لا شيء يزعج أنصار الرئيس الأميركي دونالد ترمب هذه الأيام أكثر من التقارير التي تتحدث عن تمكن أشد الجمهوريين انتقادًا له من الوصول إلى مناصب رفيعة المستوى في الإدارة الحالية.

إيلاف من نيويورك: طوال فترة الحملات الانتخابية تمكن ترمب من استمالة شريحة شعبية واسعة جمهورية الهوى ناقمة في الوقت نفسه على قيادة الحزب بوساطة شعارات براقة تدغدغ مشاعرهم، فالرئيس الحالي تميّز بتعهداته بتجفيف المستنقع في واشنطن وتحجيم المؤسسة الجمهورية.

واقع مؤلم
لكنّ الحالمين استيقظوا على واقع مؤلم، يتمثل في تسرّب خصوم ترمب في فترة الانتخابات إلى داخل البيت الأبيض، بالتزامن مع استبعاد وتهميش الشخصيات التي وقفت إلى جانب المرشح الجمهوري بقوة في تلك الفترة، مما دفع بالعديد من المنابر والشخصيات الإعلامية المحافظة إلى رفع الصوت وتوجيه أسئلة حول مدى معرفة ترمب بما يحدث داخل الإدارة؟.

عارض تكسب
جديد الوافدين إلى الإدارة كانت ماري كيسل، الكاتبة الصحافية في "وول ستريت جورنال"، والتي كانت طوال حملة الانتخابات وحتى الأسابيع القليلة الماضية تُعارض بشكل كبير معظم سياسات الرئيس الأميركي.

جيفري سبقها
لن تكون ماري كيسل أول شخصية تنتقد ترمب على الدوام، وتنضم إلى إدارته، فجيم جيفري الذي عيّنته الخارجية الأميركية كممثل خاص لسوريا، سبق له أن وقع على رسالة مع عشرات المستشارين الجمهوريين في السياسات الخارجية شجبوا خلالها سياسة ترمب.

كيسل ستشغل منصبًا استشاريًا رفيع المستوى في وزارة الخارجية، بحسب المتحدثة باسم الأخيرة هيذر نويرت، التي نوهت بالخبرة التي تتمتع بها، مؤكدة أن الصحافية المُحافظة ستعمل إلى جانب الوزير مايك بومبيو عن قرب.

معارضة على الدوام
دأبت كيسل على توجيه انتقادات عنيفة إلى ترمب منذ ترشحه للانتخابات، حيث قالت في شهر إبريل قبل إعلانه رسميًا مرشحًا للحزب الجمهوري في الانتخابات العامة: "لا أحب سياساته، فنحن نؤيد التجارة، والهجرة".&

وفي شهر أغسطس من العام 2016، اعتبرت أن "دونالد ترمب لا يعرف الكثير عن العالم، وهو بالتأكيد لا يعرف الكثير عن السياسة الخارجية"، كما اعتبرت أن لا مبادئ لديه أو سياسات، وقللت من فرص فوزه بالانتخابات. وبعد تسلمه الحكم واصلت استهدافه، حيث أشارت إلى أن القمة التي جمعته في هيلسنكي بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، تعدّ نصرًا دعائيًا كبيرًا للأخير.

المعارضة الشديدة التي أظهرتها كيسل شملت انتقاد قرار ترمب إلغاء المناورات العسكرية مع كوريا الجنوبية، والتواصل مع كوريا الشمالية، والخطوات التي قامت بها إدارته في ما يتعلق بالملف التجاري ضد الصين.

حيرة ونقمة
الإعلان عن تولي كيسل منصبها الجديد ترك حيرة في الأوساط المؤيدة لترمب، فأحد المسؤولين السابقين في الإدارة قال لبوليتيكو إن "الرئيس سيفقد عقله لو علم بذلك". وأشار موقع بريتبارت إلى أنه "ليس من الواضح ما إذا كان ترمب يدرك أنه تم توظيفها، ولا يستطيع العديد من الموالين للرئيس معرفة كيف حدث ذلك".&

وسخر المسؤول السابق في الإدارة روبرت وازنغر من تولي صحافية "وول ستريت جورنال" المنصب الرفيع، معتبرًا أن "تعيين كيسل لتعريف عقيدة ترمب في السياسة الخارجية يشبه تعيين آنا نافارو (معروف عنها انتقاداتها الحادة لترمب في موضوع الهجرة) كمسؤولة عن الخدمات اللوجستية لبناء الجدار الحدودي.

الرد القاسي على هذا التعيين جاء من طرف الكاتب في صحيفة "واشنطن إكزامينر"، ريغان جيردوسكي، الذي قال إن توظيفها لا يعد جديدًا على الإدارة. واعتبر أن توظيف المنتقدين وطرد الموالين هو عمل معتاد بالنسبة إلى إدارة ترمب. المرشح الخارجي الذي نجح في شن حملة ضد المؤسسة الجمهورية، والمحافظين الجدد، وإدارة بوش، والطبقة السياسية الدائمة، ملأ إدارته بكائنات المستنقع الذي وعد بتجفيفه.

احتواء الأزمة
الخارجية الأميركية حاولت احتواء زوبعة كيسل ومواقفها السابقة، فوضعتها في إطار عملها السابق في قسم السياسة والكتابة والتحليل. ولفتت إلى أن المعيّنة حديثًا تؤيد وبشدة سياسات الإدارة بشأن إيران وأفغانستان وتخفيض الضرائب وسياسة الطاقة والإصلاح التنظيمي والترشيحات القضائية.&