة.&
إيلاف من الرياض: أوضح مجلي، خلال حديث موسع مع "إيلاف"، أن لا هدف للحوثيين من نشوء حركتهم هذه عدا تضليل المجتمع اليمني بالأفكار الإيرانية الهدّامة، التي تسيء إلى نهج الدين الصحيح، قبل أن تسيء إلى السلام اليمني.
وبيّن الوزير والبرلماني وأحد قيادات محافظة صعدة والمؤتمر الشعبي أن الدور الإيراني في المنطقة تمثل في الدعم المادي في بداية الحركة وانتهاء بالدعم العسكري في أواخر عام 2012، وركز مجلي على أسباب عدم نجاح مباحثات جنيف، التي عقدت في الرابع عشر من يونيو 2017.
نشوء الحركة الحوثية&
بداية قال مجلي إن الحركة الحوثية نشأت في اليمن في أوائل الثمانينات عندما ذهب المبعوث الحوثي مع مجموعة من القيادة السابقة إلى إيران، وتحديدًا في عام 1982، وبعد عودتهم إلى اليمن في عام 1984 تمت ملاحقتهم من قبل النظام السابق في عهد المخلوع علي عبدالله صالح، بتهمة امتلاكهم معلومات أمنية تخص الحركة الحوثية الإيرانية، ومكث الحوثيين حينها في اليمن حتى عام 1984، ثم بعد ذلك قرروا العودة إلى إيران مباشرة بعد تضييق الخناق عليهم من قبل القيادة السابقة في اليمن.
بعد الوحدة اليمنية في عام 1991، قامت الحركة الحوثية في محافظة صعدة &- والتي تبعد عن صنعاء مسافة 240 كم شمالًا - &بتشكيل تنظيم أطلق عليه اسم (حركة الشباب المؤمن)، وهي حركة سياسية دينية مسلحة، عرفت في ما بعد باسم "الحوثيين" نسبة إلى مؤسسها بدر الدين الحوثي، إذ قاموا بممارسة نشاطاتهم، التي تمثلت في التمكين من استقطاب الشباب والقبائل والوجاهات الاجتماعية في صعدة وتفويجهم إلى سوريا ولبنان وإيران، واستمرت مساعيهم إلى الجيل الثاني، بقيادة حسين بدر الدين الحوثي الذي قام بتوسيع نشاطه خارج منطقة صعدة، وبتأسيس مراكز مماثلة لمركزه في محافظات عدة.
وفي عام 2000، وبعدما باتت العلاقة بين الحركة الحوثية وايران واضحة الملامح بدأت شرارة الحرب، إذ أعلنت الحركة الحوثية تمردها، الذي تمثل في التحريض المسلح ومقاومة السلطات في محافظة صعدة، ورغم محاولة السلطة آنذاك التصدي للحركة، إلا أنهم قاوموها بالسلاح والاعتداء، واستمروا على هذا المنوال حتى ساروا بالمنطقة إلى ما هي عليه اليوم.
أضاف مجلي: "لم يكن للحوثيين هدف آخر من نشوء هذه الحركة عدا تضليل المجتمع اليمني بالأفكار الإيرانية الهدامة التي تسيء إلى نهج الدين الصحيح قبل أن تسيء إلى السلام اليمني".
تواطؤ صالح
وحول حقيقة تواطؤ الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح مع الحوثيين، قال الوزير مجلي: "في بداية الأمر كان صالح يحاول السيطرة على ميليشيات الحوثي، ودخل معهم في صراعات طويلة شهدتها المنطقة، إلا أن محاولاته باءت بالفشل، لأسباب عدة، أهمها أنه كان محاطًا ومخترقًا من قبل لوبي اندسّ داخل حزب المؤتمر الشعبي، إذ أثنوه عن الكثير من القرارات، بغرض تسهيل تحركات ميليشيا الحوثي في داخل البلاد".
