كشف مشاركون في فعاليات اليوم الثاني والأخير من مؤتمر الاستثمار في المستقبل الذي عقد في إمارة الشارقة بدولة الامارات العربية المتحدة، أن هناك 68 مليون نازح في العالم، وأن العالم يشهد في كل ثانيتين نزوح شخص جديد. لافتين من جهة اخرى الى ان هناك تقارير أطلقها صندوق النقد الدولي، تشير إلى مخاطر كبيرة ستنتج عن التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، وتطول الإنتاج الزراعي والحيواني، وتقلص من الثروة السمكية، إلى جانب توقعات بانخفاض حاد في مخزون المياه، وارتفاع مستوى سطح البحر، وهبوب العواصف، والذي سيؤدي إلى هجرة أكثر من 143 مليون شخص لمنازلهم داخل حدود بلادهم، بحلول عام 2050، بحثاً عن المأوى والعمل.

الذكاء الاصطناعي

وافتتح عمر بن سلطان العلماء وزير الدولة الإماراتية للذكاء الاصطناعي، فعاليات اليوم الثاني من مؤتمر الاستثمار في المستقبل، الذي كرس ليكون "منتدى للشباب"، ضمن الدورة الثالثة من المؤتمر، الذي تنظمه مؤسسة "القلب الكبير"، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومؤسسة "نماء" للارتقاء بالمرأة، وهيئة الأمم المتحدة للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة "هيئة الأمم المتحدة للمرأة"، وقرى الأطفال SOS، تحت شعار، الشباب: تحدي الأزمات وفرص التنمية، بحضور نخبة من المتحدثين والمشاركين ممثلي الحكومات والدوائر الرسمية ومنظمات المجتمع الدولي.
&
وشارك في الجلسة الافتتاحية لليوم الأخير كلا من ريم بن كرم مدير مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، والإعلامي عمر البوسعيدي، مقدم البرامج الإذاعية على إذاعة "بلس 95"، التابعة لمؤسسة الشارقة للإعلام، عضو لجنة الشؤون العامة الإماراتية الأميركية التابعة لغرفة التجارة الأميركية في أبوظبي.
&
وزير الذكاء الاصطناعي: المنطقة العربية كانت وما زالت منطلقا للكثير من المعارف&

واستهلّ الوزير الإماراتي عمر العلماء كلمته بالتأكيد على أهمية الانتباه إلى المقدرات التكنولوجية المتطورة، والالتزام بالتعلّم والانفتاح على كلّ ما هو جديد ومتطور، متناولاً 3 نماذج حضارية تنموية، استعرض من خلالها تجارب دول استنزفت مواردها ولم تقدم أي شيء لشعوبها ومواطنيها، وأخرى نجحت في أن تكون دولاً قوية وريادية بفضل استثمارها الصحيح للموارد والثروات واهتمامها بتطوير قدرات ومعارف الإنسان.
&
وأكد أن المنطقة العربية كانت وما زالت منطلقا للكثير من المعارف والخبرات التي انتقلت للعالم أجمع، مضيفاً: "من خلال اطلاعي على وقائع التاريخ، وجدت أن المعضلة التي جعلت منطقتنا تعاني من تراجع في الإنتاج والابتكار، وتسلل للأفكار السلبية الهدّامة، كانت التخوّف من التقدم والتعامل مع اختراعات الآلة الجديدة".
&
وتابع العلماء وزير الدولة للذكاء الاصطناعي "نعيش اليوم في عالم مليء بالمعارف والتكنولوجيا، حيث يحتلّ الذكاء الصناعي مكاناً كبيراً من حياتنا اليومية، ولا يمكننا إنكار الدور المهم الذي تلعبه الآلة في هذا العصر، وهذا يدعونا إلى الاهتمام بتعزيز معارفنا في هذه المجالات التكنولوجية والاستفادة منها بشكل علمي، كون جميع المتغيرات التي مرّت على العالم نستطيع التحكّم بها إذا كنّا جزءاً من إنتاج الآلة، وتعرفنا على تأثيراتها ومعايير استدامتها السلبية والايجابية".

