يعقد وزراء خارجية الدول العربية الأربع المقاطعة لقطر، اجتماعًا اليوم في مدينة جدة السعودية، بحضور وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، لبحث آخر المستجدات في الأزمة القطرية، وسط توقعات باستمرار الأزمة في ظل إصرار الدوحة على عدم الاستجابة لقائمة مطالب الدول المقاطعة.
وسط توقعات بعدم حدوث انفراجة قريبة في الأزمة مع قطر، بسبب تعنت النظام القطري مع قائمة المطالب العربية، يعقد وزراء خارجية الدول العربية الأربع المقاطعة لقطر، اجتماعًا اليوم في مدينة جدة السعودية، بحضور وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون. وغادر سامح شكري، وزير الخارجية، مطار القاهرة الدولي، صباح الأربعاء، متوجها إلى جدة في زيارة تستغرق يوما واحدا، بناء على دعوة من نظيره السعودي عادل الجبير.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، المستشار أحمد أبوزيد، إن هذا الاجتماع يأتي في إطار الحرص على تنسيق المواقف والتضامن بين الدول الأربع حول التعامل المستقبلي بشأن العلاقة مع قطر، والتأكيد على تمسّكها بمواقفها، والإجراءات التي تم اتخاذها ضد قطر، على ضوء مخالفتها القوانين والأعراف الدولية، ودعمها الإرهاب والتطرف، وتدخلها السلبي في الشؤون الداخلية للدول العربية، وتهديد سياساتها للأمن القومي العربي والسلم والأمن الدوليين.
وتستغرق جولة تيلرسون أربعة أيام، وتشمل عقد لقاءات مع قيادات خليجية، مع الزعماء في الكويت وقطر والسعودية.
واستبق وزراء خارجية الدول المقاطعة لقطر الاجتماع بإصدار بيان بشأن الوثيقة الأميركية القطرية التي وقعها وزير الخارجية الأميركي في الدوحة، وأعلنت الدول الأربع مصر والسعودية والإمارات والبحرين، تقديرها للدور الأميركي، مشيرة إلى أنه "لا يمكن الوثوق بأي التزام يصدر عن الدوحة دون ضوابط صارمة"، لاسيما أن "قطر دأبت على نقض كل الاتفاقات والالتزامات".
وقالت الدول الأربع في البيان المشترك: "تثمن الدول الأربع جهود الولايات المتحدة الأميركية في مكافحة الإرهاب وتمويله والشراكة المتينة الكاملة في صيغتها النهائية المتجسدة في القمة الإسلامية الأميركية التي شكلت موقفاً دولياً صارماً لمواجهة التطرف والإرهاب أياً كان مصدره ومنشأه".
وأضافت: "إن توقيع مذكرة تفاهم في مكافحة تمويل الإرهاب بين الولايات المتحدة الأميركية والسلطات القطرية هي نتيجة للضغوط والمطالبات المتكررة طوال السنوات الماضية للسلطات القطرية من قبل الدول الأربع وشركائها بوقف دعمها للإرهاب"، مشيرة إلى أن "هذه الخطوة غير كافية وستراقب الدول الأربع عن كثب مدى جدية السلطات القطرية في مكافحتها كل أشكال تمويل الإرهاب ودعمه واحتضانه".
وأضاف البيان: "تؤكد الدول الأربع أن الإجراءات التي اتخذتها كانت لاستمرار وتنوع نشاطات السلطات القطرية في دعم الإرهاب وتمويله واحتضان المتطرفين ونشرها خطاب الكراهية والتطرف وتدخلها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وهي نشاطات يجب أن تتوقف بشكل كامل ونهائي تنفيذاً للمطالب العادلة المشروعة".
وأشارت الدول الأربع إلى أن "السلطات القطرية دأبت على نقض كل الاتفاقات والالتزامات وآخرها كان اتفاق الرياض (2013) ما أدى إلى سحب السفراء وعدم إعادتهم إلا عقب توقيع السلطات القطرية على الاتفاق التكميلي (2014) واستمرارها في التدخل والتحريض والتآمر واحتضان الإرهابيين وتمويل العمليات الإرهابية ونشرها خطاب الكراهية والتطرف ما لا يمكن معه الوثوق في أي التزام يصدر عنها تبعاً لسياستها القائمة دون وضع ضوابط مراقبة صارمة تتحقق من جديتها في العودة إلى المسار الطبيعي والصحيح".