أما عن تواطؤه فقد جاء ذلك على مراحل، إذ قام المخلوع صالح بتغيير الدفة إلى اتجاه آخر، وهو التحالف مع هذه الحركة، ودعمهم ماديًا، ظنًا منه أنه سيحقق بذلك توازنًا سياسيًا ومذهبيًا في داخل المجتمع اليمني، مع يقينه بأن التحالف مع هذه الجماعات غير مجد، كما كان يردد مقولته إن ذلك أشبه بالرقص فوق رؤوس الثعابين. وبالفعل لم يزيدهم ذلك إلا تمردًا واستعداءً للسلطة، وهو ما جعل المخلوع يقطع عنهم كل الإمدادات والدعم.
وفي عام 2013 عاد الرئيس المخلوع إلى التحالف رسميًا مع الحركة الحوثية، حيث اتخذ الموقف نكاية ببعض الشخصيات والتنظيمات التي خرجت عن سيطرته، وما كان للحوثي سوى الانقلاب عليه وإعلان الانشقاق، حتى سلبوا هيبته، وما كان يعتمد عليه من قوة عسكرية.
على خلفية ما تردده وسائل الإعلام بأن محافظة صعدة هي المعقل الرئيس لميليشيات الحوثي نفى مجلي ذلك قائلًا: إن محافظة صعدة من أكثر المحافظات التي شهدت معارك ونزاعات، وأثبتت صمودها على مدار 8 أعوام، وكانت أكثرها مواجهة لتمرد ميليشيات الحوثي، وليس كما يشار اإليها في بعض وسائل الإعلام، في حين أن المخلوع صالح كان يقف موقف المتفرج أمام تلك النزاعات في صعدة، مشيرًا إلى أن ذلك دليل على سوء إدارته العسكرية للموقف.
الدور الإيراني
وردًا على سؤال "إيلاف" عن حقيقة الدور الإيراني في اليمن، وعن بداية ملامحه، قال مجلي: "إن ملامح التغلغل الإيراني ظهرت في اليمن بقوة عام 1982 مع بداية نشوء الحركة الحوثية، حتى تطور هذا التدخل، وأصبح سافرًا بعد الانقلاب الأخير، إذ تقوم إيران بإرسال بواخر محمّلة بالعناصر والأسلحة والذخائر إلى ميناء صعدة جهارًا، ويبدو ذلك واضحًا كعين الشمس".
أضاف أن إيران تسعى بشكل كبير إلى تعزيز نفوذها الإقليمي وتوسيع المشروع الفارسي، ويبدو ذلك جليًا من خلال دعمها للميليشيات والتنظيمات السياسية والمسلحة في المنطقة العربية بشكل عام، كما هو ظاهر في تدخلها في العراق واليمن ولبنان والإمارات والسعودية وغيرها، حتى امتدت أذرعها إلى القرن الأفريقي، بغرض ضرب الاستقرار وإخضاع المنطقة العربية والإسلامية تحت مشروعها.&
ودعا الدول العربية إلى الحفاظ على كيانها العربي والإسلامي وملء الثغرات بالوحدة لصد هذا المشروع الهدام والتصدي لممارسات إيران الاستعدائية، موضحًا أن كسر هذا المشروع في اليمن يعني كسره في كل مكان، وفي المقابل فإن انتصار المشروع الفارسي في اليمن سيكون انتصارًا له في كل مكان.
قبول التفاوض خطأ
حول مباحثات جنيف بشأن اليمن، وعن حالة الشد والجذب التي تلت المؤتمر، قال مجلي إن "كل نقاش مع هذه الميليشيات هو نقاش عقيم، وهذه ليست أول محاولة، إذ كان ذلك واضحًا منذ عام 2004 عندما فشلت الحكومة في التحاور معهم بكل الأشكال.&
ويرى مجلي أن هذه المباحثات لم تنجح، ولن تنجح أي مباحثات أخرى مع هذا التنظيم الإرهابي، وأن فشل التفاوض بدا واضحًا قبل الجلوس معهم، بل يرى قبول التشاور مع هذا التنظيم في طاولة واحدة معيبًا في حق اليمنيين، ومجرد قبول التحاور معهم هو اعترافًا بالميليشيا الحوثية ككيان سياسي، بينما لا فرق بينهم وبين تنظيم داعش، إلا أن الأخيرة مدعومة من جهة غير معلومة، والحوثي تنظيم إرهابي بامتياز تدعمه إيران.