&مظاهر النجاح

وأكد أن كل ما نراه من مظاهر للنجاح والتقدم على الصعيدين الاقتصادي والفكري في عالمنا الحالي هو نتاج استشراف المستقبل، ونتاج رؤية آمنت واستفادت من القدرات التي وفّرتها التقنيات المساعدة والمساندة من حولنا، داعياً الشباب إلى معرفة دورهم الحقيقي في المستقبل، وتاركاً لهم وصيّة قال فيها: "عليكم أن تتركوا بصماتكم في الحياة والتاريخ لتتذكّركم الأجيال القادمة، ولتتمكنوا من قيادة حاضر ومستقبل بلادكم نحو الأفضل".
&
المرأة وإدماج الشباب
&
من جهتها أكدت ريم بن كرم مدير مؤسسة نماء للارتقاء بالمرأة، أنه من الصعب أن ينعم المجتمع الدولي بالاستقرار دون أن يضع خططاً وبرامج تسهم في إدماج الشباب بلا استثناء في بنيته الاقتصادية والاجتماعية، لافتة إلى ضرورة إشراك الشباب من الجنسين في دائرة صُنع القرار ووضع السياسات التي تمّس مصائرهم.
&
وقالت "لطالما آمنت دولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها بالدور الذي يلعبه الشباب، لذا تم توفير البرامج والخطط الإنمائية التي تسهم في تمكين الشباب والارتقاء بأدوارهم، ومن هذا المنطلق، ارتأت مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، وبتوجيهات قرينة حاكم الشارقة، الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيس مؤسسة ربع قرن لصناعة القادة والمبتكرين، أن تطلق ومن منبر هذا المؤتمر برنامج "وثبة"، الهادف إلى استقطاب القيادات الشابة وتفعيل دورها وتشجيع وتنمية الشراكات بين القطاعات المختلفة في المجتمع بهدف دعم المهارات القيادية والأفكار المبدعة".

مهارات وظيفية
&
وتابعت بن كرم: "بموجب البرنامج الذي صممته وتشرف عليه مؤسسة الشارقة لتطوير القدرات - تطوير، سيتم اختيار نخبة من شباب الإمارات، من خريجي الجامعات وإرسالهم للتدريب في شركات ومؤسسات اقتصادية عالمية لإكسابهم الخبرات والمهارات الوظيفية الجديدة التي يتطلبها سوق العمل، وتعريفهم على مستجدات آليات الإدارة وتنمية القدرات الذاتية وكفاءة الفريق بما يترجم سعينا المتواصل للتصدي لظاهرة اتساع الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل".
&
ودعت الجميع أن يعملوا من منطلق الإيمان بأن لكل تحد وسيلة لتجاوزه، ولكل مشكلة حل، ولكل أزمة مخرج، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن كل الجهود التي تقوم بها المؤسسات والمنظمات في الإمارة هي خدمة للشباب وبداية الطريق نحو مستقبل ينعم بالأمن والاستقرار.&
&
الذكاء العاطفي والشباب اللاجئ
&
في سياق متصل قال الإعلامي عمر البوسعيدي "إن التطور الذي أحدثه الإنسان ونلمس أثره في حياتنا اليومية وفي مختلف المجالات الاقتصادية والمعرفية، أوجد ما يسمى بالذكاء العاطفي، الذي يعتبر برنامجاً حاسوبياً إنسانياً، وإذا نظرنا عن كثب نجد أن الإنسانية بشكلها المثالي عامل مكمّل للتكنولوجيا، ولا يمكن أن تلغي التقنية دور الإنسان لكن يجب أن نتخلى في وقت من الأوقات عن عبودية الآلة، وفي هذا العالم الذي تتسارع وتيرته ويتضاعف فيه تأثير الثورة الصناعية علينا ألا تغفل عن معاناة الشباب خصوصاً اللاجئين منهم الذي يحتاجون إلى حشد المزيد من التضامن العالمي مع قضاياهم المختلفة".
&
وأشار إلى ضرورة أن تستحدث المجتمعات والمؤسسات والمنظمات العالمية برامج تنموية ترفد الشباب بمعارف العصر، وتمكنهم من بحل المشكلات والتفكير النقدي والتركيز على المفاوضات والمرونة الادراكية وغيرها من المهارات المهمة، وأن الاستثمار في الشباب ومستقبلهم يعني توفير حياة أفضل للأجيال.
&
منتدى للشباب
&
وشكل اليوم الثاني والختامي من فعاليات "مؤتمر الاستثمار في المستقبل"، منتدى للشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، جمع نخبة من ممثلي الهيئات الدولية، والناشطين الحقوقيين، والمؤثرين الاجتماعيين في ثلاث جلسات حوارية، لبحث دور الشباب في مواجهة تحديات التغير المناخي، وتقدير حجم مشاركة الطاقات الشابة في مسيرة التنمية الإقليمية، إضافة إلى توفير منصة للأصوات الملهمة والنماذج الرائدة من الأجيال الجديدة.
&
وجمع المؤتمر التجارب القيادية الشابة وممثلين عن فئات الشباب اللاجئ، والأقليات، مع أصحاب القرار، والمسؤولين الحكوميين والدوليين، للوصول إلى نماذج حلول مبتكرة، تساهم في تجاوز التحديات التي يمر بها الشباب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
&
التغير المناخي.. والقطب المتجمد
&
وتحدث خلال الجلسة التي حملت عنوان "الشباب والتغير المناخي" كل من بارني سوان المدير الدولي لقوة المناخ، وأميرة المرزوقي ناشطة مهتمة بالبيئة الإماراتية، حيث استعرضا تجاربهما من خلال البعثات الاستكشافية التي قاما بها إلى القطب الجنوبي، بالإضافة إلى مساهمة الشباب على صعيد قضايا التغير المناخي والحفاظ على البيئة.
&
ولفت سوان خلال استعراضه نماذج من صور مأخوذة في رحلة استكشافية إلى منطقة القطب المتجمد، ذوبان قطع جليدية هائلة، وأكد أن العالم سيعاني من تأمين المياه الصالحة للشرب، حيث توفر تلك المنطقة 70% من مخزون المياه العالمي، ما لم يتم التحرك لاتخاذ إجراءات فعالة لوقف التغيرات المناخية التي يفرزها السلوك العالمي، سواء في التصنيع أو في استخدام المنتجات غير القابلة للتدوير.
&
وأوضح أن العالم ينتج يوميا 300 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون، الذي ينتشر في الأجواء نتيجة لمخلفات المصانع، واعتماد السيارات والطائرات على المواد القابلة للاشتعال، إلى جانب الصناعات البلاستيكية، ما يحتم ضرورة تفعيل أدوار مختلف الجهات والفئات العمرية، لا سيما فئة الشباب لابتكار حلول لإعادة تدوير المخلفات وتحويلها من مواد ضارة إلى مواد ذات فائدة للإنسان والبيئة، مطالباً بإشراك الجهات التي تصنع أو تدخل في صناعاتها المواد غير القابلة للتدوير، ليكونوا شركاء في حماية المناخ.
&
الأضرار البيئية

