مراكش: أكد برنامج الجولات الثقافية، الذي سطر في إطار فعاليات "مهرجان الحوز للثقافة والتنمية والتربية"، في دروته الرابعة، التي تختتم غداً الجمعة، قيمة هذه المنطقة والأدوار التي لعبتها، على مدى تاريخ المغرب.
وربط برنامج هذه الجولات بين "تحناوت وتنمل"، ثم بين "تحناوت وأغمات" و"تحناوت وأمزميز" و"تحناوت وأوكيمدن"؛ حيث شملت الزيارات الموقع الأثري بــ"أغمات" وضريح المعتمد بن عباد، فضلاً عن المسجد التاريخي لــ"تنمل" وضريح "حاييم بن ديوان" بــ"ويرغان"، علاوة على موقع "ملاحات ماريغة"، انتهاء بالمدرسة القرآنية العتيقة بــ"آسني"، وقرية "إمليل".
وقال الفنان التشكيلي محمد المرابطي، رئيس "جمعية الحوز للثقافة والتنمية والتربية"، التي تنظم التظاهرة، بتنسيق مع عمالة إقليم الحوز والمنتخبين، إن الأمر يتعلق بالكشف عن "أهمية المكون الجغرافي والهوياتي والجمالي لإقليم الحوز"، الذي يشكل "نموذجاً للاحتفاء بالتراث المادي واللامادي المغربي"؛ وهو احتفاء يتجسد، أساساً، من خلال "ثراء وتنوع الموارد الطبيعية ومختلف التعبيرات والتمظهرات الثقافية التي تزخر بها منطقة الحوز"، التي تتميز بـ"تاريخها الضارب في الجذور والمنفتح على الآتي"، خصوصاً وأن الثقافة تحديداً، وكل ما يحيل على التراث المادي واللامادي، بشكل عام، هي "من الدعامات التي تشكل مخيال ووعي المجتمعات".
وقدمت للمشاركين على مدى محطات الجولات الثقافية المبرمجة شروحات ومعلومات تاريخية عن كل موقع، بشكل وفر فرصة الوقوف على غنى المنطقة، بشكل يؤكد الحاجة إلى استثمار كل ذلك خدمة لتنميتها، حاضراً ومستقبلاً. ففي منطقة "أغمات"، مثلاً، التي زارها وفد ضم، بشكل خاص، سينمائيين وإعلاميين وتشكيليين وكتاباً، تم التوقف عند ضريح المعتمد بن عباد (1040 _ 1095 م) والموقع التاريخي الذي يعود إلى زمن حكم المرابطين (1056 _ 1147 م).
وتشير الكتابات التاريخية إلى أن "أغمات" شكلت مزيجاً من الثقافتين العربية والأمازيغية، ولعبت دوراً حاسماً في تجذر الهوية الإسلامية في المغرب. وقبل وصول المرابطين إلى الحكم وبناء مدينة مراكش، عاصمتهم الجديدة (1062)، كانت "أغمات" القبلة التجارية والثقافية الرئيسية في المنطقة؛ لذلك جرت العادة أن يقترن الحديث عن مرحلة تأسيس مراكش بمدينة "أغمات"، التي تبعد عنها بنحو 30 كيلومتراً، في اتجاه "أوريكة" الجبلية، ضمن تراب إقليم الحوز.
وشكلت "أغمات" أول عاصمة للمرابطين، قبل أن يفكروا في بناء عاصمة تليق بدولتهم التي بسطت نفوذها حتى بلاد الأندلس، في أعقاب موقعة "الزلاقة"، بالأندلس، وما تلاها من أحداث، انتهت بنفي المعتمد بن عباد إلى "أغمات".
واستعاد المشاركون في برنامج الجولات الثقافية، وهم في ضريح المعتمد بن عباد، الذي أعيدت تهيئته في 1970، علاقة هذا الملك الأندلسي بزوجته وأبنائه، فضلاً عن معاناته في منفاه بـ"أغمات"؛ خاصة حين يقف الزائر على شاهدة قبر زوجته، حيث يقرأ: "هنا قبر اعتماد الرميكية زوج المعتمد التي شاركته في نعيمه وبؤسه"، أو يقرأ القصيدة التي كتبها المعتمد وطلب أن تكتب على قبره، والتي جاء فيها: "قبر الغريب سقاك الرائح الغادي / حقاً ظفرت بأشلاء ابن عبادِ _ بالحلم بالعلم بالنعمى إذا اتصلت / بالخصب إن أجدبوا بالري للصادي _ بالطاعن الضارب الرامي إذا اقتتلوا / بالموت أحمر بالضرغامة العادي _ بالدهر في نقم بالبحر في نعم / بالبدر في ظلم بالصدر في النادي _ نعم هو الحق حاباني به قدر / من السماء فوافاني لميعادِ _ كفاك فارفق بما استودعت من كرم / رواك كل قطوب البرق رعّاد _ ولا تزل صلوات الله دائمة / على دفينك لا تحصى بتعدادِ".
يشار إلى أن دورة هذه السنة من "مهرجان الحوز"، الذي تغطي أنشطته مدن وبلدات تحناوت وأمزميز وأغمات وإمليل وآيت أورير وتمصلوحت وتنمل وأسني وتكركوست وأوكايمدن وويرغان ومولاي ابراهيم، وينظم، على مدى ثمانية أيام، يتميز ببرنامج متنوع، يشمل السينما والتشكيل والموسيقى والرياضة، فضلا عن برنامج للندوات، رافقته مشاركة وازنة وفعالة، لعدد من الأسماء المعروفة، في عوالم الفكر والأدب والفن، مغربياً، وعلى الصعيد الدولي.
التعليقات