برلين: تقدر دائرة الاحصاء المركزية الألمانية أن حملة الوشم على أجسادهم يشكلون 10% من أفراد المجتمع الألماني. وهي صبغات يوشم بها الجسم عن طريق زرقها تحت البشرة كي تكتسب الثبات المطلوب. 

ولكن الألمان يبدون، بهذه النسبة الصغيرة من انتشار"التاتووز" بينهم، مثل هواة مقارنة بالأميركيين. إذ أجرى الباحثون الاميركيون استفتاء مع 454 طالباً وطالبة من جامعة بيس في بليسينتفيل فتوصلوا إلى أن 52% منهم يحملون حلقات التثقيب و23% منهم الوشوم. وكانت حلقة السرة الحلى المفضلة بين البنات وتحملها نسبة 29% منهن، تليها حلقات الاذن بنسبة 27%، مع ملاحظة أن ثقب شحمة الأذن الاعتيادية للأقراط لم تحتسب ضمنها.

وذكر حملة الوشوم في الدراسة أنهم لا يعانون مضاعفات، إلا أن17% من حملة حلقات التثقيب شكوا من مضاعفات مزعجة. أما أكثر مضاعفات هذه الموضة فقد وقعت على كاهل شركات التأمين الصحي، لأن كلفة معالجة مضاعفات الوشوم والتثقيب فاقت مداخيل محلات وورش الوشم والتثقيب بكثير.

 

 

وتقول دراسة ألمانية حديثة إن الصبغات المستخدمة في الوشم على البشرة غير مستقرة، وتتسلل بعد فترة إلى الدم، وتنتقل بواسطة الدم إلى الغدد اللمفاوية كي تستقر هناك. وعلى هذا الأساس فإن مضاعفاتها تتعدى حدود الالتهابات الجلدية والحساسيات الموضعية.

إذ من المعروف لكل هواة الوشوم انهم قد يتعرضون إلى التهابات أو حساسيات، لكنهم يجهلون تأثير الصبغات المختلفة على صحتهم.

أجرى الدراسة "معهد تقييم المخاطر الاتحادي" الألماني، وهو معهد رسمي، ونشرت في مجلة "تقارير علمية". وتقول الدراسة إن جزيئات نانوية تنطلق عن أصباغ الوشوم بعد فترة وتخترق حاجز المناعة الجسدي بسبب صغر حجمها. 

 

رسم يوضح كيفية تسلل الصبغات إلى الغدد اللمفاوية

 

ويعتقد الباحثون أنهم بحاجة إلى دراسات أخرى تتناول المضاعفات الناجمة عن استقرار هذه الجزيئات في الغدد اللمفاوية، لأن هذه المضاعفات غير معروفة حتى الآن. وهذا رغم ان عادة الوشم، كما يكشف علماء التاريخ، تعود إلى آلاف السنين من الآن.

عقد لمفاوية ملونة

توصل الباحثون من معهد تقييم المخاطر الاتحادي إلى ان العقد اللمفاوية القريبة من الوشوم قد اكتسبت ألوان الوشم نفسها، وهو ما دفعهم للكشف عن آلية حصول ذلك. ومعروف ان الغدد اللمفاوية تعمل بمثابة "محطات تصفية" للدم من الجراثيم والمواد الغريبة، كما تعمل دوراً مهماً في نقل وتوزيع الخلايا المناعية.

وفحصت اينيس شرايفر وفريق عملها ما يحدث مع الصبغات تحت الجلد تحت المجهر البيولوجي باستخدام المواد المشعة، وتتبعوا مسارها في الدم وانتقالها إلى الأنسجة.

وكما هو متوقع، تبين ان الغدد اللمفاوية الملونة اكتسبت هذا اللون من ألوان صبغات الوشوم القريبة. ولكن ما هو غير متوقع، بحسب تقرير شرايفر، هو ان جزيئات نانوية بالغة الصغر كانت تنفصل عن جزيئات الصبغات الكبيرة نسبياً وتتسرب من الوشم إلى الدم.

