إيلاف من القاهرة: أعلنت رئاسة الجمهورية المصرية، أنَّ الرئيس عبد الفتاح السيسي، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، سيوقعان عددًا من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين، على هامش مباحثاتهما بقصر الاتحادية اليوم، حسب ما أفادت القناة الأولى المصرية في نبأ عاجل.

ووصل ماكرون مطار القاهرة الدولي مساء أمس، قادمًا من معبد أبو سمبل بأسوان، في زيارة للبلاد تستغرق يومين يلتقي خلالها الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وتعقد قمة مصرية فرنسية بين الرئيسين اليوم الاثنين؛ تبحث تعزيز العلاقات المشتركة بين البلدين، كما يتم بحث آخر المستجدات على الساحة الإقليمية في ظل الأزمات التي تمر بها عدة دول في المنطقة، وفي مقدمتها كل من ليبيا وسوريا.

ومن المنتظر توقيع حوالي 30 اتفاقية أو عقود&تصل قيمتها إلى "مئات ملايين اليوروهات" في مجالات النقل والطاقة المتجدّدة والصحّة ومنتجات الأغذية الزراعية. وسيحضر إلى القاهرة نحو& خمسين من رؤساء الشركات الفرنسية.

وخلال زيارة قام بها مؤخّراً إلى القاهرة، أشاد وزير الاقتصاد برونو لومير بـ"الخيارات الشجاعة" للرئيس السيسي التي تجعل من "مصر سوقاً أكثر إثارة للاهتمام بالنسبة للشركات الفرنسية".

&

الفرنسيون بأملون المشاركة في التنقيب عن الآثار في مصر

&

وقالت الرئاسة الفرنسية، إن بقاء الزيارة ضمن جدول أعمال ماكرون الأهمية التي توليها فرنسا لمصر، "الدولة البالغ تعداد سكانها 100 مليون نسمة، والتي تشكّل ضرورة قصوى لأمن واستقرار الشرق الأوسط وأوروبا"..

وأضافت أن باريس ترى في مصر "سوقاً ضخمة خصوصاً وأنّها تحتلّ المرتبة 11 في الشراكة معها. وقد تمّ تحقيق تقدّم في السنوات الأخيرة خصوصاً في مجال الأسلحة التي بلغت قيمة عقودها ستة&مليارات يورو منذ عام 2015"، مشيرة إلى أنه "تمّ تسليم 24 مقاتلة من طراز "رافال" ويجري التفاوض حالياً للحصول على 12 أخرى من هذا النوع، لكن ليس من المتوقّع الإعلان عن عقود حالياً".

وأوضحت الرئاسة أنّه "ليس مستبعداً أن تستكمل مصر أسطول مقاتلات رافال في الأشهر المقبلة، لكن لن يكون هناك توقيع عقود" بهذا الشأن خلال الزيارة.

واستهل ماكرون زيارته لمصر أمس، بزيارة في معبد أبو سمبل في مدينة أسوان، أقصى الجنوب. وتجول برفقة زوجته بريجيت في المعبد الذي تم نحته إبّان عهد رمسيس الثاني، للاحتفال بالذكرى الخمسين لإنقاذه التاريخي تجنّباً للغرق تحت مياه نهر النيل.

وأعاد قصر الإليزيه التذكير بأنّه منذ شامبوليون، رائد علم المصريات أوائل القرن التاسع عشر، فإنّ "علم الآثار هو في صلب العلاقات الفرنسية المصرية".

&

ماكرون في معبد فرعوني

&

وحسب وسائل إعلام فرنسية، فإن الفرنسيين يأملون أن تعهد إليهم مهام أخرى من أعمال التنقيب أو ترميم المواقع الأثرية، مثل سقارة، جنوب القاهرة. كما أنّهم يسعون للمشاركة في متحف الجيزة الكبير مستقبلاً وتجديد متحف الآثار في القاهرة.

واهتمت وسائل الإعلام المصرية بزيارة ماكرون للمعبد الفرعوني، وقال السفير جمال بيومي، أمين عام اتحاد المستثمرين العرب، إن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لمعبد "أبوسمبل" بأسوان، ستشجع المستثمرين الأجانب على الحضور إلى مصر، وأن تلك الزيارة تُعد دعاية مجانية لمصر.

وشدد السفير السابق، على ضرورة اهتمام القيادة السياسية بالجاليات المصرية في الخارج، متمنيًا حديث القيادة مع الخليج وأوروبا؛ لتوفير الوظائف في أرقى الأماكن، دوما ما نفخر أن المصريين بالخارج ذو قيمة.

