أقر البرلمان العراقي في جلسته المنعقدة السبت الصيغة النهائية لمشروع الموازنة الاتحادية العامة لسنة 2018 ، بعد تحقق النصاب القانوني بتصويت 176 من أصل 328 نائبا.
وصدق البرلمان العراقي على موازنة بقيمة 88.5 مليار دولار لعام 2018 رغم مقاطعة البرلمانيين الأكراد للتصويت احتجاجا على خفض المخصصات المالية لإقليم كردستان العراق.
وجاءت المقاطعة عقب خفض نصيب كردستان العراق من الموازنة بواقع 4.4 في المئة.
ويأتي الخفض الذي قررته الحكومة المركزية في بغداد بعد التوترات الحادة التي سادت العلاقات بين إقليم الحكم الذاتي وبغداد عقب استفتاء مثير للجدل على الاستقلال.
ووضعت الموازنة على أساس صادرات النفط المتوقع أن تبلغ 3.9 مليون برميل يوميا، ينتج إقليم كردستان 250 ألف برميل يوميا منها. وحددت الموازنة السعر المرجعي للبرميل بـ 46 دولارا.
وتوقعت خطة الموازنة العراقية وصول العائدات إلى 77.5 مليار دولار بينما قدرت العجز المتوقع بحوالي 10.6 مليار دولار مع تخصيص 20.8 مليار دولار للاستثمارات.
وقال حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، إن "تمرير قانون الموازنة حصيلة للتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على الرغم من الصعوبات العديدة التي يواجهها العراق وتحديات مرحلة مابعد الانتصار على داعش وجهود تحقيق الاستقرار والخدمات للمدن المحررة وإعادة الإعمار في جميع المحافظات."
مقاطعة
وقاطع نواب البرلمان العراقي عن إقليم كردستان، الذي يتمتع بالحكم الذاتي، إثر خفض الحكومة في بغداد المخصصات المالية للإقليم في الموازنة الجديد إلى 12.6 في المئة بعد أن كانت نحو 17 في المئة من موازنة العام المالي الماضي.
وكان من المفترض أن تمرر الموازنة العراقية قبل بداية 2018، لكن عدة نقاط خلافية أساسية بين الحكومة المركزية من جهة والعرب السنة، والعرب الشيعة والأكراد من جهة أخرى حالت دون تمرير مشروع الموازنة في الوقت المحدد.
وقالت أشواق جاف، العضوة في البرلمان عن الحزب الديموقراطي الكردستاني "قاطعنا التصويت وهناك مقترحات لمقاطعة العملية السياسية بالكامل في العراق إثر المعاملة المجحفة التي نتلقاها."
وهناك محادثات بين الحكومة المحلية في كردستان وبغداد حول العقوبات ونصيب إقليم الحكم الذاتي من الموازنة العامة للعراق تمتد منذ عدة أشهر.
وقالت الحكومة المركزية الثلاثاء الماضي إنها توصلت إلى اتفاق مع الأكراد على استئناف صادرات النفط من مدينة كركوك، التي يقع بها أكبر حقول النفط في كردستان، لكنها لم تحدد إطارات زمنية لذلك.
تعارض مصالح
ولم تكن مقاطعة الأعضاء الأكراد للتصويت هي المظهر الوحيد للخلاف حول توزيع المخصصات المالية للبلاد، إذ أثيرت نقاط خلافية من قبل طوائف عراقية أخرى بخلاف الأكراد.
فنواب العرب الشيعة في البرلمان أرادو مخصصات مالية أكبر للمناطق الغنية بالنفط في جنوب البلاد، وهي مناطق ذات أغلبية شيعية.
كما طالبوا، أثناء مناقشة خطة الموازنة، برواتب ومزايا مالية أكبر لقوات الحشد الشعبي، وبضمنها ميليشيات شيعية مدعومة من إيران وعاونت الجيش العراقي في الحرب ضد تنظيم الدولة.
من جهة أخرى، طالب نواب من العرب السنة بتخصيص المزيد من الأموال لصالح إعادة إعمار المناطق التي استعادت الدولة السيطرة عليها من أيدي مسلحي ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية، وهي مناطق ذات أغلبية من السنة مثل الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، التي طالها قدر هائل من الدمار أثناء الحرب على التنظيم.
وكانت قوات البيشمركة الكردية سيطرت على آبار النفط في كركوك منذ طرد مقاتلي ما يعرف بتنظيم الدولة من المنطقة عام 2014. وتوقفت الحكومة المركزية في بغداد عن إرسال وتحويل الراوتب إلى العمالة المدنية في كردستان بعد تولي إقليم الحكم الذاتي في تصدير النفط إلى الخارج.
لكن الحكومة المركزية قررت في إطار موازنة 2018 أن تغير هذا الوضع، إذ تضمن خطة العام المالي 2018 أن تدفع رواتب الموظفين المدنيين، وقوات البيشمركة، والالتزامات الخاصة بالرعاية الاجتماعية في إقليم كردستان، وفقا لتصريحات سليم الجبوري، رئيس البرلمان العراقي، في مؤتمر صحفي انعقد عقب تمرير الموازنة.
وكانت الحكومة المحلية في إقليم كردستان العراق دعت إلى استفتاء شعبي أُجري في الخامس والعشرين من سبتمبر/ أيلول 2017، والذي جاءت نتيجته لصالح انفصال الإقليم عن العراق.
لكن الحكومة العراقية المركزية رفضت النتيجة وطعنت في شرعية الاستفتاء لمخالفته للدستور العراقي، وهو ما أيده قرار المحكمة الاتحادية العليا في العراق الصادر في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، الذي أكد عدم دستورية الاستفتاء الذي نظمته السلطات المحلية في الإقليم.
وشنت قوات الحكومة العراقية وقوات الحشد الشعبي عملية عسكرية في 16 أكتوبر/ تشرين أول الماضي ردا على الاستفتاء وتمكنت من السيطرة على مدينة كركوك الغنية بالنفط ومناطق محيطة بها كانت تشكل محورا للنزاع بين الحكومة العراقية وإدارة إقليم كردستان العراق.
التعليقات