واشنطن: بعد خمسة اشهر على تعيينها سفيرة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، أُخضعت نيكي هيلي على امتداد يومين للاستجواب الذي اتسم بالحدة أمام لجنتين قويتين من لجان الكونغرس.

طالبت اللجنتان بتبرير قرار ادارة ترمب خفض مساهمة أميركا في تمويل الأمم المتحدة، وخاصة وكالات متخصصة مثل صندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونسيف" وهيئة الأمم المتحدة للمرأة وبرنامج الغذاء العالمي. 

واعرب اعضاء اللجنتين عن القلق بشأن خفض مساهمات الولايات المتحدة في عمليات حفظ السلام، وكذلك في تمويل الوكالة الدولية للطاقة الذرية في حقبة الانتشار النووي.

المفارقة ان هيلي اعربت في افادتها عن الأسف لافتقار قوات حفظ السلام الى معدات يمكن تمويل شرائها من ميزانية الأمم المتحدة التي خفضت الولايات المتحدة مساهمتها في رفدها.

تأييد قوي 

ورغم ما يوحي به استجواب هيلي من معارضة للتخفيضات، فان هناك تأييدًا قويًا لها بين الجمهوريين وجماعات ضغط منها اللوبي الاسرائيلي. وقد اعترفت هيلي بأن الضغط الاسرائيلي هو الذي دفع الولايات المتحدة الى اجبار الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش على التراجع عن قراره تعيين سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني السابق بمنصب مبعوث الأمم المتحدة الخاص الى ليبيا.

ويبدو ان هيلي لم تعارض تعيين فياض في البداية، وحين سألها أحد اعضاء الكونغرس عن سبب تغيير الموقف الاميركي في اللحظة الأخيرة كان تبريرها ان الولايات المتحدة لا تعترف بفلسطين دولة ويجب ألا يُعين فلسطيني بمنصب رسمي في الأمم المتحدة. وذهبت الى ان تعيين فياض كان سيزيد "اختلال التوازن المختل اصلا" ضد اسرائيل في الأمم المتحدة. 

ودافعت هيلي عن سياسة ادارة ترمب والرئيس نفسه. وقالت انها متفقة مع الرئيس و"ان هذه الادارة لا تملي علي ما أقوله وما لا أقوله".

وخلال استراحة بين اسئلة اعضاء الكونغرس، كشفت هيلي ان تهديد الولايات المتحدة لرئيس النظام السوري بشار الأسد وحماته الروس والايرانيين إذا عاد الى استخدام السلاح الكيماوي ضد شعبه "كان مجرد تهديد دون تخطيط للقيام بعمل يشفعه". اضافت ان الهدف هو "إيصال رسالة ليس الى النظام السوري فحسب، بل الى روسيا وايران ايضًا".

سياسة غير متماسكة

وبررت هيلي انهاء دعم الولايات المتحدة لمنظمة اليونسيف في ميزانية 2018 الفيدرالية برد اثار ردود افعال تراوحت من الدهشة وخيبة الأمل الى الصدمة والغضب، إذ قالت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ان "نقطة البداية" في الميزانية هي زيادة الانفاق العسكري والبحث عن تخفيضات في ابواب أخرى، لكنها فضلت الصمت حين سُئلت إن كان على اطفال العالم ان يمولوا من جيوبهم زيادة الانفاق العسكري في الميزانية الفيدرالية الاميركية.

كما اراد اعضاء في الكونغرس ان يعرفوا لماذا تنتهج الولايات المتحدة سياسة خارجية غير متماسكة على ما يبدو، مشيرين الى تغريدات ترمب وتقلباته العلنية من جهة، وتصريحات وزير الخارجية ريكس تيلرسون الموزونة من جهة أخرى، فضلاً عن بيانات هيلي نفسها، التي تبدو احياناً وكأنها تعبّر عن رأيها الخاص.

وتحت إلحاح اعضاء الكونغرس، كشفت هيلي للجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب انها نادرًا ما تتحدث مع ترمب أو تيلرسون، وليس لديها معلومات عن العدد غير الطبيعي من الشواغر التي لم تملأ حتى الآن في وزارة الخارجية. وقالت إن علاقتها الأوثق هي مع مستشار الأمن القومي هربرت ماكماستر ووزير الدفاع جيمس ماتيس، واصفة علاقتها معهما بالقول: "نحن نعمل كفريق". 

وعن روسيا، تمسكت هيلي باعتراضاتها الشديدة على ضم شبه جزيرة القرم وتدخل موسكو في شرق اوكرانيا، واقرّت بتدخل روسي في الانتخابات الرئاسية الاميركية عام 2016، ولكنها دافعت عن ترمب قائلة ان لا صلة له بالتواطؤ مع التدخل الروسي في الانتخابات.

اتفاقية باريس

وتناول استجواب هيلي انهاء مساهمة الولايات المتحدة في تمويل برنامج الأمم المتحدة للسكان. وحين سُئلت كيف تعوض الأمم المتحدة عن فقدان المساهمة الاميركية لتمويل رعاية الأمومة في مخيم الزعتري للاجئين السوريين في الاردن الذي زارته قبل استجوابها، اعترفت بأنها لا تعرف.

وتخللت جلسات الاستجواب اسئلة وانتقادات كثيرة استهدفت مجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان. واكدت هيلي مجددًا دعوتها خلال جلسات التصديق على تعيينها سفيرة في الأمم المتحدة الى "اصلاح" شؤون المجلس دون ان تقول بوضوح ان الولايات المتحدة تفكر في الانسحاب منه. 

وشددت هيلي على ضرورة تنفيذ مطلبين اميركيين هما تغيير آلية انتخاب الدول الأعضاء في المجلس الذي يضم 47 دولة تنتخبها الجمعية العامة للأمم المتحدة، والغاء البند السابع من أجندة المجلس الذي يدين اعمال اسرائيل، مشيرة الى ان السعودية ومصر وباكستان هي الدول التي تشكل "النواة الصلبة" لدعم البند السابع.

ودافعت هيلي عن قرار ترمب الانسحاب من اتفاقية باريس بشأن التغير المناخي قائلة إنه لمصلحة الشركات الاميركية ومصلحة البلد. ورد عليها احد اعضاء الكونغرس بالقول ان قرار ترمب وضع الولايات المتحدة في مركب واحد مع نيكاراغوا والنظام السوري. 

اعدت "ايلاف" هذا التقرير بتصرف عن "انتر بريس سيرفس". الأصل منشور على الرابط التالي:

http://www.ipsnews.net/2017/06/nikki-haley-grilled-us-congress-americas-role-un-world/