وجددت تأكيدها على "استمرار إجراءاتها الحالية إلى أن تلتزم السلطات القطرية بتنفيذ المطالب العادلة كاملة التي تضمن التصدي للإرهاب وتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة".
ويتوقع المراقبون ألا تحدث انفراجة قريبة في الأزمة مع قطر، بسبب تناقض الموقف الأميركي، وقال السفير محمد عبد العزيز، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن مواقف وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون متناقضة، مشيرًا إلى أنه في بداية الأزمة الشهر الماضي، أطلق تصريحات دعا فيها قطر إلى "وقف تمويل المنظمات المحظورة والإرهابية"، ولكنه أطلق تصريحات مناقضة تمامًا أمس الثلاثاء، وصف فيها الموقف القطري بـ"المنطقي والعقلاني منذ بداية الأزمة".
وأضاف لـ"إيلاف" أن أميركا تلعب لتحقيق أكبر استفادة من الأزمة، ولا تسعى للحل، موضحًا أن تصريحات تيلرسون في البداية كانت للضغط على قطر، للحصول على مكاسب.
ولفت إلى أنه لا يمكن فصل تصريحات وزير الخارجية الأميركي عن صفقة الأسلحة التي وقعتها الدوحة مع واشنطن لشراء طائرات "إف15" بـ12 مليار دولار، مشيرًا إلى أن الموقف الأميركي سوف يزيد من تعنت قطر وإصرارها على عدم الاستجابة للمطالب العربية.
وقال الوزير الأميركي فور وصوله إلى الدوحة أمس، إن "بلاده تهدف إلى منع تصاعد الأزمة الخليجية، مشيرًا إلى أن "قطر كانت واضحة ومنطقية في مواقفها"، معبرًا عن أمله في "إحراز تقدم في التوصل لحل للأزمة الخليجية".
ولا يتوقع المتحدث باسم تيلرسون حدوث انفراجة وشيكة في الأزمة، وقال إنه "من المبكّر توقّع التوصل إلى نتائج خلال هذه الجولة"، مضيفاً: "نحن على بعد أشهر مما نتصور أنه سيكون حلاً فعلياً، وهذا الأمر غير مشجّع".
ويرى الدكتور محمد عبد الهادي، أستاذ السياسة الدولية في جامعة القاهرة، أن مهمة تيلرسون تعتمد على كسر الجمود وتقريب وجهات النظر بين أطراف الأزمة الخليجية.
وأضاف لـ"إيلاف" أن سقف التوقعات في حل الأزمة منخفض جدًا، لاسيما أن وزير الخارجية الأميركي غير متمرس في المفاوضات والدبلوماسية المكوكية، بل هو رجل أعمال ناجح مثل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وليس سياسيًا.
ولفت إلى أن أميركا تتعامل مع الأزمة وفقًا لمصالحها الخاصة، وتحاول الاستفادة منها، منوهًا بأن أميركا لن تضغط على قطر بقوة، بسبب وجود أكبر قاعدة عسكرية لها على أراضيها، فضلًا عن توقيع اتفاقية لشراء أسلحة بـ12 مليار دولار، وتوقيع اتفاقية لمكافحة الإرهاب.
ونبه إلى أن من مصلحة أميركا عدم استمرار الأزمة بين الدول الخليجية ومصر مع قطر، حتى لا تتيح الفرصة لإيران بتوسيع نفوذها، متوقعًا أن يتم حل الأزمة ولكن بعد سلسلة من الجولات والمفاوضات، قد لا تفضي في النهاية إلى التزام قطر بجميع بنود المطالب العربية.
وكانت وزارة الدفاع القطرية، أعلنت منتصف شهر يونيو الماضي، توقيع اتفاقية مع الولايات المتحدة الأميركية لشراء طائرات مقاتلة من طراز "إف15"، بتكلفة مبدئية تبلغ 12 مليار دولار.
وقال خالد العطية وزير الدولة لشؤون الدفاع، الذي بدأ زيارة إلى واشنطن، في تصريح صحافي مكتوب: إن هذه الاتفاقية "تمثل تأكيداً للالتزام طويل المدى لدولة قطر في العمل سوية مع أصدقائنا وحلفائنا في الولايات المتحدة الأميركية في تعزيز روابطنا العسكرية لتدعيم التعاون الاستراتيجي في حربنا ضد العنف المتطرف وتعزيز الأمن والاستقرار في منطقتنا والعالم".
التعليقات