إيلاف من القاهرة: يبدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، اليوم الاثنين، زيارة رسمية إلى مصر قبل التوجه إلى الأرجنتين للمشاركة في قمة العشرين. وقال خبراء سياسيون وأمنيون إن الزيارة تهدف إلى التنسيق السياسي والأمني مع الدول العربية الحليفة للسعودية، لتعزيز التعاون العربي، ومواجهة الهجمة التي تتعرض لها المملكة.
&
ويستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولي العهد السعودي في قصر الاتحادية بالقاهرة، ومن المتوقع أن يبحث الطرفان تطورات الوضع في اليمن وسبل مواجهة الإرهاب وإيران ومسار عملية السلام في المنطقة، إضافة إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين الرياض والقاهرة.

ورحبت الأوساط السياسية والشعبية بزيارة الأمير محمد إلى مصر، وقال السفير السابق حسن هريدي، لـ"إيلاف" إن الزيارة تأتي ضمن جولة ولي العهد إلى مجموعة الدول العربية الحليفة للمملكة العربية السعودية في طريقه للمشاركة في قمة العشرين بالأرجنتين، مشيرًا إلى أن الهدف من الجولة هو تعزيز العلاقات العربية السعودية.

وأضاف أن الجولة تتضمن مناقشات العديد من الملفات مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وزعماء الدول العربية الأخرى التي تشملها الجولة، موضحًا أن محاربة الإرهاب والقضية الفلسطينية تأتيان في مقدمة تلك الملفات.

ولفت إلى أن الزيارة تتضمن مناقشة أفضل السبل للتعامل مع التأثير أو التدخل الإيراني في شؤون بعض دول المنطقة، بالإضافة إلى مناقشة الأوضاع في اليمن وسوريا.

ونبه إلى أن ولي العهد مهموم أيضًا بمناقشة الأوضاع في ليبيا مع المسؤولين في مصر وتونس والجزائر، منوهًا أن الجولة تعطي قوة دفع إضافية للعلاقات السعودية العربية، وتفعيل الدور العربي في مواجهة التحديات التي تواجه العالم العربي.

ونفى أن تكون الجولة مرتبطة بقضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي، وقال إن الزيارة مرتبطة بمشاركة الأمير محمد بن سلمان في قمة العشرين بالأرجنتين، مشيرًا إلى أن السعودية دائمًا تعمل على تعزيز التضامن العربي، والتعاون والتكامل مع الدول العربية.

وفي ما يخص الملف الأمني، قال الخبير في مكافحة الإرهاب، اللواء السابق حاتم صابر، إن زيارة ولي العهد السعودي لمصر ضمن جولة تشمل دولًا عربية أخرى، تهدف إلى مواجهة الهجمة الممنهجة والشرسة التي تعرضت لها السعودية في هذه المرحلة، وتهدف إلى النيل من قوتها في المنطقة والعالم.

وأضاف لـ"إيلاف" أن الزيارة إلى القاهرة تعمل على تنسيق الجهود الأمنية مع مصر، في ما يخص الأزمات أو التحديات التي تواجه الدولتين&والعالم العربي، لاسيما محاولات الضغط على المملكة دوليًا للحصول على مكاسب خاصة.

ولفت إلى أن توقيت الزيارة مناسب جدًا في تلك المرحلة، مشيرًا إلى أن&الزيارة تستهدف أيضًا زيادة التنسيق الأمني وتبادل المعلومات الاستخباراتية في مجال مكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى الملفات السياسية والاقتصادية، لمواجهة الهجمة على السعودية وبعض دول المنطقة المهمة.

ولفت إلى أن الجولة العربية التي يقوم بها الأمير محمد تهدف أيضًا إلى توحيد الجهود العربية وزيادة التنسيق الأمني معها، في ما يخص مكافحة الإرهاب، ومواجهة مختلف التحديات الأمنية.

الملف الاقتصادي

ويحضر الملف الاقتصادي بقوة على مائدة مباحثات ولي العهد السعودي في مصر، وعلى هامش الزيارة يعقد مجلس الأعمال المصري السعودي، اجتماعًا، برئاسة عبد الحميد أبوموسى، رئيس مجلس إدارة بنك فيصل، رئيس الجانب المصري، والشيخ عبدالله بن محفوظ، نيابة عن الشيخ صالح كامل، رئيس الجانب السعودي، وذلك بحضور أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف المصرية، والدكتور سامي العبيدي، رئيس مجلس الغرف السعودية، لوضع خطة عمل للنهوض بالعلاقات التجارية والاستثمارية بين الشقيقتين مصر والمملكة العربية السعودية.

