«إيلاف» من القاهرة:&في 29 مارس الماضي، انعقدت القمة العربية الثامنة والعشرون وسط أجواء تعصف بالمنطقة، وخلافات حادة بين الأنظمة الحاكمة، وانقسام حاد ما بين الطوائف والفئات عرقيًا وسياسيًا. ورغم محاولة الأردن رأب الصدع، وبذل الملك عبد الله بن الحسين جهودًا كبيرة في لمّ الشمل، وجمع أكبر عدد من القادة العرب، إلا أن القمة خرجت باهتة وجاءت قراراتها هزيلة،&لاسيما أن الأزمات التي تعاني منها المنطقة أكبر من أن تحتويها جلسة أو مجموعة&جلسات للقادة العرب.
ووفقًا لنتائج استفتاء "إيلاف" الأسبوعي، فإن القمم العربية لم تعد مؤثرة في القرار العربي. وطرحت "إيلاف" على القراء السؤال التالي: "هل بقي للقمم العربية من مكان في القرار العربي؟ وخيّرتهم بين "نعم" و"لا".
شارك 1260 قارئًا في الاستفتاء، وانحازت الأغلبية الكاسحة لخيار "لا"، وتقدر بـ1169 قارئًا بنسبة 93 بالمائة، معتبرة أن القمم العربية لم يعد لها أي تأثير واضح في القرارات العربية في ما يخص الأزمات التي تضرب مختلف دول المنطقة.
بينما تمسكت الأقلية بالتفاؤل، وانحازت لخيار "نعم"، وتقدر بـ91 قارئًا، بنسبة 7 بالمائة من إجمالي المشاركين في الاستفتاء.
رغم الجهود التي بذلتها الحكومة الأردنية، والملك عبد الله الثاني من أجل انجاح القمة، إلا أنها خرجت باهتة، ولم تستطع تجميل الواقع العربي، لاسيما في ظل طفح الخلافات على اجتماع القادة العرب، فقاطع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كلمة أمير قطر تميم بن حمد بن خليفة، وعقد مع الملك سلمان بن عبد العزيز اجتماعًا أثناء الكلمة. واندلعت عمليات تلاسن إعلامي في مصر وقطر، على خلفية القمة.
ولم تقدم القمة أية حلول حقيقية لأزمات سوريا والعراق وليبيا واليمن والصومال وفلسطين، وخرجت قرارات في صيغة "دعوات" و"تجديد إدانات".
وأثارت القمة غضب وسخرية الشعوب العربية من المحيط للخليج، وأطلق نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي هشتاغ "قمة الفشل"، وضم أكثر من 76 ألف تغريدة على موقع تويتر للتغريدات القصيرة.
ووفقًا للدكتور مصطفى محمود، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، فإن القمة العربية الثامنة والعشرين، لم تكن قمة قرارات مصيرية، مشيرًا إلى أن الأزمات التي تعاني منها المنطقة لا يمكن حلها في اجتماع واحد للقادة العرب.
وأضاف لـ"إيلاف" أن القادة العرب بينهم خلافات واضحة، لن تمحوها إلا السنوات الطويلة، وتحتاج إلى جهود مضنية من أجل لمّ الشمل، لاسيما أن تلك الخلافات أدت إلى تدمير بلدان كاملة واسقاط دول، ومقتل مئات الآلاف في سوريا وليبيا واليمن والعراق.
وأشار إلى أن قضية الإرهاب تشكل أزمة حقيقية تقسم الدول العربية، لافتاً إلى أن هناك اتهامات متبادلة بين الأنظمة العربية برعاية ودعم الجماعات الإرهابية، سواء في ليبيا أو مصر أو اليمن أو العراق أو سوريا أو السودان، وكل طرف يقدم ما يعتقد أنها أدلة ضد الطرف الآخر، ويتخذ مواقف سياسية تضر الشعوب العربية، وتؤدي إلى مزيد من التدمير.
وحسب وجهة نظر محمود، فإن القمم العربية لم يعد لها مكان في القرارات المصيرية في المنطقة العربية، بل أصبحت القوى الإقليمية والدولية هي ما تتحكم في مصائر شعوب المنطقة. وأضاف أن الأزمة السورية خير مثال، موضحًا أن ما يتحكم في مصير سوريا الآن هي أميركا وروسيا وإيران وتركيا وفرنسا، وليس الدول العربية.
