الرباط: يعتقد ما يقرب من 50 في المائة من العينة التي أجابت عن سؤال استطلاع "إيلاف المغرب" بخصوص تداعيات سلبية على تدفق السياح ،جراء حادثة مقتل سائحتين اسكندينافيتين بضواحي مراكش الشهر الماضي؛ يعتقدون أن التأثير محدود، سواء على المنطقة أو على مجمل المواقع المنتشرة بالبلاد التي تشهد إقبالا على مدى فصول السنة .
وسجل مؤشر الإجابات، عقب وضع السؤال، &بموقع "إيلاف المغرب " ارتفاعا سريعا ومتواصلا وهو معطى &مفهوم ومبرر، بالنظر إلى الصدمة ، حيث خشيت نسبة لا بأس بها من المستجوبين، من حدوث تراجع حاد في إقبال الأجانب على زيارة المغرب وخصوصا المناطق النائية في جبال الأطلس التي وقعت بها الجريمة الإرهابية النكراء ،وفيها يشكل النشاط السياحي مصدر دخل وعيش لساكنتها.
ويبدو أن أسبابا وعوامل متضافرة، ساهمت في تعديل كفة الإجابات لتستقر في النهاية عند 42 في المائة من العينة &أجابوا بنعم في مقابل نفس العدد اختاروا خانة "لا"أي أنهم استبعدوا التأثير السلبي للجريمة بينما لم يعبر سوى 8.33 في المائة عن حيادهم؛ ما يبرز أن المغاربة انشغلوا بما وقع وتفاعلوا معه كل بطريقته وأسلوبه في الإدانة.
وساهمت الكيفية الحازمة التي تعاملت بها السلطات الأمنية &مع الحادث ،في ابعاد شبح الخوف على مستقبل السياحة المغربية، كونها لم تستبعد فرضية الدوافع الإرهابية عن الحادث الإجرامي وسلكت كل الطرق المفضية إلى الجناة ،مثلما لم تتأخر ذات الأجهزة في إلقاء القبض على المنفذين المباشرين للجريمة البشعة وموافاة الرأي العام ووسائل الإعلام بالمعطيات الأولية المتوفرة التي لا تضر بمسار التحقيقات السرية ؛ما مكن الأمن من تعقب حركات باقي عناصر أو ذئاب الشبكة الإرهابية &الضالعين مباشرة أو بالتواطؤ ،وتمت إحالة مجموعة أولى منهم على القضاء. &
وأزاح الموقف المتفهم للسلطات الاسكندينافية، من جهته، هما ثقيلا جثم على نفوس المغاربة منذ الأيام الأولى ، بعد اكتشافهم فظاعة الجريمة ووحشية القتلة.
من جهتها، تريثت سلطات بلدي الضحيتين في الحكم &على الحادث قبل اكتمال البحث ،إلى غاية جلاء الصورة &تاركة الوقت للتحقيقات، ليتضح للسلطات أن الأمر يتعلق بخلية إرهابية &تنشط في البلاد وذات فروع &وصلات &في الخارج، تضم &أجانب ، ومن المحتمل ظهور مفاجآت أخرى .
ومن المؤكد أن الرأي العام ، في كل من الدانمارك والنرويج، تأثر لموجة الاستنكار والتعاطف التي عمت المغرب &وعبر عنها المواطنون بمختلف الشرائح والأشكال ، فضلا عن خطابات & التضامن &القوي والحزن التي غمرت شبكات التواصل الاجتماعي، لدرجة مطالبة المدونين المغاربة بإجماع بتطبيق سريع للعقوبة القصوى أي الإعدام، في حق مرتكبي جريمة القتل العمد غدرا ،لشابتين بريئتين قدمتا إلى بلادهم طلبا للراحة &والاستجمام والسكينة في منطقة طبيعية تتميز ببيئة عذراء ، وذلك ليكون عقاب القتلة عبرة لغيرهم ؛ علما أن السلطات النرويجية والدانماركية ،تعارض &الحكم بالإعدام انسجاما مع قوانينها ذات الطبيعة الإنسانية المتسامحة .&
ولا يمكن القول، والبحث ما زال جاريا ، أن ملف الاعتداء الإرهابي قد اقفل نهائيا ، بل إنه ربما فتح الباب على مصراعيه ونبه مصالح الأمن التي طالما برهنت على فعاليتها في حوادث مماثلة ، أنه يلزمها مزيد من الحذر واليقظة أكثر من ذي قبل، بعدما تأكد لها بالأدلة القوية أن هناك أكثر من جهة تستهدف استقرار المغرب ، ومستعدة للجوء إلى أبشع الأساليب والوسائل الدنيئة للإضراربمصالحه وسمعته واستقراره، بالإضرار بأية منطقة نائية.&
ومن الواضح أن الأمن المغربي والاستخبارات، متفائلون ومطمئنون إلى ما يقومون به ، خاصة وان الهجوم الإرهابي الأخير، بضواحي مراكش، الشهر الماضي، كشف عن معطى حضاري ومتمدن، تجلى في تعبئة ذاتية طوعية لسكان المنطقة بحثا عن أي دليل اشتباه واقتفاء أثر القاتلين.
وعلى الرغم من أن إلقاء القبض على المعتديين تم بمحطة نقل المسافرين عقب اكتشاف أمرهما ،وهما على &متن حافلة استقلها المجرمان فتم الإمساك بهما بناء على تحريات الأمن ، فإن أخبارا انتشرت مفادها أن بائعا متجولا تصادف وجوده في المحطة ،لاحظ المتهمين وبحوزتهما سيوف وسكاكين حادة عليها بقع دم القتيلتين ؛ ما يعني تعاون المواطنين العاديين مع &عناصر الأمن لحماية لبلدهم من الأخطار المحدقة به.
ومهما صحت الرواية وتفاصيلها، فإنها مؤشر على وعيمتنام بين المغاربة بضرورة &اليقظة والتآزر مع مصالح الأمن في حال تعرض وطنهم لأخطار إرهابية.
ويبدو من جهة ثانية ، أن الحادث المشين، أقنع أجهزة الاستخبارات بضرورة تفعيل أدوات وأجهزة المراقبة والتتبع التقليدي لشبكات المراقبة عن طريق المشاهدة بالعين ،للحصول على المعلومات والمعطيات المفيدة لاستباق أحداثيمكن أن يرتكبها مجرمون مدربون، لا تعرف قلوبهم الرحمة.
وتوضح نتيجة استطلاع "إيلاف المغرب" توازنا وموضوعية في الحكم ، من طرف المغاربة في التعاطي مع الحادث الإرهابي غير المسبوق في وحشيته والذي جرى في منطقة آمنة معزولة، &مشهورة بطيبة أهلها، يندمج الأجانب معهم بسهولة &ويقاسمونهم بساطة العيش ؛ يتفاهمون بالإشارة والرمز إن عجز الضيوف &القادمون من بعيد ومستقبلوهم ،عن الكلام بلسان مبين بسبب حاجز اللغة.
جدير بالتسجيل أن الحادث الإرهابي الذي تزامن مع عطلة أعياد الميلاد ورأس السنة ؛ لم يؤثر كثيرا على الحجوزات في الفنادق ومراكز الإيواء. ومن الدلالات الإيجابية أن معدل الزيارات &نحو الوجهة التي روعتها الجريمة ، لم يتراجع ما يشير بوضوح إلى أن المغرب &سيظل آمنا &وأن الأجانب يقدرون الجهود الأمنية للحيلولة دون تكرار ما وقع.
التعليقات