برلين: حذرت ألمانيا الولايات المتحدة الجمعة من المساس بتماسك الاتحاد الأوروبي والتخلي عن القيم الغربية والسعي إلى التقارب مع روسيا بشكل أحادي.

ففي خطاب صريح تناولت فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حضت وزيرة الدفاع الالمانية أورسولا فون دير ليان اثناء مؤتمر ميونيخ للأمن على عدم الاستخفاف بالروابط عبر المحيط الاطلسي.

قالت إن "أصدقاءنا الأميركيين يعرفون أن نبرتهم حيال أوروبا والحلف الأطلسي لها تأثير مباشر على تماسك قارتنا"، متابعة أن "اتحادا أوروبيا مستقرا هو لصالح الولايات المتحدة، وكذلك حلفا أطلسيا قويا وموحدا".

وأثارت مواقف ترامب الذي أثنى على قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي وانتقد الحلف الأطلسي وتبنى مقاربة اكثر تساهلا حيال روسيا، قلق الحلفاء الأوروبيين ما دفعهم الى طلب توضيحات من كبار مسؤوليه ان كانت السياسات الاميركية التقليدية الغيت بالفعل.

وسعيا الى تهدئة توتر الحلفاء ارسل البيت الابيض كبار ممثليه الى اوروبا هذا الاسبوع.

ومن المقرر ان يخاطب نائب الرئيس مايك بنس مؤتمر ميونيخ السبت غداة تاكيد وزير الدفاع جيمس ماتيس امام الحضور نفسه ان العلاقة بين ضفتي الأطلسي هي "الحصن المنيع" بوجه انعدام الاستقرار والعنف.

واكد ماتيس "إنني على ثقة بأننا سنعزز شراكاتنا ونواجه أولئك الذين يعمدون إلى مهاجمة أبرياء أو آلياتنا الديموقراطية وحرياتنا".

بالموازاة في بون حيث اختتم وزراء خارجية مجموعة العشرين لقاءات استغرقت يومين ادلى الوزير الاميركي ريكس تيلرسون بتصريحات مختصرة التزمت الخط الذي تعتمده الخارجية الاميركية لاسيما بخصوص كوريا الشمالية وروسيا.

وفيما يتخبط البيت الابيض في الجدل حول علاقاته المفترضة بالكرملين بدا تيلرسون حذرا في التعامل مع موسكو رغم تعهد ترامب العمل على تحسين العلاقات معها.

واكد وزير الخارجية الاميركي في اعقاب لقائه الاول مع نظيره الروسي سيرغي لافروف الخميس ان بلاده مستعدة للتعاون مع موسكو فقط في حال كان ذلك لمصلحة الولايات المتحدة. 

رفض المساواة 

في ميونيخ حذرت وزيرة الدفاع الالمانية الاميركيين من الاستخفاف بالعلاقات عبر الاطلسي مؤكدة ان على الاميركيين الا يساووا بين حلفائهم الغربيين وروسيا.

وقالت بهذا الصدد "لا يمكن الوقوف على مسافة واحدة من الحلفاء ومن أولئك الذين يشككون صراحة بقيمنا وحدودنا والقانون الدولي".

وتابعت أنه في حين تسعى الدول الحليفة ككل إلى إقامة علاقة جديرة بالثقة مع روسيا، فعليها ألا "تتجاوز الشركاء عبر مفاوضات ثنائية".

كذلك ذكرت فون در لاين واشنطن بالقيم الاساسية التي اجتمع حولها اعضاء الحلف الاطلسي جميعا، مؤكدة "الا مكان فيها اطلاقا للتعذيب. وهي تلزمنا بتفادي سقوط اي ضحية مدنية ما يعني توفير الحماية للذين يحتاجونها".

كما انتقدت الوزيرة الألمانية مرسوم ترامب الذي حظر دخول مهاجرين ومواطني سبع بلدان ذات غالبية مسلمة إلى الولايات المتحدة قبل ان يعلق القضاء مفاعيله ويعلن ترامب انه يدرس اصدار مرسوم جديد.

قالت فون دير ليان "يجب أن نتفادى تحويل مكافحة (الارهاب) إلى جبهة (مشتركة) ضد الإسلام والمسلمين، وإلا فإننا نجازف في تعميق الهوة التي تشكل تربة خصبة للعنف والإرهاب".

وحذرت بأنه في هذه الحالة "سنواجه خطر الغوص في مستنقع أعمق مع تزايد العنف والرعب. من المناسب عوض ذلك البحث عن شراكة مع دول مسلمة وعربية تفكر مثلنا".

عفا عليه الزمن

واذا كان ترامب أعلن بعد دخوله البيت الأبيض دعمه التام للحلف الأطلسي، إلا أنه وجه خلال الحملة الانتخابية انتقادات شديدة للحلف معتبرا أنه "عفا عليه الزمن".

كما دافع عن تقنية "الايهام بالغرق" في الاستجواب، واشاد مرارا ببوتين داعيا إلى تعاون أكبر مع روسيا، بما في ذلك في إطار التصدي لتنظيم الدولة الاسلامية في سوريا.

واثناء رئاسة باراك اوباما السابقة اصرت واشنطن على رحيل الرئيس السوري بشار الاسد ضمن اي حل محتمل للنزاع. لكن ترامب دعا الى تعزيز التعاون مع موسكو مخففا من اهمية مسألة مصير الأسد.

بدأت مفاوضات جنيف حول تسوية سياسية للنزاع في سوريا في العام 2016 لكن ثلاث جولات من المفاوضات برعاية الامم المتحدة لم تحقق اي تقدم نتيجة التباعد الكبير في وجهات النظر.

بموازاة ذلك، اتخذت روسيا حليفة دمشق المبادرة على الصعيد الدبلوماسي في الملف السوري بعدما استعادت قوات النظام مدعومة بطيرانها الحربي مدينة حلب من الفصائل المقاتلة، ورعت مع إيران وتركيا محادثات في أستانا عاصمة كازاخستان.

وافاد مصدر غربي أن تيلرسون كان واضحا للغاية حيال ضرورة توجيه رسائل إلى الروس، وقال المصدر "شرح لنا أنه لن يكون هناك تعاون عسكري مع الروس طالما أنهم لم ينأوا بأنفسهم عن موقف دمشق بشأن المعارضة".

ويعتبر نظام دمشق جميع الفصائل المعارضة "إرهابية"، وهو ما أكده الرئيس بشار الأسد مجددا في مقابلة مع وسائل إعلام فرنسية نشرت الخميس.