باريس: سارعت القوى الأوروبية والصين الأربعاء لانقاذ الاتفاق الذي يقيد برنامج ايران النووي بعدما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب انسحاب واشنطن منه وإعادة فرض العقوبات على طهران.

ينذر قرار ترمب بتقويض الجهود الدبلوماسية وإضافة عامل جديد لعدم الاستقرار في الشرق الأوسط ويهدد الشركات الأجنبية التي لديها استثمارات في ايران بمليارات الدولارات.

وحذر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان من أن "خطر وقوع مواجهة حقيقي" مضيفا إن اوروبا ستتحرك "لتجنب تفجر(نزاع) ينذر بحدوثه في حال ... عدم اتخاذ اجراءات".

وردت إيران بغضب على قرار ترمب، وأحرق نواب علما أميركيا من ورق على منصة مجلس الشورى وسط هتاف "الموت لأميركا". لكن خصمي إيران الاقليميين السعودية وإسرائيل رحبتا بالقرار.

حماية المصالح في إيران
تعهدت الدول الاوروبية والعملاق التجاري الصيني العمل على إنقاذ الاتفاق وحماية الشركات التي تعمل في إيران.

وقال جون بولتون مستشار ترمب في وقت سابق إن الشركات الاوروبية التي لديها مصالح في ايران أمامها الان مهلة ستة اشهر لانهاء استثماراتها أو مواجهة عقوبات أميركية. وستقوم الحكومات الاوروبية "ببذل كل جهد لحماية مصالح" شركاتها العاملة في ايران، بحسب مسؤول في الرئاسة الفرنسية طلب عدم ذكر اسمه.

لكن المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي قال إن إيران ستنسحب ايضا من الاتفاق النووي ما لم تحصل على ضمانات عملية بمواصلة العلاقات التجارية.

وقال في خطاب متلفز متوجها للحكومة الايرانية "إذا لم تتمكّنوا من أخذ ضمانات حتميّة - وأنا أشك فعلياً في انكم ستتمكنون من ذلك - فلن يكون مقدوراً مواصلة السير ضمن الاتفاق النووي".

وفي الصين شدد المتحدث باسم الخارجية غينغ شوانغ ان بكين وهي من بين الدول الموقعة على الاتفاق في 2015 ستواصل "المبادلات الاقتصادية والتجارية بصورة طبيعية" مع ايران رغم قرار ترامب. وقال غينغ إن بكين "ستواصل الحوار والتفاوض مع كل الاطراف".

شرطي اقتصادي 
واستهزأ ترمب بأكثر من عشر سنوات ونصف سنة من الجهود الدبلوماسية التي بذلتها بريطانيا والصين وفرنسا والمانيا وايران وروسيا والادارة الاميركية السابقة، ودعا إلى "اتفاق جديد ودائم" في حين وصف اتفاق 2015 بأنه "مخجل" للولايات المتحدة وبأنه لم يفعل شيئا لاحتواء طموحات إيران النووية.

ردا على القرار الاميركي يلتقي وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا والمانيا مسؤولين إيرانيين الاثنين المقبل "لدراسة الوضع".وسيجري الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون محادثة هاتفية مع نظيره الايراني حسن روحاني بعد ظهر الاربعاء تعبر عن "رغبتنا في البقاء في الاتفاق".

وفي تعليقات منفصلة قال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير إنه "من غير المقبول" أن تكون الولايات المتحدة "الشرطي الاقتصادي للعالم".

استئناف "لامحدود"
قال ترمب إن اتفاقا مع إيران يجب أن لا يتضمن قيودا أشد على برنامجها النووي فحسب، بل كذلك على صواريخها البالستية ودعمها مجموعات مسلحة في الشرق الأوسط. وأضاف "لن نسمح بالتهديد بتدمير المدن الأميركية ولن نسمح لنظام يهتف +الموت لأميركا+ بالوصول إلى أكثر الأسلحة فتكا على الأرض".

وقال الرئيس الايراني حسن روحاني إن ايران قد تستأنف تخصيب اليورانيوم "اللامحدود" كرد على قرار ترمب. لكنه أكد أن بلاده ستناقش سبل الرد مع الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق قبل الإعلان عن قرار. وفي اعلانه حذر ترمب بأنه "إذا واصل النظام تطلعاته النووية، ستكون لديه مشكلات اكبر من السابق".

ضربة لأوروبا
شكل القرار خيبة أمل كبيرة لأوروبا التي ناشد قادتها الرئيس الأميركي إعادة النظر في الأمر. وفي بيان مشترك، قالت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والرئيس الفرنسي ماكرون أنهم تبلغوا قرار ترمب "بأسف وقلق". 
لكن بولتون أكد أن التعاون مع أوروبا بشأن ايران لم ينته. 

وقال لشبكة "فوكس نيوز" إن الولايات المتحدة "ستعمل مع الأوروبيين وغيرهم ليس فقط بشأن الملف النووي لكن كذلك بخصوص تطوير ايران صواريخ بالستية ودعمها المستمر للإرهاب وأنشطتها العسكرية التي تهدد اصدقاءنا". 

قرار شجاع
يوفر القرار لترمب انتصارا سياسيا داخليا حيث يفي بأحد أبرز وعود حملته الانتخابية. لكن تداعياته على المدى الطويل بالنسبة الى السياسة الأميركية الخارجية والشرق الأوسط لا يمكن التكهن بها. 

وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ان واشنطن "هي الخاسرة" من الانسحاب. إلا أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو شدد على "دعمه الكامل" لقرار ترامب "الشجاع". وحذر بعض المحللين من أن القرار سيعقد جهود الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون بشأن برنامج بلاده التسلحي الأكثر تطورا. 

وقال المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية جون برينان إن تحرك ترمب "أعطى كوريا الشمالية سببا إضافيا للمحافظة على أسلحتها النووية".