وكانت الجزيئات النانوية الملونة من العدد بحيث أدت إلى تلوين الغدد اللمفاوية القريبة، كما جرى ذلك بشكل منتظم ومستمر. ومن المحتمل ان الخلايا المناعية نفسها حملتها إلى الغدد اللمفاوية بهدف تنقية الدم منها.

تفاعلات جديدة غير معروفة

وذكر بيرنهارد هيسه، الذي شارك في الدراسة، ان انسلاخ الجزيئات الصباغية النانوية عن جسم جزيئات الصبغة الكبيرة هو المشكلة، لأن تأثيرات الجزيئات النانوية على جسم الإنسان مجهولة. والسبب هو أن تحول الصبغات إلى هذا النوع المبرمج من الجزيئات النانوية يؤهلها إلى تفاعلات بيولوجية وكيميائية متعددة مع أنسجة الجسم لايعرفها العلم بعد.

وهذا يستدعي المزيد من الدراسات حول الصبغات بشكلها النانوي، بحسب الباحث هيسه. ويمكن في المستقبل عزل هذه الجزيئات النانوية واختبار تفاعلاتها المختلفة في أنابيب الاختبار للكشف عن مضاعفاتها. كما سيركز الباحثون على معرفة ما خلفته هذه الصبغات من تأثيرات على الغدد اللمفاوية الملونة القريبة من الوشوم.

السبنتوموغراف الذري خطر على حاملي الوشوم

سبق لسائحة ألمانية أن أصيبت "بحروق" في البشرة في منطقة وشوم بالحناء بسبب تشمسها طويلاً على شاطئ البحر. وكانت "الحروق"عبارة عن تفاعل غريب للصبغات الموجودة في الحناء مع ضوء الشمس ومحتويات العرق.

ويحذر الأطباء الألمان الآن من أن مناطق الوشم والتثقيب في الجسم قد تتحول إلى مناطق حروق شديدة في حالة تعرضها لأشعة السبنتوموغراف الذري. وطالب البروفيسور غيرهارد آدم، من جامعة هامبورغ الطبية، بمنع تصوير أجساد حاملي الوشوم بهذا الجهاز المتطور. وذكر آدم، رئيس قسم الأشعة في جامعة هامبورغ، ان صبغات الوشوم تحتوي على جزيئات معدنية يمكن أن تبعث حرارة عالية في البشرة بسبب تأثرها بالمجال الكهرومغناطيسي للسبنتوموغرام الذري.

وأكد آدم أن الحروق الناجمة حينها عن الوشم لا تقل شدة عن الحروق الناجمة عن التعرض الشديد لحرقة الشمس، إلا أنها ليست خطرة على الحياة. وسجل الطبيب عدة حالات حروق وفقاقيع هوائية نجمت عن حرارة التفاعل بين الصبغات المعدنية والحقول الكهرومغناطيسية.

ويمكن أن يتعرض إلى نتائج مماثلة الناس الذين يحملون أجزاء معدنية أو صناعية مزروعة في أجسادهم لأغراض طبية. وذكر آدم أنه لاحظ ذلك أولاً لدى مرضى مسنين يحملون شظايا القنابل العميقة المستقرة في أجسادهم منذ الحرب العالمية الثانية. وأدى تعريض هؤلاء إلى الفحص بالسبنتوموغرام الذري إلى حروق داخلية ومضاعفات شديدة. 

ويشمل هذا الواقع المرضى الذين يحملون نواظم ضبط القلب الاصطناعية والأجهزة الالكترونية، وهناك خطر اضطراب برمجة الأجهزة بفعل التيارات الكهرومغناطيسية علاوة على ارتفاع حرارتها وحدوث الحروق.

ويستخدم جهاز السبنتوموغرام الذري بكثرة لتصوير الأعضاء الداخلية في جسم الإنسان بواسطة الحقول الكهرومغناطيسية بحثاً عن الأورام السرطانية وتشخيص حالات انزلاق الغضاريف في العمود الفقري وغيرها من الحالات.