رام الله: تؤدّي وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)&منذ أنشئت قبل نحو 70 عامًا إثر النكبة التي أعقبت قيام دولة إسرائيل، دوراً أساسيًا في إغاثة ملايين الفلسطينيين وتطبيبهم وتعليم أبنائهم وتنمية مجتمعاتهم.

والجمعة أعلنت الولايات المتحدة، التي لطالما كانت بالنسبة للأونروا أسخى جهة مانحة بين سائر المانحين وبفارق شاسع عنهم جميعاً، أنها لن تموّل بعد اليوم الوكالة الأمميّة، متّهمة إياها بممارسة أنشطة "منحازة بشكل لا يمكن إصلاحه".

- دور أساسي -

تأسّست "وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأوسط" في ديسمبر 1949 بموجب قرار أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة.

قبل تأسيس الأونروا كان "برنامج الأمم المتحدة لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين"، الذي أنشئ في 1948 يؤدي مهاما إغاثية للاجئين الفلسطينيين، وقد تولّت الوكالة الوليدة المهام التي كانت موكلة لهذا البرنامج وإضافة إلى ذلك كلّفت الاستجابة بطريقة أكثر فعالية للاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية لمجمل اللاجئين الفلسطينيين.

منذ بدأ النزاع العربي-الإسرائيلي وحتى إقرار الهدنة في يناير 1949، اضطر أكثر من 760 ألف فلسطيني للفرار من منازلهم أمام تقدّم القوات اليهودية أو تم تهجيرهم وطردهم من منازلهم بالقوة، وقد لجأ معظم هؤلاء إلى دول مجاورة.&

ومذاك أصبحت الأونروا، في غياب أي جهة أخرى ذات صلاحية، الهيئة الوحيدة الضامنة للوضع الدولي للاجئ الفلسطيني.

وتقدّم الوكالة المساعدة لأكثر من ثلاثة ملايين فلسطيني من أصل خمسة ملايين مسجلين كلاجئين، ولا سيّما من خلال مدارسها ومراكزها الصحية الموزّعة داخل الأراضي الفلسطينية، وكذلك في لبنان والأردن وسوريا.&

وهناك ما مجموعه 58 مخيماً للاجئين تعترف بها الوكالة الأممية، بينها 19 مخيّماً في الضفة الغربية، الأرض الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل عسكريا منذ 50 عاماً.

ويدرس في مدارس الأونروا أكثر من 520 ألف تلميذ (54% من ميزانية الوكالة يذهب إلى التعليم)، كما أن الوكالة توفّر مراكز للرعاية الصحية وتقدّم مساعدات اجتماعية. وتوظّف الوكالة في الشرق الأوسط أكثر من 20 ألف شخص غالبيتهم العظمى من الفلسطينيين.

- قطع المعونة الأميركية -

منذ تأسّست الأونروا كانت الولايات المتحدة على الدوام المساهم الرئيسي في ميزانيتها. وفي العام 2017 بلغت قيمة المساهمة الأميركية في ميزانية الوكالة الأممية 350 مليون دولار، تليها من حيث القيمة مساهمة الاتحاد الاوروبي التي بلغت نصف قيمة المساهمة الأميركية.

ولكن في يناير 2018 خفّضت واشنطن مساهمتها الى 60 مليون دولار فقط، قبل أن تعلن إدارة الرئيس دونالد ترمب الجمعة أن "الولايات المتحدة لن تموّل الأونروا بعد اليوم".

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت في بيان الجمعة إنّ إدارة الرئيس دونالد ترمب بعدما "درست بعناية المسألة، قرّرت أن الولايات المتحدة لن تقدّم بعد اليوم مساهمات إضافية إلى الأونروا".

وإثر القرار الأميركي، أعلن الاتحاد الاوروبي أنه سيناقش مع شركائه الدوليين "كيفية ضمان مساعدات مستديمة ومتواصلة وفعّالة للفلسطينيين بما في ذلك عبر الاونروا"، خلال المرحلة التي تسبق انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر.&

بالمقابل رحّبت إسرائيل بالقرار الأميركي، متّهمة الوكالة الأممية بـ"إطالة أمد النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني" من خلال تكريسها المبدأ - الذي تعارضه الدولة العبرية - بأن الكثير من الفلسطينيين هم لاجئون لهم الحق في العودة إلى ديارهم، أي الأراضي التي فرّوا منها أو طردوا منها عندما تم إنشاء دولة إسرائيل.

ولكّن المفوّض العام للأونروا بيار كرينبول ذكّر الخميس بأن الوكالة باقية إلى أن يتم التوصّل إلى حل نهائي للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.

ولا يفوت الفلسطينيين التذكير بأن الولايات المتحدة تقدّم سنوياً أكثر من 3 مليارات دولار من المساعدات العسكرية لإسرائيل.

ولم تتوانَ عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي عن وصف القرار الأميركي بقطع المعونة عن الأونروا بأنه "قاسٍ وغير مسؤول".&

- "تداعيات خطرة للغاية" -

وحتى قبل القرار الأميركي كانت الأونروا تعاني من صعوبات مالية جمّة، علماً بأن تمويل الوكالة يتم في شكل شبه كامل من خلال المساهمات الطوعية من جانب الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.&

وبحسب كرينبول، فإنّ الوكالة بدأت هذا العام بعجز مالي يتجاوز 446 مليون دولار وهو "وضع حرج جداً لمنظمة إنسانية"، لكنّها تمكنت من تأمين 238 مليون دولار في النصف الأول من 2018 "، ما سمح لنا ببدء العام الدراسي" مضيفاً "ما زلنا نحتاج أكثر من 200 مليون دولار لاستكمال هذا العام ولهذا نحتاج إلى مؤتمر نيويورك".

وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أعلن الخميس أن بلاده تعمل على عقد مؤتمر نهاية الشهر المقبل في نيويورك لدعم الأونروا التي تعاني عجزاً مالياً يفوق 200 مليون دولار.

وأتى قرار واشنطن قطع المعونة عن الاونروا بعد ساعات من إعلان الحكومة الألمانية أنها ستزيد&بقوة مساهمتها الماليّة في الوكالة الأممية، مطالبة شركاءها الأوروبيين بالاقتداء بها.

ولكن محمود مبارك المدير التنفيذي للجان الشعبية المسؤولة عن إدارة مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية المحتلة وعددها 19 مخيّماً قال لوكالة فرانس برس، إن القرار الأميركي ستكون له "انعكاسات خطيرة جداً"،

أما المتحدث باسم الأونروا كريس غونيس فقد سبق أن حذّر في نهاية أغسطس من أنّه "في نهاية سبتمبر لن يكون لدى الأونروا قرش واحد، بما في ذلك من أجل المدارس والمراكز الصحية".