وقال أحمد الوكيل، رئيس اتحاد الغرف المصرية، إن الاجتماع سيناقش خطة العمل التي وضعت بين الاتحادين، والتي تتضمن تنمية العلاقات الاقتصادية على المستوى الثنائي، بالإضافة إلى الانطلاق نحو التعاون الثلاثي لمشاريع مشتركة في أفريقيا من خلال رئاسة مصر لاتحاد الغرف الأفريقية، ورئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى القادمة للاتحاد الأفريقي، خاصة في مجالات المقاولات والبنية التحتية والزراعة والتصنيع المشترك، بالإضافة الى تعظيم الاستفادة المشتركة من اتفاقيات التجارة الحرة الأفريقية.

وأضاف في تصريحات له، إنه سيتم تفعيل التعاون بين المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالمملكة ومصر من خلال الربط بين الغرف التجارية في كلا من البلدين، والذي سيتم تفعيله بعقد اجتماع مشترك لمجالس إدارات الاتحادين، الأول في أسوان يومي 18 و19 ديسمبر، ويليه الاجتماع الثاني في الطائف، لفتح قنوات اتصال مباشرة بين الغرف في الجانبين لصالح منتسبيهم من الشركات الصغيرة والمتوسطة، وعرض فرص التعاون المشترك في المحافظات المختلفة، بالإضافة إلى تبادل الخبرات في الخدمات المقدمة من كل غرفة، خاصة في مجالات المعونة الفنية والتمويل وريادة الأعمال والتدريب.

وأوضح أن السعودية تحتل المرتبة الأولى من حيث الاستثمارات العربية في مصر، إذ بلغ عدد المشروعات السعودية في مصر أكثر من 2900 مشروع تغطي كافة المجالات الإنتاجية والخدمية، وبلغت قيمتها أكثر من 27 مليار دولار، بمساهمات سعودية تجاوزت 5.7 مليارات دولار، فضلاً عن ممتلكات الأخوة السعوديين من الأصول العقارية في وطنهم الثاني مصر، التي تقدر بعدة مليارات.

وأضاف أنه في المقابل، تنامت الاستثمارات المصرية في السعودية ليصل عدد المشروعات إلى 1300 مشروع، باستثمارات تتجاوز 2.5 مليار دولار، منها 1000 مشروع برأس مال مصري 100% تجاوز 1.1 مليار دولار، كما تصاعد وتنامي التبادل التجاري ليتجاوز 6.2 مليارات دولار، بزيادة سنوية 16.5%، كما تشكل السياحة السعودية أكثر من 20% من السياحة العربية، كما بلغ عدد المصريين الذين يعملون بالمملكة 1.8 مليون، بخلاف أسرهم، وهناك أكثر من نصف مليون من السعوديين المقيمين إقامة دائمة بمصر.

وقال سامي العبيدي، رئيس مجلس الغرف السعودية، إن العلاقات بين المملكة والشقيقة مصر والزيارات المتكررة هي رسالة لا تقبل التأويل لعمق العلاقات بين دولتينا الشقيقتين التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولى عهده، الأمير محمد بن سلمان، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.

وأضاف في تصريحات له: "قد آن الآوان ليقوم مجلس الغرف السعودي واتحاد الغرف المصرية ومجلس الأعمال المشترك بالدور الفاعل والواجب للنهوض بالتبادل التجاري وتعظيم الاستثمارات خارج الأنشطة التقليدية من استثمار سياحي وعقاري والدخول في التكامل الصناعي لخلق قيمة مضافة حقيقية، والأهم فرص عمل لشباب البلدين الذين يتجاوزون 70% من حجم السكان".

وأوضح أنه في هذا الإطار يقوم الاتحادان بعمل حصر للصناعات القائمة ومدخلاتها للترويج للتكامل بين القطاعين الصناعيين، خاصة مع الميزة التنافسية لاتفاقية التجارة الحرة والتكلفة المحدودة للشحن.

ولفت إلى أن تم الاتفاق على وضع مسارات للسياحة السعودية في مصر وهو ما قامت به العديد من الدول الجاذبة للسياحة السعودية، وذلك لتعظيم العائد منها خاصة مع نمو الخطوط المباشرة من مختلف مدن المملكة إلى العديد من المدن المصرية.

وأكد أن مجلس الغرف السعودي سيشارك بوفد في القطاعات المستهدفة أثناء مؤتمر الاستثمار المصري، في 8 إلى 10 فبراير 2019، الذي سيتواكب مع اجتماعات مجالس إدارات الغرفة الإسلامية، واتحاد الغرف الأفريقية، واتحاد غرف البحر الأبيض لتعظيم التعاون الثنائي والثلاثي.

وأضاف أن مصر أصبحت جاذبة أكثر من أي وقت مضى بعد برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تضمن إصلاحات مالية ونقدية وتشريعية وإجرائية تضمنت تحرير سعر الصرف وخفض عجز الموازنة، ليرتفع معدل نمو الناتج&المحلي&إلى أكثر من 5.7%، وينخفض عجز الموازنة إلى 9.5%، ويرتفع الاحتياطي من النقد الأجنبي إلى أكثر من 44.4 مليار دولار، مما يعطى الثقة للمستثمر السعودي.