لندن: زعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربن، الذي كانت استطلاعات للرأي تتوقع له هزيمة فادحة في بداية الحملة وانتقادات في صفوف حزبه وتعليقات ساخرة في الصحافة المحافظة، قد يشكل مفاجأة الانتخابات التشريعية المبكرة الخميس، بعدما خاض حملة شديدة الحماسة، ونال تأييد الناخبين لنزاهته ونهجه الاجتماعي.
ولخص الأستاذ في جامعة كوين ماري في لندن تيم بايل المسألة قائلاً إن كوربن "أكثر صدقاً من تيريزا ماي الأقرب إلى امرأة آليّة".
وشدد على ان "برنامج العماليين مليء بوعود إيجابية تحاكي مخاوف الناخبين".
باشر كوربن الناشط المعادي دائمًا للحرب، تطوير حسه بالالتزام السياسي منذ شبابه بين والديه، وهما مهندس ومعلمة التقيا بمناسبة تظاهرة ضد الحرب الأهلية الإسبانية.
نشأ في غرب إنكلترا، ولم يبدِ في صغره أي ميل إلى الدراسة. وبعد حيازته البكالوريا، غادر سنتين إلى جامايكا لحساب جمعية خيرية. عند عودته، أقام في حي آيلينغتون بشمال لندن، الذي كان في ذلك الوقت بؤرة الحركة الاحتجاجية اليسارية.
وهو نائب منذ 1983 عن هذه الدائرة، حيث لا يزال يسكن منزلاً متواضعًا مع زوجته الثالثة، وهي مكسيكية تصغره بعشرين عاماً، ويعيش نمط حياة بسيطًا. وهو أب لثلاثة أولاد.
وصفه أحد المشاركين في تجمع ساوثهول شون ماكينا، وهو شاب في الـ16 من العمر، بأنه "رجل إنساني، يفهم الناس"، في نموذج آخر عن الدعم الشديد الحماسة، الذي يحظى به كوربن بين مؤيديه.
غير أن وضع زعيم المعارضة في بريطانيا غير مريح، حين يكون يجسد الجناح اليساري الراديكالي لحزب لا يزال تحت تأثير "طريق ثالث"، شقه الوسطي توني بلير.
متمرد
بدأ كوربن يواجه المتاعب في أعقاب انتخابه على رأس الحزب عام 2015، حين أدرك أن قسمًا من جهاز حزبه لن يقبل أبدًا بأن يقوده متمرد صوت 533 مرة ضد خط الحزب منذ 1997.
وتلت ذلك أشهر مديدة من الخلافات والسجالات، وبلغ التمرد ذروته بعد التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي، حين واجه كوربن تصويتًا بحجب الثقة عنه، بعد اتهامه بعدم القيام بجهود كافية لمنع بريكست. حتى المحافظ ديفيد كاميرون الذي كان في ذلك الحين رئيسًا للوزراء ضم صوته إلى معارضي كوربن قائلاً "بحق الله، ارحل!".
غير أن الزعيم العمالي أثبت عن تصميم وعناد، وهو أيضًا ما يميز أطباعه، فاستند مرة جديدة إلى قاعدته للفوز بحزبه مجددًا.
لكن إلى متى يمكن أن تستمر زعامة كوربن؟ حذر شون ماكينا بأنه في حال تراجع تمثيل حزب العمال عن 150 مقعدًا في الانتخابات التشريعية (مقابل 229 في الانتخابات الأخيرة)، عندها "أجل، أعتقد أنه ستتحتم عليه الاستقالة".
تأييد بلا تحفظ
يبدو جمهور كوربن متحمسًا له، متواطئًا معه ومؤيدًا له من دون تحفظ، في تباين مع التجمعات التي تعقدها تيريزا ماي، والتي تكون مضبوطة ومدروسة تماما.
في مؤشر إلى التأييد الذي بات يحظى به، تحدى حوالى مئة شخص المطر الغزير المنهمر، وتجمعوا وسط حماسة عارمة في انتظار الزعيم العمالي البالغ 68 من العمر في حي ساوثهول الشعبي في غرب لندن في أحد التجمعات الانتخابية.
وقال ويندي ماك الأربعيني رافعًا لافتة كتب عليها "صوتوا للعماليين"، لوكالة فرانس برس، إن كوربن "شخص ممتاز". وعند وصول حافلة الحملة الانتخابية، أخذ طبل يقرع، والناشطون يتدافعون للاقتراب منه. وقيل لرجل كان يدفع الجميع من حوله لشق طريقه إلى الحافلة، "سوف يخرج وستراه!"
رحب الجميع بالزعيم العمالي هاتفين اسمه بأعلى صوتهم: "جيريمي!"، فعرض لهم برنامجه من غير أن يغفل عن توجيه انتقادات لاذعة إلى المحافظين، ورئيسة الوزراء تيريزا ماي.
التعليقات