مخيم الوافدين: دخلت الثلاثاء دفعة جديدة من الحافلات الى مدينة دوما تمهيداً لاستكمال عملية اجلاء مقاتلين ومدنيين من هذا الجيب الأخير تحت سيطرة الفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، تنفيذاً لاتفاق أعلنته روسيا، ولم يعلق عليه جيش الاسلام.

وأعلنت روسيا مساء الأحد التوصل الى اتفاق "مبدئي على انسحاب مقاتلي جيش الاسلام" من مدينة دوما، تم بموجبه اجلاء أكثر من 1100 شخص الاثنين الى شمال سوريا، فيما تباطأت العملية الثلاثاء جراء "خلافات" بين قياديي جيش الاسلام، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان ومصدر عسكري سوري.

ومنذ اعلان موسكو عن الاتفاق، لم يصدر من جيش الاسلام، الذي يضم نحو عشرة آلاف مقاتل، أي تأكيد رسمي بشأنه، فيما يمتنع المتحدثون باسمه عن التعليق على أسئلة الصحافيين المباشرة وعبر قنواته على مواقع التواصل الاجتماعي.

ينص الاتفاق وفق ما نشر الاعلام السوري الرسمي على "خروج الارهابيين من دوما" إلى مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي و"تسوية أوضاع المتبقين (...) وعودة جميع مؤسسات الدولة وتسليم الارهابيين أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة للدولة".

ونقل التلفزيون السوري الرسمي في شريط عاجل الثلاثاء "دخول أكثر من 20 حافلة باتجاه نقطة تجهيز وتجميع إرهابيي جيش الإسلام وعائلاتهم تمهيداً لخروجهم عبر ممر الوافدين إلى جرابلس". وفي وقت لاحق أفاد التلفزيون السوري عن خروج حافلتين فقط من دوما، فيما كانت عشرات الحافلات الفارغة متوقفة على الطريق الدولي عند أطراف دمشق وفق فرانس برس.

وأفاد مصدر عسكري سوري لفرانس برس عن استكمال "الاجراءات اللوجستية" لاستئناف اخراج دفعة جديدة، لكنه أشار الى "خلاف داخل صفوف جيش الاسلام في ما يتعلق بخروجهم"، مضيفاً أن عملية الخروج الثلاثاء "متوقفة على حسم الخلاف" بينهم.

لم يصدر جيش الاسلام حتى اللحظة أي تعليق حول الاتفاق، فيما تحدث المرصد السوري لحقوق الانسان عن خلافات داخل الفصيل المعارض بين قياديين موافقين على الاتفاق وآخرين متشددين رافضين له.

فرملة الإجلاء
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لفرانس برس إن التباين في وجهات النظر أدى الى "فرملة" عملية الاجلاء الثلاثاء، موضحاً أن "الجناح المتشدد في جيش الاسلام ما زال على موقفه الرافض لاتفاق الاجلاء".

وإثر هجوم جوي عنيف بدأته في 18 شباط/فبراير ترافق لاحقاً مع عملية برية وتسبب بمقتل أكثر من 1600 مدني، ضيّقت القوات الحكومية تدريجياً الخناق على الفصائل المعارضة، وقسّمت الغوطة إلى ثلاثة جيوب. 

وبعدما ازداد الضغط عليها، وافق فصيلا حركة أحرار الشام وفيلق الرحمن على اجلاء مقاتليهما بموجب اتفاق مع روسيا. وجرى خلال 11 يوماً اجلاء أكثر من 46 ألف شخص من مقاتلين ومدنيين الى شمال غرب سوريا. وبات الجيش السوري يسيطر حالياً على 95 في المئة من مساحة الغوطة الشرقية.

عززت القوات الحكومية انتشارها في محيط دوما خلال الأيام الأخيرة بالتزامن مع المفاوضات تمهيداً لعمل عسكري في حال لم يتم التوصل الى اتفاق مع فصيل جيش الإسلام. وتعرّض جيش الإسلام لضغوط داخلية من سكان دوما الذين طالبوا باتفاق يحمي المدينة من أي عمل عسكري.

وبدأت عملية الإجلاء ظهر الاثنين وتم بموجبها اجلاء أكثر من 1100 شخص الاثنين، بينهم 700 امرأة وطفل على الأقل، وفق المرصد. ونشر الفصيل الأحد على قناته على موقع يوتيوب شريط فيديو لقائده العام عصام البويضاني وهو يتحدث داخل مسجد في دوما، من دون تحديد تاريخ التصوير.

يخاطب البويضاني الحاضرين بالقول "في أي لحظة قد تفتح المعركة وتًفرض علينا معركة (..) نحن باقون في هذه البلاد ولن نخرج منها. من يريد أن يخرج فليخرج لكن لا يشوش علينا".

بوابات الارهاب
وشهدت دوما التي يقيم فيها عشرات الآلاف خروج نازحين منها بشكل يومي خلال الاسبوعين الاخيرين إلى مناطق سيطرة القوات الحكومية التي تنقلهم الى مراكز ايواء في ريف دمشق.

وأوردت صحيفة الوطن السورية المقربة من السلطات في عددها الثلاثاء أنه "مع الاعلان عن بدء اخراج ميليشيا جيش الاسلام.. تغلق دمشق أحد أخطر بوابات الارهاب عليها". وفي بيان اثر انتهاء عملية الاجلاء من الجيب الجنوبي في الغوطة الشرقية، اعتبرت قيادة الجيش السوري السبت أن "الانتصار في الغوطة الشرقية (...) يوجه ضربة قاصمة الى المشروع الإرهابي تجاه سوريا".

واكدت أن من شأن السيطرة على الغوطة الشرقية تحقيق "إعادة الأمن والاستقرار بشكل كامل إلى مدينة دمشق ومحيطها". ولطالما شكل وجود الفصائل في الغوطة الشرقية تهديداً للعاصمة التي تعرّضت خلال السنوات الماضية لقذائف أوقعت مئات الضحايا.

ومع تقدم الجيش داخل الغوطة الشرقية، توجه عشرات آلاف المدنيين الى مناطق سيطرة القوات الحكومية في ريف دمشق. وأكد مصدر عسكري سوري فى تصريح لوكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا" أن "أكثر من 40 الف شخص.. عادوا الى مختلف القرى والبلدات التي حررها الجيش من الارهاب".

وخلال سنوات النزاع، الذي تسبب بمقتل أكثر من 350 ألف شخص، شهدت مناطق عدة عمليات إجلاء آلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها مدينة حلب في نهاية العام 2016.