وافق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على احترام سياسة "الصين الواحدة"، في اتصال هاتفي مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، حسبما أعلن البيت الأبيض. وسياسة الصين الواحدة تتلخص في الاعتراف بالموقف الصيني القائل إن "هناك صين واحدة فقط في العالم، وإن تايوان جزء لا يتجزأ من هذه الصين". وأثار ترامب الشكوك بشأن موقف الولايات المتحدة من هذه السياسة القائمة منذ فترة طويلة، حينما تحدث مباشرة مع رئيسة تايوان، تساي اينغ-وين، في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وكانت هذه الخطوة بمثابة انفصال رئيسي عن البروتوكول المعتاد، وأثارت شكوى رسمية من الصين. وكان الاتصال الذي أجراه ترامب بالرئيس الصيني هو الأول منذ تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة في 20 يناير/كانون الثاني الماضي، رغم اتصاله بالعديد من زعماء الدول الأخرى. وأوضح البيت الأبيض أن الرئيسان ناقشا خلال الاتصال مجموعة واسعة من القضايا، وأنه كان "وديا للغاية". كما ذكر البيت الأبيض أن كلا الزعيمين تبادلا الدعوة لزيارة بلد الآخر، وأعربا عن تطلعهما لإجراء المزيد من المحادثات. وأشادت الصين في بيان باعتراف ترامب بسياسة الصين الواحدة. ونقل البيان عن الرئيس جينبينغ قوله إن البلدين "شريكان متعاونان، وإنه من خلال الجهود المشتركة، يمكننا دفع العلاقات الثنائية إلى أفق تاريخي جديد." وجاء الاتصال عقب خطاب أرسله ترامب لنظيره الصيني يوم الخميس، وهو أول محاولة من الرئيس الأمريكي للتواصل المباشر مع نظيره الصيني. وأثار الرئيس ترامب ومسؤولوه انزعاج الصين بسبب تصريحات عدائية إزاء الممارسات التجارية للصين ووجودها العسكري المتزايد في منطقة بحر الصين الجنوبي. وقال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون في جلسة الاستماع التي عُقدت لتثبيت تعيينه إن الولايات المتحدة يجب أن تحظر الدخول إلى الجزر التي تشيدها الصين في المياه المتنازع عليها. والتزمت بكين بسياسة حذرة حتى الآن، وأعربت عن "قلقها الكبير" إزاء موقف ترامب من سياسة الصين الواحدة وتعهدت "بالدفاع عن حقوقها" في منطقة بحر الصين الجنوبي. لكن وسائل الإعلام الرسمية كانت أقل حذرا، ووجهت انتقادت شديدة اللهجة لترامب وقالت إنه "يلعب بالنار" بسبب موقفه من قضية تايوان. وتقول كاري غراتسي، محررة شؤون الصين في بي بي سي، إن محتوى الاتصال الهاتفي بين الرئيس ترامب والرئيس الصيني شين جينبينغ سيلقى ترحيبا في بكين باعتباره إشارة إلى العودة للمسار التقليدي للعلاقات بين الولايات المتحدة والصين. وقبل شهرين فقط بدا وكأن ترامب على استعداد لإعادة تشكيل العلاقة بين البلدين اللذين يمثلان أكبر اقتصادين في العالم. والأمر الأكثر إثارة للصدمة كان اتصال ترامب برئيسة تايوان وإشارته إلى أن تايوان قد تصبح ورقة مساومة في المفاوضات من أجل تحقيق بعض الأهداف الأمريكية. لكن العديد من مواطني الصين يعتبرون تايوان آخر جزء في الأراضي الإقليمية التابعة للصين، وأي تحرك آخر إزاء استقلال تايوان والاعتراف الدولي بها من شأنه أن يسبب إهانة خطيرة للرئيس الصيني نفسه. لكن الاتصال الذي أجراه ترامب يضع حدا لهذه المخاوف الصينية، إذ أن بكين نجحت الآن في الحصول على تعهد واضح ولا لبس فيه من إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، باحترام سياسة الصين الواحدة. لكن بعد كل التهديدات والوعود التي أطلقها ترامب بشأن الصين خلال الحملة الانتخابية، فإنه ليس من الواضح ما هي المكاسب التي قد تحصل عليها واشنطن في المقابل، إذا كانت هناك أي مكاسب على الإطلاق.
- آخر تحديث :
التعليقات