أضاف بقوله: "نعترف بالخطأ الذي اقترفناه خلال جلسة التشاور هذه، لأننا مؤمنون أن الحوثي لن يقبل بأي حوار قبل أن تنفذ أجندات أسيادهم في طهران"، مؤكدًا أنهم ليسوا على استعداد آخر للدخول معهم في مفاوضات جديدة قبل أن يقدمو اعترافًا بأنهم منظمة إرهابية، ويتم إثر ذلك تسليمهم إلى المحاكمة الدولية.
حول الوضع في الجنوب وحقيقة الخلافات بين القادة في الجنوب، قال الوزير عثمان لـ "إيلاف" إن غالبية مناطق الجنوب تم تحريرها من "وباء الحوثيين"، واستطاعت قوات المقاومة السيطرة على على محاور استراتيجية عدة فيها، وأتبعت التقدم في عملية طرد الميليشيات المتمردة من مناطق الجنوب والعمل على تطهيرها.
أما في ما يخص الخلافات الحالية بين قيادات الحراك في الجنوب، فأفاد بأن هناك فعلًا بعض الصراعات التي تشوب العلاقة بين القادة من تشكيك واتهامات، إلا أنها ستظل خلافات الأشقاء في بيت واحد، مهما كان نوع الخلاف وأسبابه، وأكد أن "على القادة في الجنوب أن ينظروا إلى ما هو أبعد وأهم، وهو القضاء على الحوثي واستعادة اليمن".
إهدار مساعي السلام&
في ما يتعلق بتجميد ملف المفاوضات السياسية إلى مطلع 2018، أفاد مجلي أن الحوثيين سبب هذا التجميد، لهدفهم الواضح في إفشال مساعي السلام، مؤكدًا أن المجتمع الدولي يعتقد من خلال هذا التجميد أنه يمنح طرفي النزاع فرصة للوصول إلى حل نهائي للأزمة، وقد تتم إجراءات تجبر الأطراف على تقديم تنازلات.&
وأوضح أن لا تنازلات جديدة في الطريق من قبل اليمنيين، إذ يرى أنهم قدموا تنازلات كثيرة، كان آخرها قبول التحاور والتفاوض معهم على طاولة واحدة.
اتهامات ضد نوايا التحالف
وحول الاتهامات التي تتعرّض لها قوات التحالف العربي بقيادة السعودية بأنهم سبب في تدمير اليمن ومقدراته، قال مجلي إن المقاومة الشرعية استطاعت بفضل التحالف العربي حتى الآن الحدّ من امتداد أطماع المشروع الإيراني الهدام، باعتبار الحوثي مجرد ذراع وأداة تستخدمه طهران، كما استطاعت الشرعية اليمنية تحقيق انتصارات سياسية وعسكرية واضحة منذ دعم التحالف العربي لليمن، وموقف السعودية، وسعيها إلى تطهير اليمن من الحوثيين ما هو إلا يقينًا منها بأهداف المدّ الصفوي الذي يسعى إلى التهام المنطقة العربية والإسلامية.
وبالنسبة إلى من يتهم الدولة السعودية ودول التحالف بـ"إبادة شعب اليمن وتدمير مقدراته"، فمواقفهم باتت واضحة للعيان، وهي شرعنة الانقلاب والقبول بهم ككيان سياسي، كما إن تلك المقدرات ليست لليمنيين، ولا تديرها مؤسسات شرعية، بل تابعة لإيران وأدواتها الحوثيين، فلا مقدرات لليمن هناك الآن سوى رجالها الشرفاء - بحسب قوله.
الحسم العسكري حلًا
اختتم الوزير عثمان مجلي حواره مع "إيلاف" بقوله إن الشرعية اليمنية لديها نهج سياسي وخطط خاصة بالسلام، كما تمتلك مخرجات حوار وطني وقرارات أممية متفق عليها من كل القيادات السياسية، مشددًا على أن لاحوارات ولا لغة تفاوض جديدة مع ميليشيا الحوثي، عدا التصعيد العسكري، وهو الحل الأخير والأمثل للخروج باليمن من هذه الأزمة.
التعليقات