وقال صلاح عفيفي، عضو مجلس النواب بأسوان، إن زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، للصعيد رسالة للعالم بأن مصر آمنة، مشيرًا إلى أن تحديد رئيس فرنسا معبد أبوسمبل لزيارته في أسوان، رغم بعده مئات الكيلومترات عن المحافظة، يؤكد عظمة الحضارة المصرية.

وأضاف عفيفي، في تصريحات هل، أن أجندة ماكرون في زيارته لمصر تتضمن اتفاقيات دبلوماسية وتجارية، موضحًا أن اختيار ماكرون أيضاً توقيت حضور احتفال تعامد الشمس على معبد أبوسمبل يعيد أسوان للخريطة الدولية.

ويلتقي السيسي اليوم الاثنين، نظيره الفرنسي، لبحث&محاربة الإرهاب والأزمات الإقليمية، وخصوصاً ليبيا التي تشكل مصدر قلق كبير لمصر التي تشترك في حدود طويلة مع هذا البلد الغارق في فوضى تامة، فضلاً عن سوريا والنزاع الإسرائيلي-الفلسطيني.

وقال سفير مصر بباريس ومندوبها الدائم باليونسكو السفير إيهاب بدوي، إن زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى القاهرة هي انعكاس للعلاقات الممتازة بين مصر وفرنسا وما شهدته من تطور وتنوع منذ عام 2014.

وأبرز السفير إيهاب بدوي - في حوار أجرته معه مجلة (لوبينيون) الفرنسية بمناسبة الزيارة التعاون بين البلدين في مجالات عديدة بينها النقل والري والصناعات الغذائية، وكذلك ما تحققه الشركات الفرنسية العاملة في مصر من معدلات نمو سنوية مرتفعة تصل إلى %30، مشيرا إلى انفتاح السوق المصرية أمام كافة المنتجات الفرنسية المعروفة بجودتها، والى الصورة الطيبة لدى المصريين عن فرنسا التي تعاونت لإنجاز مشروع مترو الأنفاق في مصر، وكذلك لما لها من مواقف سياسية معروفة ومستقلة، لاسيما معارضتها لغزو العراق.

وعبر السفير ايهاب بدوي عن تقديره للاهتمام الفرنسي بمشروع المتحف المصري الكبير، معربا عن أمله في أن يشهد هذا الصرح الثقافي المصري العظيم، المقرر افتتاحه في عام 2020، حضورا وإسهاما فرنسيا هاما.

من ناحية أخرى، لفت بدوي إلى أن الوضع في المنطقة في غاية الصعوبة، لاسيما وأن مصر لديها حدود&مشتركة مع ليبيا تمتد لنحو 1200 كيلومتر، مؤكدا أنه باستثناء مصر لم تعد&هناك تقريبا دول مستقرة في المنطقة، مشيرا إلى الأزمات في سوريا، وكذلك في العراق التي تسعى لاستعادة استقرارها.

وأضاف أن مصر، بتعداد سكانها البالغ مئة مليون نسمة، كادت أن تسقط خلال الفترة من 2011 إلى 2013، وهو ما كان سيفضي إلى تداعيات سيئة للغاية في المنطقة.

وقال إن مصر وفرنسا تعملان سويا في الملف الليبي، وبينهما تطابق شبه تام في وجهات النظر حول الحاجة لاستعادة الاستقرار في ليبيا وتأمين حدودها البرية والبحرية والقضاء على الارهاب الذي تعاني منه المنطقة.

وحول دور مصر في دفع عملية السلام في الشرق الأوسط، أشار بدوي إلى أن مصر تسعى منذ نهاية سبعينات القرن الماضي إلى إرساء السلام باعتباره الخيار الوحيد الممكن، حتى وإن كانت الظروف ليست بالضرورة مهيأة لذلك، مشددا على الحاجة إلى أن تبدي كافة الأطراف المعنية، وكذلك الرأي العام الإسرائيلي في غالبيته العظمى، الرغبة في إحلال السلام، وعلى شرط تحقيق المصالحة الفلسطينية حتى يتسم المسار التفاوضي بين إسرائيل والفلسطينيين بالجدية.

وفي ما يتعلق بأولويات مصر خلال رئاستها الدورية للاتحاد الأفريقي في فبراير المقبل، وما إذا كان هناك تطابق في وجهات النظر مع فرنسا إزاء الملفات الأفريقية الكبرى، أكد السفير إيهاب بدوي أن أولويات مصر هي نفسها أولويات الدول الأفريقية التي تريد بشدة إحراز تقدم حقيقي في إحلال السلام والأمن في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها، مؤكدا سعي مصر نحو العمل لتنمية التعاون الاقتصادي بين البلدان الأفريقية عبر الاستفادة الفعلية من المناطق الاقتصادية للتبادل الحر، بغية توفير حياة أفضل لأبناء القارة الأفريقية.