قال الكاتب والمفكر القبطي جمال أسعد إن "تشكيل اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية هو عمل محمود ومقدر من الرئيس عبد الفتاح السيسي"، لافتًا إلى أن الأخير اعتمد في تشكيل هذه اللجنة على مواجهة الحالة التي تستغل&الأحداث الطائفية داخليًّا وخارجيًّا لبث الفتنة بين أبناء الشعب المصري.

إيلاف من القاهرة: أكد جمال أسعد المفكر والسياسي القبطي، في حوار مع "إيلاف" أن الرئيس السيسي بلا شك بدأ بشكل فردي في إرساء قواعد المواطنة الحقيقية بين أبناء الشعب على أرض الواقع، ومواجهة ما يسمى بالمناخ الطائفي من خلال ممارسات فعلية على أرض الواقع، بزيارة الكنيسة لتهنئة المسيحيين بعيدهم، والثأر للمصريين الأقباط بعد قتلهم في ليبيا، متهمًا مؤسسة الأزهر والكنيسة في استمرار لعب الدور السياسي فقط، بعيدًا عن لعب دور حقيقي في ملف المواطنة وتجديد الخطاب الديني، ومطالبًا بضرورة إيمان جميع مؤسسات الدولة بحقوق الآخرين في المواطنة وتوفير حياة كريمة لهم بعيدًا عن خانة الديانة. للمزيد من المعلومات إلى نص الحوار:

هل بدأ الرئيس السيسي في إرساء قواعد المواطنة الحقيقية بين أبناء الشعب المصري؟

الرئيس السيسي هو الوحيد من رؤساء مصر السابقين الذي بدأ بشكل فردي في إرساء قواعد المواطنة الحقيقية بين أبناء الشعب المصري، وذلك عندما قام بزيارة الكاتدرائية في أعياد الميلاد منذ خمس سنوات، كما كان له دور في خروج قانون بناء الكنائس، وافتتاح أكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط في العاصمة الإدارية الجديدة هو&شاهد عيان على جهود السيسي في تحقيق المواطنة الحقيقية، حيث يؤمن الرئيس أن أولى خطوات القضاء على الإرهاب في مصر هي&إرساء مبدأ المواطنة بين أفراد الشعب المصري، مسلميه ومسيحييه.

الأمن وحده لا يكفي
ما تعليقك على قرار تشكيل لجنة عليا لمواجهة الأحداث الطائفية في مصر؟

إنه خطوة على الطريق الصحيح لحل مشكلات تكون نواة لإشعال الفتنة الطائفية في مصر، فمواجهة الطائفية جزء من مواجهة الإرهاب، الذي يتطلب مواجهة أمنية وفكرية.. فالمواجهات الأمنية وحدها لا تكفي لصد العناصرالإجرامية التي تشعل الفتنة بين الطرفين من حين إلى آخر؛ ولذلك نحتاج منهجًا فكريًا جديدًا يعتمد على تقبل الآخر من دون أي تطرف من أجل مجتمع أفضل، واللجنة التي سيتم تشكيلها يجب أن تواجه الأحداث بحزم، إذا تم تطبيق القانون على أرض الواقع، كما إنها مطالبة في البداية &برصد المناطق التي تحدث فيها أحداث طائفية ومعالجتها.

من وجهة نظرك لماذا ساد الوجود الأمني في تشكيل اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية؟

مواجهة الإرهاب لا تتم بالقوانين والأمن فقط، لكن المطلوب هو تغيير الفكر الديني، وليس تغيير الخطاب الديني، بدليل استمرار العمليات الإرهابية، رغم قانون مكافحة الإرهاب والإجراءات الجنائية. المشكلة تكمن في الفكر الديني الخاطئ الذي يضع تفسيرًا خاطئًا للنصوص، وكذلك لا بد من تعديل الخطاب الثقافي والتعليمي والإعلامي والسياسي والاقتصادي، وأن تقوم الكنائس والمساجد بدورها كما يفعل الرئيس. كفانا شعارات (الخطاب الإعلامي شيء.. والواقع شيء مختلف تمامًا)، فهناك منابر دينية إسلامية وقبطية في الكنائس والمساجد ترفض الآخر، فكون أعضاء اللجنة من رجال الأمن لا يعيبها، فوفقًا للقرار من حقها الاستعانة بالمتخصصين في جميع مؤسسات الدولة.

