برازيليا: يتوقع محللون أن تشهد الدبلوماسية البرازيلية تحولا كبيرا مع تولي ارنستو أراوجو الذي اختاره الرئيس المنتخب لتولي حقيبة الخارجية نظرا لآرائه التي تميل إلى الولايات المتحدة وتبتعد عن الصين في إطار المعارضة الشرسة للتعددية.

ولا يعرف الكثير عن هذا الدبلوماسي الجديد في عالم السياسة والبالغ من العمر 51 عاما، والذي يشارك الرئيس المنتخب جايير بولسونارو موقفه المنتقد للصين وتشكيكه بالتغيير المناخي.

وقالت فرناندا ماغنوتا الخبيرة في العلاقات الدولية لدى معهد فاب، أحد أبرز معاهد التعليم في ساو باولو إن "الآراء التي يعتنقها تظهر انشقاقا كبيرا" عن الدبلوماسية.

ولدى الإعلان المفاجئ عن تعيينه الأسبوع الماضي هاجم المحللون مدونة أراوجو "متروبوليتيكا 17" التي تنادي "ضد العولمة".

وغالبا ما عبر أرواجو الذي وصفه بولسونارو ب"المثقف اللامع" عن آراء متشددة: الشوفينية المتحالفة مع الرفض الشديد للتعددية و"الماركسية الثقافية" التي "أثرت على العقيدة العلمية للاحتباس الحراري".

ويقول أراوجو على مدونته إن البرازيل "تخلت عن كونها قوة عظمى" بسبب "طاعتها للنظام العالمي".

ويضيف بأن "الهدف النهائي للعولمة هو فك الرابط بين الله والإنسان".

- ترامب يمكنه إنقاذ الغرب -
وتماما مثل بولسونارو فإن أراوجو من أشد المعجبين بالرئيس الأميركي دونالد ترامب ويعتقد أن بإمكانه "أن ينقذ الغرب".

بل ذهب إلى حد تحويل شعار ترامب "أميركا أولا" إلى "البرازيل أولا".

ومن شأن علاقة وثيقة كتلك بين البلدين أن تسمح لواشنطن بفرض مزيد من العزلة على خصميها الاشتراكيين كوبا وفنزويلا، اللتين ارتبطتا بعلاقات أفضل خلال 13 عاما من حكم حزب العمال في البرازيل أو "مشروع شمولية" كما يسميه أراوجو.

والعلاقات الأوثق مع الصين التي تعززت خلال حكم الرئيس السابق لويس ايناسيو لولا دا سيلفا المسجون حاليا، ستتراجع على الارجح.

ويعتقد أراوجو أن على البرازيل أن تقاوم الصين "التي ستهيمن على العالم".

ونأى بولوسنارو عن الصين باتهام ثاني أكبر اقتصاد في العالم "بشراء البرازيل" محولا انتباهه إلى تايوان التي زارها في شباط/فبراير.

وتعتبر بكين تايوان إقليما متمردا.

وبإحراق الجسور التي شيدت خلال حكومة لولا "سنرى اصطفافا قريبا جدا مع النظام الأميركي" بحسب مونيكا هيرتز أستاذة العلاقات الدولية في جامعة "بي يو سي" الكاثوليكية في ريو دي جانيرو.

وقالت إن "العلاقات مع أميركا اللاتينية يمكن أن تتأذى. الخشية الأكبر تتعلق بالصين، ولكن أيضا أوروبا" التي وصفها أراوجو "بالفارغة ثقافيا".

وسيمارس بولوسنارو، بنصيحة أراوجو، لعبة خطيرة، كما يرى محللون.

وقالت ماغنوتا إن "تجاهل أهمية الصين أو العالم العربي يمكن أن يكون مدمرا ليس فقط بالمعنى الدبلوماسي بل أيضا للاقتصاد البرازيلي".

والبرازيل أكبر مصدر للحوم الحلال ووعدت بنقل سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، في خطوة لا تلقى ترحيبا -- تاتي بعد خطوة مماثلة لترامب -- لدى دول عربية غالبيتها مسلمة.

وكذلك فإن أهمية الصين بالنسبة للانتاج الصناعي البرازيلي مؤكدة.

وقالت ماغنوتا "في 2017 كانت الصين السوق الأول للصادرات البرازيلية مع 47 مليار دولار من العائدات التي تراوحت من الصويا إلى الحديد".

والنأي عن الصين سيكون على الارجح خطوة لا تلقى التأييد في الكونغرس البرازيلي.

ويمكن أن تواجه التدابير المثيرة للجدل التي أعلنها بولسونارو "مقاومة شديدة، وبشكل خاص من فريقه الاقتصادي ولوبي النشاط الزراعي" الذي يحتاج بولوسنارو لدعمه في الكونغرس لممارسة الحكم.

وكذلك فإن آراء أراوجو تواجه "معارضة قوية" في وزارة الخارجية حيث هناك "تقليد قائم على مبادئ التعددية".

- تجريم كل شيء -
من غير المرجح كذلك أن يعمل أراوجو على تعزيز التناغم السياسي الداخلي بين الحزبين إذ أن كراهيته لحزب العمال لا يضاهيها سوى كراهية بولسونارو.

وعلى مدونته اتهم حزب العمال "بتجريم كل شيء جيد وطاهر: العائلة والملكية الخاصة والعلاقة بين الجنسين المختلفين والإيمان بالله والوطنية ... وحتى اللحم الاحمر وتكييف الهواء والنفط وجميع مصادر الطاقة الفاعلة والرخيصة".

وبولوسنارو الذي تعهد الانسحاب من اتفاق باريس حول المناخ، لديه الآن صديق كبير مشكك بالاحتباس الحراري العالمي إلى جانبه.

وبالنسبة لهيرتز فقد تم اختيار أراوجو لأنه "بشكل واضح يعبر عن الرؤية للعالم" التي يعتنقها بولوسنارو.

وقالت "كانوا يبحثون عن شخص يفهم أسسهم لديه قيم محافظة متشددة وتفاعل قوي بين الدين والسياسة".

وبحسب هيرتز فإن وجود أراوجو في حكومة بولسونارو سيسهم فقط في العمل على أن "تتأذى علاقات البرازيل بالعديد من الأحزاب في العالم".