من جانبها شاركت الناشطة البيئية وسفيرة المناخ أميرة المرزوقي الحضور تجربتها الاستكشافية إلى القطب الجنوبي، باعتبارها أول إماراتية تصل إلى قمة القطب المتجمد، لافتة إلى أن أولى رحلاتها الاستكشافية في عامي 2015 و 2016 تركت لديها أثراً كبيراً، وحافزاً وشغفاً بضرورة القيام بمزيد من العمل لحماية المناخ، من خلال زيادة الوعي بين الناس وتعريفهم بخطورة التحولات الاجتماعية الناجمة عن التغيرات المناخية، وتسليط الضوء على الترابط بين التغيرات المناخية والتنمية الاجتماعية، بالإضافة إلى زيادة الوعي بمختلف الأضرار البيئية.
&
وأكدت أنها بصدد القيام برحلة استكشافية أخرى في العام 2019 إلى منطقة القطب الشمالي، لإلقاء المزيد من الضوء على هذه المناطق، ونقل تجربة الرحلة وأهمية الحفاظ على هذه المناطق إلى القيادات والمؤسسات والشباب، بهدف رفع الوعي بين مختلف أفراد المجتمع للحد من استخدام المنتجات الضارة بالبيئة، لافتة إلى أن لدى الشباب مسؤولية كبيرة في هذا الصدد، وأنهم قادرون على المساهمة بشكل كبير في أن يكونوا شركاء في حملات التوعية الخاصة بالحفاظ على المناخ، وكذلك دورهم في ابتكار حلول للحفاظ عليه، وتجنيب المجتمعات الدولية كوارث وأزمات وهجرات سكانية واسعة ستتسبب بها التغيرات المناخية.
&
وتشير تقارير أطلقها صندوق النقد الدولي إلى مخاطر كبيرة ستنتج عن التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة، وتطول الإنتاج الزراعي والحيواني، وتقلص من الثروة السمكية، إلى جانب توقعات بانخفاض حاد في مخزون المياه، وارتفاع مستوى سطح البحر، وهبوب العواصف، والذي سيؤدي إلى هجرة أكثر من 143 مليون شخص لمنازلهم داخل حدود بلادهم، بحلول عام 2050، بحثا عن المأوى والعمل.
&
رالي باكستان
&
وفي جلسة أخرى استعرضت ثلاث فتيات باكستانيات من فريق سباقات الرالي في باكستان، تجربتهن الفريدة في صناعة سيارة سباق شاركن فيها في المملكة البريطانية، وفزن من خلالها بجائزة تكريمية تقدمها إحدى المجلات العالمية المعنية بسيارات السباق، حيث قدّمت كل من صباح زمان، أزكا آثار، ووردة جمال، سرداً للمراحل التي مررن بها خلال فترة صناعة المركبة التي تمتاز بقدرات وإمكانات، خولتهن من المشاركة على مضمار حلبة سباق متخصصة.
&
واستهلت الفتيات حديثهن عن الخيارات التي وضعت أمامهن عندما تبلورت في أذهانهن الفكرة، وبالرغم من كون ثلاثتهن دارسات في مجالات أكاديمية بعيدة كلّ البعد عن صناعة الهياكل والهندسة الميكانيكية، فواحدة منهنّ تحمل شهادة في مجال إدارة الأعمال والأخريات في مجال التصميم، لكن الإصرار والمثابرة هو ما قادهن للابتكار، حيث أوضحت صباح زمان في مداخلتها خلال الجلسة، أنها وجدت نفسها راغبة في تحقيق حلمها في هذا المجال، وبمساعدة زميلاتها بدأت مشوار صناعة المركبة، حيث واجهتها تحديات كبيرة وظروفاً صعبة، ففي بلادها مهنة صناعة السيارات غير متداولة بين النساء، ناهيك عن شح الإمكانات والدعم المادي وغيره ما وضعت الفتيات بالفعل أمام ظروف تمكن من تجاوزها بالعزيمة والإصرار.
&
واوضحت وردة جمال أنهن كن يوازن ما بين دراستهن وبين عملهن في صناعة الهيكل وجسم السيارة بشكل يدوي دون الاستعانة بمصانع أو ورش عمل وما شابه، واعتمدن فقط على شغفهن لقطع شوط كبير في هذا المشوار، إلى أن وصلن إلى مرحلة لا تراجع فيها، ثم واجهت الفتيات معضلة الدعم المادي لكن الحكومة وفرت لهن الدعم المادي.
&
من جانبها اعتبرت أزكا آثار أن ما قمن به يعد إنجازاً كبيراً يحسب لقدرات المرأة، منوهة بأنهن لم يكن يتوقعن الفوز بالجائزة.
&
&قرى الأطفال