انعقاد القمة العربية الثامنة والعشرين في هذه الظروف يعتبر نجاحًا في حد ذاته، وقال السفير محمد عبد العزيز، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إن الحفاظ على انعقاد أعمال القمة محاولة جادة من الأردن للحفاظ على ما بقي من تماسك عربي.
وأضاف لـ"إيلاف" القمة نجحت في إزالة الخلافات بين مصر والسعودية، وهذا انجاز كبير، وقربت في وجهات النظر بين لبنان والسعودية أيضًا، وأكدت على الثوابت الأصلية لدى العرب في ما يخص القضية الفلسطينية.
وقال وزير الإعلام الأردني السابق سميح المعايطة، إن لا أحد كانت لديه قبل القمة أحلام بأن تذهب إلى حلول جذرية لواقع عربي يعاني من حالة ضعف، ويعاني فيه النظام السياسي من مشكلات كبيرة.
وأضاف في تصريحات له، أن غير المنطقي هو أن تشعر بالدهشة لمخرجات القمة في سياق عربي معروفة تفاصيله، مشيرًا إلى أنه لا أحد كان يتوقع إعلان الحرب على إسرائيل وتحرير فلسطين، ثم فاجأته القمة بخيار سلمي.
وكانت القمة العربية الثامنة والعشرون عقدت في الأردن، وخرجت بمجموعة من القرارات، أكدت فيها على مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للأمة العربية جمعاء، وعلى الهوية العربية للقدس الشرقية المحتلة عاصمة دولة فلسطين، وإعادة التأكيد على دولة فلسطين بالسيادة على كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، بما فيها القدس الشرقية ومجالها الجوي ومياهها الإقليمية وحدودها مع دول الجوار. ورفضت القمة ترشيح إسرائيل لعضوية مجلس الأمن الدولي لمدة عامين.
&&ودعت القمة إيران إلى الكف عن تغذية النزاعات الطائفية والمذهبية، وأدانت التدخل الإيراني في الشؤون العربية. وجددت القمة إدانة الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، وتأييد كافة الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها دولة الإمارات العربية المتحدة لاستعادة سيادتها على جزرها المحتلة.&
كما أكدت القمة على وحدة وسيادة سوريا، وأن الحل الوحيد الممكن للأزمة السورية يتمثل في الحل السياسي القائم على مشاركة جميع الأطراف السورية، بما يلبي تطلعات الشعب السوري وفقاً لما ورد في بيان جنيف (1) في 30 يونيو عام 2012، واستناداً الى ما نصت القرارات والبيانات الصادرة بهذا الصدد وبالأخص قرار مجلس الأمن رقم 2254.
&ورحبت في هذا الإطار باستئناف مفاوضات السلام تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف، ودعوة الجامعة العربية للتعاون مع الأمم المتحدة لإنجاح المفاوضات السورية التي تجري برعايتها، لإنهاء الصراع وإرساء السلم والاستقرار في سوريا.&
وفي ما يخص الأزمة اليمنية، أكدت القمة على أمن ووحدة اليمن وسلامة وسيادة أراضيه، والتأكيد على دعم ومساندة الشرعية الدستورية متمثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، رئيس الجمهورية اليمنية.
&وشددت القمة على أن الحل السلمي في اليمن يستند إلى المرجعيات الثلاث المتفق عليها، والمتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني&والحوار الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، خاصة القرار رقم 2216.&
وأعادت القمة التأكيد على إدانة توغل القوات التركية في الأراضي العراقية، ومطالبة الحكومة التركية بسحب قواتها فوراً دون قيد أو شرط باعتباره اعتداء على السيادة العراقية، وتهديدًا للأمن القومي العربي.
&كما دعت القمة الدول الأعضاء في الجامعة للطلب&من الجانب التركي (بموجب العلاقات الثنائية) سحب قواته من الأراضي العراقية، وإثارة هذه المسائل في اتصالاتها مع الدول الأعضاء.
&
&
التعليقات