«إيلاف» من برلين: تقدر دائرة حماية البيئة الاتحادية في ألمانيا "نابو" تسلل 10 ملايين طن من البلاستيك سنوياً إلى بحار ومحيطات العالم. وتتفاقم مشكلة"الكوكب البلاستيكي" سنوياً بفضل انتاج عالمي يرتفع إلى300 مليون طن من البلاستيك سنوياً، مع مؤشرات على تضاعف النفايات الناجمة عن هذا الإنتاج بنسبة 600% في النصف الثاني من القرن الواحد والعشرين.
ومعروف علمياً عن هذه النفايات، أن 75 في المائة منها يستقر في قاع المحيط، في المناطق غير العميقة منه، مع نسبة 15 في المائة منها عائمة على سطح الماء، بينما تتوزع نسبة الـ15 في المائة المتبقية على الشواطىء.
وتقترح المهندسة البيئية الشابة هانيش (30 سنة) استخدام بواخر ضخمة، لاتقل عن حجم ناقلات النفط الضخمة والبواخر السياحية، بمثابة محطات عائمة تتولى جمع النفايات البلاستيكية من المحيطين الأطلسي والهادي والمحيط الهندي وبقية بحار العالم. وعرضت المهندسة تصاميمها للبواخر التي تمشط المحيطات على السلطات البيئية الألمانية قبل فترة وجيزة.
ويرى مشروع هانيس تحويل المحطات العائمة إلى محطات طاقة تنتج الطاقة من ملايين أطنان البلاستيك التي يجري جمعها. وتكسب الباخرة الهيدروجين وثاني أوكسيد الكربون من البلاستيك، وترمي بالتالي عصفورين بحجر: تنظيف البيئة البحرية من البلاستيك، واستخدام الهيدروجين لتزويد الباخرة بالطاقة، والتخلص من غاز ثاني أوكسيد الكربون المسبب لظاهرة التسخين الحراري.
وتقترح المهندسة استخدام ثاني أوكسيد الكربون المكتسب من تقنية التخلص من البلاستيك، في تغذية النباتات البحرية واستخدام هذه الكائنات البحرية في إنتاج الطاقة من جديد.
غربلة النفايات البحرية
أطلقت هانيشه على مشروعها اسم "غربلة النفايات البحرية" ( Pacific Garbage Screening (PGS)، وتقترح ان تبدأ أول باخرة من هذا النوع عملها في منطقة الباسيفيك بين جزر الهاواي وشمال أميركا والقارة الاسيوية، حيث يتجمع أكبر «جبل» عائم من النفايات في العالم، بحسب علماء البيئة البحرية.
ولهذه المنطقة الملوثة بالبلاستيك تقترح المهندسة محطة عائمة تتراوح ابعادها بين400 في 400 متر تشبه اخطبوطاً هائلاً من الحكايات الخيالية. ويمكن لهذه الباخرة الكبيرة التحرك نحو مناطق تجمع البلاستيك، كما انه من الممكن تثبيتها بسلاسل تمتد إلى قاع البحر القريب.
وتنفتح اذرع الاخطبوط في مئات من القنوات الصغيرة التي تتفرع في قنوات اصغر مثل المشط. وهنا في هذه القنوات تجري غربلة قطع البلاستيك الطافية على سطح الماء، وتلك التي تتجمع تحت الماء. فهناك نسبة عالية من قطع البلاستيك التي تبقيها التيارات البحرية على معدل عمق يبلغ 15 متراً. لكن الباخرة قادرة على جمع النفايات التي تدور تحت سطح البحر على عمق 50 متراً أيضاً.
وتقول المهندسة إن الباخرة مزودة بركائز غائصة تمتد إلى عمق 35 متراً تحت سطح البحر، وتعمل بالتالي على وقف التيارات البحرية، وتقسر قطع النفايات على الطفو إلى السطح. ونجحت، مع فريق عمل متحمس من حماة البيئة، في محاكاة عمل غربيل النفايات البحرية على الكومبيوتر، والنجاح في التقاط كمية افتراضية كبيرة من النفايات البلاستيكية يومياً.
وقف التيارات البحرية بواسطة الركائز الغائصة |
350 طناً من النفايات البلاستيكية يومياً
يتألف فريق العمل من 15 مهندساً وعالماً في هندسة بناء السفن، وفي علم التيارات البحرية، وفي الكيمياء...إلخ. وذكرت المهندسة، من مدينة آخن، ان مهندساً متخصصاً ببناء السفن عبّر عن استعداده لبناء النموذج الأول من الباخرة حال توفر الدعم المادي، لكنها لم تكشف اسمه. وتعول هانيش على دعم وزارة البحث العلمي الألمانية، وعلى دائرة البيئة الاتحادية(نابو) في تمويل المشروع.
ومن الممكن تجربة نموذج مصغر من الباخرة كبداية في مصب أحد الأنهر لتنظيفه من البلاستيك والنفايات. ويمكن ان يكون مصب نهر الراين في مدينة روتردام الهولندية في البحر مكاناً نموذجياً للتجارب.
والمهم ان النموذج الاساسي قادر على انتشال 350 طناً من النفايات من البحر يومياً، بحسب تقديرات طالبة الدكتوراه في الهندسة هانيش. وهذه بالضبط هي كمية البلاستيك التي تتسرب يومياً في المنطقة الباسيفيكية المذكورة إلى مياه المحيط.
ترى هانيش امكانية بناء السفينة على الشواطيء، كما هي الحال في محطات البترول العائمة، ومن ثم تحريكها بالمحركات إلى المكان المطلوب، أو أن تتولى قاطرات معينة سحبها إلى هناك.
محاولات سابقة
الجدير بالذكر ان المهندس الهولندي بويان سلات اقترح مشروعاً مماثلاً اسمه "تنظيف المحيط" بواسطة باخرة ذات ذراعين، لكن مشكلة هذا المشروع انه يجمع النفايات البلاستيكية العائمة على السطح فقط. كما يفترض سلات اعادة النفايات البلاستيكية إلى الشاطىء ليتم التخلص منها هناك، في حين ان مشروع هانيش يفترض التخلص من النفايات على سطح الباخرة، واستخدمها من جديد في إنتاج الطاقة النظيفة.
كما يعمل الألمانيان غونتر بونين ودرك لندناو بدأب منذ أشهر لبناء أول سفينة من نوعها في العالم تتخصص بتنظيف البحار والمحيطات من أطنان نفايات البلاستيك. يترأس بونين منظمة"عالم واحد... محيط واحد" البيئية الألمانية، فيما يتخصص لندناو بهندسة البواخر والسفن وينشطة في منظمات الدفاع عن البيئة البحرية. وأطلق الناشطان على الباخرة الصغيرة اسم"خروف البحر" ويفترض أن تدشن عملها في خدمة البيئة البحرية في صيف العام الجاري.
تجري أعمال البناء في ورشة"ترافه" لبناء السفن في مدينة لوبيك الساحلية الألمانية على بحر الشمال، حيث تنتشر"الجزر البلاستيكية العائمة" الناجمة عن القاء البلاستيك في البحر. وتمت هندسة الباخرة بحيث يتوفر فراغ بين جانبي الباخرة يتسع لشبكات متحركة عرضها 12 متراً تنتشل قطع البلاستيك العائمة على سطح البحر، ليجري لاحقاً تفريغها في مخازن داخل جوف السفينة.
التعليقات