أثارت تقارير عن استباحة أمراء قطريين لثروات حيوانية تونسية مهددة بالانقراض، حالة من الاستياء، رغم نفي الحكومة تسليمها تراخيص للقطريين للصيد في الصحراء.

إسماعيل دبارة من تونس: مازال الغموض يكتنف قضية استباحة القطريين للصحراء التونسية وتعمّدهم صيد حيوانات مهددة بالانقراض يحجّر اصطيادها بموجب قوانين محلية.

وتنفي الحكومة التونسية تقارير وصور ومقاطع فيديو نشرها حقوقيون ونشطاء مهتمون بالبيئة، تتهم أمراء من قطر بالصيد في الصحراء التونسية دون إذن.

"قوافل الإبادة"

بدأت القصة عندما نشرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، وهي أعرق منظمة حقوقية في العالم العربي وتعرف بمصداقيتها، لبيان يحمل عنوان "لا للإعتداء على الثروة الحيوانية من طرف قوافل الإبادة القطرية".

نقل بيان الرابطة الذي اطلعت "إيلاف" على نسخة منه، عن شهود عيان إقدام وفد قطري على اصطياد أنواع نادرة من الطيور بالجنوب التونسي، في خطوة تمثل انتهاكا للصحراء التونسية وتهديدا للثروة الحيوانية في البلاد.

وقال الشهود إن "قافلة من السيارات القطرية رباعية الدفع تجوب المناطق الصحراوية الواقعة شمال وشرق محافظة توزر مسنودة بطائرة عمودية تلاحق طرائد الصيد من غزلان وأرانب وطيور القطا والحبارى، مستعملة الصقور الصيادة والأسلحة والمناظير الدقيقة".

ونشرت المنظمة على صفحتها الرسمية على فايسبوك فيديو لقافلة السيارات في منطقة صحراوية تتبعها طائرة عمودية.

كما أدانت "رابطة جمعيات الصيادين والجمعيات المختصة في الصيد"، الانتهاك الذي حصل من طرف قطريين، وتمثّل في القيام بالصيد المحظور لطائر الحبارى في صحراء توزر الجنوبية.

والحيوانات التي تزعم التقارير أن القطريين يصطادونها في صحراء تونس، تعتبر حيوانات نادرة وتحجّر القوانين المحلية صيدها.

وطائر الحبارى محميّ دوليا بموجب اتفاقات صادقت عليها تونس، عندما وقّعت اتفاقيات دولية لحماية بعض الحيوانات النادرة من الانقراض ومن بينها طائر الحبارى، لكن الاتفاقيات والقوانين الرادعة لم تتمكن من الحدّ من ظاهرة الصيد العشوائي التي تفاقمت في السنوات الأخيرة.

وأثارت هذه الحادثة استياء التونسيين واعتبر نشطاء على مواقع التواصل أن ما يجري من استباحة للصحراء التونسية وللثروة الحيوانية، "لا تعتبر خرقا للقانون وتهديدا للثروة فحسب، إنما هي تمس من كرامة وسيادة التونسيين في وطنهم أمام تذبذب مواقف المسؤولين حول حقيقة مد الوفد القطري بتراخيص صيد".

وقال نشطاء آخرون إنّ الموضوع يحمل "طابعا سياسيا"، تقف وراءه رابطة حقوق الإنسان، إذ أنّ الصيد غير القانوني في تونس قضية معلومة منذ سنوات، ويتورط فيها سعوديون واماراتيون وكويتيون، والتركيز على أمراء قطر هذه المرة دون غيرهم "يحمل نية مبيّتة"، على حدّ تعبيرهم.

نفي رسمي... وتحقيق

نفى المدير العام لإدارة الغابات بوزارة الفلاحة التونسية، سليم الطريقي، إسناد أي ترخيص لأمراء قطريين من أجل الصيد في الجنوب، وأكد أن هناك معاهدات تنص على منع صيد الحبارى.

من جهته، كشف رئيس الجامعة الوطنية للصيادين، أحمد الشكلي، في تصريحات صحافية أن أعضاء الجمعية عند احتجاجهم، تمّ أخذ وثائقهم ومحو الصور والفيديوهات التي توثق العملية، من قبل أعوان رسميين.

في السياق عينه، أكّد الناشط في مجال البيئة، عبد المجيد الدبار، الذي يتزعم حملة الدفاع عن الحيوانات البرية، أنّ "هناك أكثر من 100 ناشط يواجهون ما تقوم به قطر من حرب إبادة للطيور والحيوانات المهددة بالانقراض،" مشيراً إلى أنّ قطر "جنّدت فرق استطلاع محلية للتنقل عبر المناطق الصحراوية، وتحديد المواقع التي لا تزال بها بعض الطيور والغزلان وغيرها".

ويوم السبت، قال موقع "حقائق أونلاين"، إنّ محافظ توزر صالح مطيراوي، سلّم لرئيس الحكومة يوسف الشاهد مؤخرا، تقريرا مفصلا بخصوص زيارة الوفد القطري الى صحراء توزر بعد ما أثارت هذه الزيارة جدلا خاصة مع انتشار صور تفيد بأن الوفد بصدد صيد عدد من الحيوانات المهددة بالانقراض.

وقال المطيراوي: "سلمت مؤخرا تقريرا الى رئيس الحكومة يوسف الشاهد، والموضوع الآن مفوض اليه ووزير الداخلية".

ورفض المحافظ تقديم تفاصيل أكثر بخصوص الزيارة، إلا أنه أكد أن "الاذن الخاص بالتواجد في تلك المناطق الصحراوية بولاية توزر كان بنية التصوير والسياحة لا بنية الصيد، مشيرا الى أن زيارة الوفد انطلقت منذ الأسبوع الماضي وفق تعبيره.

يشار إلى أنّ أمراء من الخليج يمارسون منذ سنوات وبانتظام هواية الصيد في الجنوب التونسي، إلا أنّ الاستهتار بالقوانين المحلية تفشّى بعد رحيل نظام بن علي في 2011 وتراجع القبضة الأمنية في مساحات واسعة من البلاد.

وبعد الاطاحة بنظام بن علي، طالبت عدد من المنظمات والجمعيات البيئية في تونس، السلطات الجديدة إلى منع الصيد جنوب البلاد وشدد مسؤولو المنظمات والجمعيات البيئية خلال مؤتمر صحافي مشترك في العام 2011 على ضرورة العمل من أجل وضع حد فوري لـ"انتهاك الثروة الحيوانية النادرة في الجنوب". ونددوا باستمرار "صيد طائر الحبارى والغزال النادرين والمهددين بالانقراض".