أفديمو: يعرب المزارع القبرصي أندرياس فوتيو عن خشيته من خسارة دعم الاتحاد الأوروبي المالي الحيوي لمساعدته على الاعتناء بكروم زيتون قريبة من قريته والتي لن تعود في التكتل بعد بريكست لوجودها داخل قاعدة عسكرية بريطانية في الجزيرة.

ويقول المزارع وهو يقود سيارته على مهل عبر الطريق الترابي في جنوب غرب قبرص من قريته أفديمو إلى قاعدة أكروتيري، إنه لا يخشى فقط خسارة الدعم الأوروبي، وإنما أن يضطر كذلك إلى دفع رسوم ضريبية مرهقة في حال لم تتوصل لندن إلى اتفاق مع بروكسل حول الخروج من الاتحاد بنهاية آذار/مارس المقبل أو إلى اتفاق تجاري.

فوتيو واحد من آلاف المزارعين القبارصة الذين يعملون في حقول تقع داخل القاعدتين العسكريتين البريطانيتين في قبرص وهي أراض تابعة للسيادة البريطانية وتشكل نحو ثلاثة في المائة من مساحة الجزيرة المتوسطية.

يقول المزارع البالغ من العمر 54 عاماً "إذا خرجت المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق ودي فهذا سينعكس وبالاً على المزارعين الموجودين داخل القاعدة البريطانية".

ويضيف "لا يمكننا تحمل دفع ضرائب إضافية"، في ظل انعدام اليقين بشأن الرسوم التي تطبق عموماً لدى استيراد منتجات من "طرف ثالث" إلى أراضي الاتحاد الأوروبي.

وتعرض قاعدة بيانات التجارة والجمارك التابعة للمفوضية الأوروبية رسوماً تبلغ 15,2% على واردات الزيتون من دول خارج الاتحاد الأوروبي في غياب اتفاقات تجارية مسبقة.

ويقول فوتيو إن العلاقات بين المزارعين القبارصة والجيش البريطاني كانت على الدوام "ممتازة"، ويضيف وهو يقف في ظل شجرة زيتون "عندما تنشأ مشكلة، نجلس حول الطاولة ونحلها على الفور".

ويضيف "لم يبلغنا أحد بما سيحدث بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وما سيكون عليه الوضع".

تقع قرية أفديمو ذات المناظر الخلابة بمحاذاة قاعدة أكروتيري - وهي واحدة من قاعدتين عسكريتين بريطانيتين بقيتا على الجزيرة بعد نيل قبرص استقلالها في عام 1960. أما قاعدة ديكيليا فتقع إلى الجنوب الشرقي من الجزيرة.

وتنتشر في الأراضي غير العسكرية داخل القاعدة كروم الزيتون والعنب وحقول البطاطس كما يربي المزارعون الماشية.

وتعبر المزارعة قنسطنطينا بيروا التي تربي 600 رأس من الخراف في أكروتيري عن قلقها. وتقول المرأة البالغة من العمر 41 عاماً، "كثير من المزارعين خائفون. مزرعتنا داخل القاعدة وقد نفقد مصدر رزقنا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي. انه وضع خطير بالنسبة لنا".

- بروتوكول قبرص -

ويتفاقم شعور المزارعين بعدم الأمان نظراً لأنهم فقدوا أراضيهم الأصلية بعد احتلال تركيا الشطر الشمالي من قبرص عام 1974 رداً على انقلاب بإيعاز من المجلس العسكري في اليونان.

ويشرح فوتيو وبيروا أن عائلتيهما استقرتا مع نحو ألف شخص في أفديمو بعد نزوحهم من الشمال المحتل، ويعمل كثير من هؤلاء في الزراعة أو تربية الماشية في أكروتيري.

تجري المفاوضات بين لندن وبروكسل بشأن اتفاق الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بالتوازي مع المحادثات بين بريطانيا وقبرص التي انضمت إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2004، على ملحق لاتفاق بريكست الرئيسي.

وأبلغت رئيسة الوزراء تيريزا ماي البرلمان في الأسبوع الماضي أن بروتوكول الاتفاق مع قبرص "تمت صياغته".&

لكن المفوضية الأوروبية أكدت على الدوام أنه "لن يتم الاتفاق على أي شيء حتى يتم الاتفاق على كل شيء"، وهذا يعني أن البروتوكول القبرصي لن يكون قابلا للتطبيق إذا فشلت المفاوضات الجارية حول اتفاق الانسحاب الأوسع بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.

وأكدت وزارة الخارجية القبرصية لوكالة فرانس برس "يجب وسيتم ضمان حماية حقوق ومصالح القبارصة المقيمين في القواعد"، حتى في غياب اتفاق انسحاب.

وقالت الوزارة في تصريح خطي لوكالة فرانس برس إن قبرص لديها "خطط لمعالجة جميع السيناريوهات". وأشارت إلى معاهدة أبرمت مع المستعمرة البريطانية السابقة عام 1960 وتنص على أنه لا توجد حواجز جمركية بين القاعدتين وجمهورية قبرص.

- غموض قانوني -

لكن آخرين يشيرون إلى الشكوك المحيطة بالقانون التجاري العالمي والقبرصي وفي الاتحاد الأوروبي. ويقول أحد الخبراء القانونيين الذي تابع المفاوضات القبرصية عن قرب "لا يمكن استبعاد سيناريو يدفع فيه المزارعون رسوماً جمركية".

تنطبق حالياً قوانين الاتحاد الجمركي للاتحاد الأوروبي على القاعدتين البريطانيتين، لكن لجنة برلمانية بريطانية ذكرت أن هذا الترتيب سوف ينقضي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

وقالت لجنة التفتيش الأوروبية في تموز/يوليو إن "التدفق الحر للسلع لن يعود ممكناً" بين القواعد وجمهورية قبرص.

واضافت "بدلا من ذلك سيتطلب قانون الاتحاد الأوروبي من قبرص تطبيق ضوابط جمركية وتنظيمية على العبور بين الجانبين لأول مرة".

هناك أيضا تقارير تفيد بأن مرور الإمدادات العسكرية البريطانية عبر قبرص إلى القواعد السيادية يمكن أن يواجه عراقيل في غياب اتفاق حول بريكست.

وقالت صحيفة "ذا تايمز" اللندنية في آب/أغسطس إن المسؤولين البريطانيين استنتجوا أنهم سيحتاجون إلى توسيع ميناء صغير قائم في أكروتيري لتجنب العراقيل في الموانئ القبرصية.

لكن أحد المحللين قال لوكالة فرانس برس إنه في ظل سيناريو غياب الاتفاق، من المرجح أن يوافق الاتحاد الأوروبي على استثناءات.

وقال كيت نيكول المحلل الأمني لدى "آي اتش أس ماركيت" في لندن إن القواعد تندرج تحت "التعاون الأمني ​​الذي يتفق كل من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي على أنه لن يتأثر في الإجمال بغض النظر عن الترتيبات المستقبلية".

وقالت وزارة الدفاع البريطانية إن "مناقشات بناءة" جرت مع قبرص "لحماية الأداء العسكري الفعال للقاعدتين، وخفض القلق وانعدام اليقين إلى الحد الأدنى بالنسبة للمواطنين والشركات والمقيمين".

وقال متحدث في تصريحات بعث بها الى وكالة فرانس برس "نتطلع الى العمل مع جمهورية قبرص وشركائنا الأوروبيين لبناء علاقة مستقبلية دائمة وذات منفعة متبادلة".
&