هل ترى أن المتشددين من الأقباط والمسلمين هم سبب الفتنة الطائفية الوحيد أم إن هناك أسبابًا أخرى؟

هذه حقيقية موجودة في مصر ، فهناك تيارات مسلمة ومسيحية ترفض قبول الآخر. وتفسير الآيات والنصوص يتم حسب المصلحة والأهواء الشخصية. وبالتالي فكرة الدين نفسها قائمة على رفض الآخر دينيًا، فالمسيحي يرفض الإسلام، والمسلم يرفض المسيحية، وهذا طبيعي، لكن الإسلام والمسيحية قالا إننا بشر ومواطنون، كما إن الدستور نص على أن جميع المصريين مواطنون يتعايشون سويًا، لا سيما أن المصير واحد والآمال واحدة، وفي النهاية الله هو الذي يحاسب الجميع.&

المطلوب معالجة فكرية
وبالتالي لا يجوز لأي شخص الحكم على الآخرين بالكفر أو الإيمان، أو القول إن هذا سيدخل الجنة، وذاك سيدخل النار، ولا بد من مواجهة انتشار فكر هؤلاء بين الشباب، لمحاصرة التيارات المتشددة التي لا تؤمن بالحوار من الأساس، وهذا ما ينادي به الرئيس السيسي في جميع خطاباته السياسية. ويرى أن تجديد الخطاب الديني يجب أن يبنى على معالجة القضايا الفكرية، وليس التغيير في النصوص الثابتة.

كيف &ترى &دور الأزهر والكنيسة في ملف تجديد الخطاب الديني؟

المؤسستان تؤديان دورًا سياسيًا مطلوبًا منهما عن طريق المساندات والبيانات، لكن الأزهر والكنيسة لا يوجد لهما دور ملموس وواضح في ملف تجديد الخطاب الديني ونبذ التطرف والتعصب وإرساء المواطنة بشكل عملي داخل المجتمع بعيدًا عن خانة الديانة.&

فنجد كلام قيادات الأزهر والكنيسة في وسائل الإعلام جميل، ولكن في الحقيقية ليس له وجود على أرض الواقع؛ نظرًا إلى وجود تيارات داخل المؤسسات ترفض فكرة الحوار مع الطرف الآخر، والمشكلة في الكنيسة التي تقول إنها تمثل الأقباط، وأنا منذ ثلاثين عامًا، أقول إن الكنيسة والبابا لا يمثلان هذا الهدف، فضلًا عن التدخل في الشؤون الاقتصادية والتعليمية والقبطية حتى في الزواج، وهذا ليس في مصلحة الأقباط، بل يعتبر تهميشًا لهم، وهذا ضد الدستور والأقباط. ونحن نطالب بقيام جميع قيادات الدولة بدورها في ترسيخ مبدأ المواطنة بين الشعب المصري، وإعلاء مبدأ "الدين لله والوطن للجميع".

بعيدة عن الدولة المدنية
بمَ تفسر حرص التنظيمات الإرهابية على تنفيذ عمليات إرهابية في أعياد الميلاد خلال كل عام؟

تكرار العمليات الإرهابية ضد الأقباط شيء طبيعي، خاصة أن الإرهاب يجتاح العالم، وبالتالي يجب أن يكون الأمن المصري مستعدًا. والأهم هو معالجة هذه الحوادث من خلال تغيير الخطاب وتحقيق العدل والمساواة، فالتنظيمات الإرهابية ومن خلفهم الدول الداعمة لهم يريدون إحداث فتنة بين المسيحيين والدولة، وإنهاء حالة الترابط في ما بينهم، وهذا لم يتحقق في الحوادث الإرهابية التي تعرّضت لها الكنائس في الفترة الأخيرة، بل زاد الترابط بين المسلمين والأقباط، والدولة حاليًا ترى أن تحقيق المواطنة الحقيقية والعدل والمساوة بين أفراد الشعب هو السبيل الوحيد لوقف التدخل الأجنبي ما بين الحين والآخر.

من وجهة نظرك كمفكر. هل مصر في طريق التحوّل من الدولة الدينية إلى المدنية؟

الدستور ينص على ذلك. والدولة المدنية ليست ضد تطبيق الثوابت الدينية لكل طرف، بل إنها توفر العدالة الحقيقة والمواطنة لجميع المواطنين من دون تفرقة. وهناك مسؤولون في الدولة يسعون إلى تطبيق الدولة المدنية، في حين أن هناك آخرين يتحدثون بكلام عبارة عن شعارات في تطبيق الدولة المدنية، ويظهر ذلك للأسف بوضوح في المؤسسات الدينية، فمصر حتى الآن على أرض الواقع بعيدة عن الدولة المدنية، رغم أن الرئيس السيسي بدأ أولى خطوات تكوينها خلال السنوات السابقة، ولا بد من الجميع في الدولة مساعدته على تحقيق ما يسعى إليه.

&