الرباط: غرزة كانت حصيلة رتق الجروح الغائرة التي امتدت على الرأس و أنحاء مختلفة من جسد فتاة لا يتعدى عمرها ستة عشرة ربيعا، لم تقترف ذنبا سوى أنها رفضت الزواج من شاب في الخامسة و العشرين من عمره.
رفضها لأسباب متعددة، أهمها صغر سنها ورغبتها في إكمال تعليمها، كان الشرارة التي أشعلت نار الرغبة في الإنتقام في نفس العاشق الذي لم يستسغ أن ترفضه الفتاة، خصوصا و أنه ينتمي لأسرة ميسورة الحال، فقرر اختطافها من أمام بيتها بمدينة سطات في تحد لكل القوانين.
في ليلة الثلاثاء االماضي، بحي السلام بمدينة سطات (جنوب الدار البيضاء) كان ل« ف.ع » ذات ال16 ربيعا ، وهي يتمية الأب موعد مع قدر سيغير حياتها. إذ على الرغم من أن الضحية انتقلت للعيش مع والدتها في مدينة سطات، تاركة القرية التي نشأت فيها (أولاد سعيد)، لبدء مسار حياة جديدة من خلال متابعة دراستها بمعهد للتكوين المهني و الهرب من شاب ظل يلح على الإرتباط بها، إلا انها لم تسلم من ملاحقته، حيث ظل يتربص بها، ليفاجئها مساء الثلاثاء الماضي عند مدخل بيتها، طالبا منها أن ترافقه على متن سيارته لوجهة ما، ولما رفضت بدأ يعنفها، ومع إصرارها على موقفها و الرفع من شدة مقاومتها له، بدأ يوجه لها طعنات بسلاح أبيض على مستوى الرأس و الجسد (40 غرزة في الرأس) . ولولا مقاومة أمها التي هرعت جاهدة لتخلصها من بين يديه، لقضت نحبها لا قدر الله.
الصور التي تداولها رواد مواقع التواصل الإجتماعي كانت فظيعة، وهي الصور التي التقطها بعض المارة من الذين عاينوا واقعة الإعتداء الشنيع، قبل أن تنشر على نطاق واسع بين نشطاء ظلوا يستنكرون الحادث، و يطالبون بأن تأخذ العدالة مجراها.
سلمت للفتاة شهادة طبية تثبت عجزا في 40 يوما من قبل الطبيب الذي أشرف على تقديم الإسعافات لها بمستشفى الحسن الثاني بمدينة سطات، و تم رتق الجروح المنتشرة في كل أنحاء جسها ب70 غرزة.
و نددت نجاة أنوار رئيسة جميعة « ماتقيش ولدي » ( لا تمس ابني)بالحادث، محذرة من تنامي ظاهرة العنف ضد الفتيات.
وقالت أنوار في اتصال هاتفي مع "إيلاف المغرب " إن الجمعية تتابع عن كثب هذه القضية، مؤكدة أن الجاني ما زال في حالة فرار إلى غاية الآن.
و أضافت أنوار أن الفتاة عادت إلى منزل والدتها بعد تلقيها العلاجات الضرورية وإنقاذها من محاولة تصفيتها جسديا من طرف المعتدي، مؤكدة أن مكتب الجمعية بعد تواصله مع أم الضحية، علم من هذه الأخيرة أن عائلة المعتدي تحاول التفاوض على أسرة الفتاة من أجل التنازل عن المتابعة مقابل مبلغ مالي، وهو ما رفضته عائلة الضحية بشدة، مؤكدة على تشبثها بحقها في متابعة الجاني و إلقاء القبض عليه.
وطالبت أنوار بفتح تحقيق قضائي في الحادث الذي كاد يودي بحياة فتاة قاصر لم ترتكب أي ذنب سوى أنها رفضت الزواج من شخص، وهذا حقها من أجل إكمال تعليمها و تحقيق استقلاليتها.
وكانت جمعية « ما تقيش ولدي » أصدرت بيانا في الموضوع، نددت من خلاله بالإعتداء الذي وصفته ب »الوحشي » في حق فتاة قاصر يتيمة الأب.
وتوجهت الجمعية، من خلال ذات البيان، إلى المسؤولين من مصالح أمنية وقضاء من أجل فتح تحقيق في هذه القضية، وتعميم نتائج التحقيق للمعرفة و الإطلاع و اتخاذ الإجراءات الملائمة.
التعليقات