وجاءت الجلسة الثالثة في المؤتمر التي نظمتها قرى الأطفال "إس أو إس"، تحت عنوان "مناقشات بقيادة الشباب: إشراك الشباب في التنمية الإقليمية"، وشارك فيها كلٌ من سعاد الحمادي سفيرة جمعية الشباب لدى الأمم المتحدة، ورانيا عميرة ممثلة مجلس الشباب الاستشاري لقرى الأطفال، ورامي حسان ممثل كليات العالم المتحد، وديالا دياب ممثلة جمعية الشباب اللبناني المتحد، وأدارتها جمانة أبو هنود المدير التنفيذي لمكتب منطقة الخليج العربي لقرى الأطفال، وبحثت الجلسة في أهمية تعزيز مهارة اتخاذ القرار عند الشباب واتباع إرشادات خاصة بسياسة اتخاذ القرار.
&
وكانت الجلسة بمثابة نقاش مفتوح مع المتحدثين الذين لخصوا نتائج ما توصلوا إليه من نتائج عبر النقاشات التي شاركوا فيها خلال اليومين الماضيين، وثمنوا الدور الكبير الذي لعبه المؤتمر في توفير منصة جمعتهم بشباب من جميع أنحاء العالم لتبادل الخبرات والتجارب الملهمة، ورصد التحديات التي تواجههم وتقديم مقترحات وحلول ناجعة لها بأفكار شبابية إبداعية.

معالجة التحديات

وأكد الشباب المتحدثين على أنهم توصلوا إلى أن معالجة التحديات التي تواجه الأطفال والشباب في الحصول على تعليم تعتبر مفتاح الحل لجميع التحديات والمشاكل الأخرى، كون التعليم مرتبط بكل القطاعات الأخرى وأن إصلاح النظام التعليمي يعني إصلاح جميع القطاعات الأخرى، وشددوا على ضرورة التوازن في الاستثمار التعليمي، وأن يشمل القرى والمناطق البعيدة التي يتعذر فيها على الأطفال الحصول على تعليم جيد.
&
وأشاروا إلى أنه ومن خلال الرصد والتحليل، واستعراض تجارب الشباب خلال الجلسات التي أقيمت خلال المؤتمر، تبين وجود تشابه كبير في التحديات التي تواجه الشباب في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تتمثل في اختلالات بنيوية في النظام التعليمي، إلى جانب انعدام منصات توضح للشباب الفرص المتوفرة لهم في شتى المجالات.