أكد د.مصطفى الفقي؛ مدير مكتبة الإسكندرية، في افتتاح مؤتمر الإفلا ومكتبة الإسكندرية السنوي لقضايا النشر وأثرها على الوطن العربي الذي ينظمه مركز الإفلا للمكتبات الناطقة بالعربية التابع لمكتبة الإسكندرية يومي 4و5 فبراير 2019 "إن العالم يقف في مفترق طرق بين النشر الورقي والإلكتروني، ففي هذه الفترة المحورية، قد يتوارى الكتاب وتختفي الصحيفة، ولا تبقى إلا الكلمة الإلكترونية، مما يعني حدوث تحول شامل وجذري في العلاقات الاجتماعية والثقافية والظروف السياسية والاقتصادية.&
وتساءل الفقي: هل يمكن أن يمضي النشر الورقي مع الإلكتروني بشكل متوازٍ، أم أنه لا بد أن يحل الإلكتروني محل الورقي؟ وقال إن مؤتمر اقتصاديات النشر في العالم العربي يسعى إلى البحث في دور المؤسسات الثقافية الكبرى في مواجهة مشاكل وتحديات النشر، وتقديم توصيات لإحداث توازن بين ما يمكن أن يحدث وما يجب أن يحدث في قضايا النشر في الوطن العربي، خاصة في المرحلة الفاصلة بين النشر الورقي والإلكتروني.&
وأعرب الدكتور خالد الحلبي؛ رئيس الاتحاد العربي للمكتبات والمعلومات، عن سعادته لتنظيم مكتبة الإسكندرية لهذا المؤتمر المتخصص، وجمع المعنيين بقضايا النشر في الوطن العربي، مؤكدًا أن صناعة النشر لها أثر كبير في المجتمع، ويقع على عاتقها تصدير حضارة الأمة وتشكيل ثقافة الشعوب.
ودعا الحلبي المؤلفين والناشرين والمكتبيين إلى الحفاظ على صناعة النشر، والاتحاد معًا من أجل رفع مستوى ثقافة الشعوب. كما حثهم على تقدير عقول القراء وتقديم محتوى هادف يثري الإنسانية، ومراعاة على حقوق الملكية الفكرية.
من جانبه، تقدم د.ستيفن فايبر؛ مدير السياسات وبرامج المناصرة بالاتحاد الدولي لجمعيات ومؤسسات المكتبات (الإفلا)، بالشكر لمكتبة الإسكندرية والقائمين على المؤتمر، لإتاحة الفرصة للمكتبيين حول العالم لمُشاركة خبراتهم والدخول في مُناقشات حول قضايا النشر.
وأكد أن العلاقة بين الناشرين والمكتبيين ليست علاقة تعايش فقط بل تعاون ومشاركة، فهم من يبنون الجسور بين المؤلفين والقراء. وأضاف أن صناعة النشر تثري الإنسانية أكثر من أي صناعة أخرى، ولذلك يجب العمل على إزالة الحواجز والمعوقات التي تواجهها خاصة في عصر الانترنت الذي يتيح للمستخدمين مادة إلكترونية هائلة بسرعة وسهولة.
وشدد فايبر على أنه لا يمكن تجاهل الانترنت والتحديات التي فرضها على النشر الورقي، ولكن يمكن اعتباره فرصة للتأكيد على أهم أهداف الناشرين والمكتبيين، وهو إتاحة محتوى دقيق وعالي الجودة للجميع.
قال د.خوسيه بورجينو؛ الأمين العام لاتحاد الناشرين الدوليين، إن الاتحاد يمثل آلاف الناشرين في 61 دولة حول العالم، ويهدف إلى دعم مصالح الناشرين وحقوقهم، ودعم حق النشر وحقوق الملكية الفكرية. ولفت إلى أن احصاءات اتحاد الناشرين الدوليين بالتعاون مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية أظهرت أن النشر الورقي مازال يمثل أعلى مصدر للربح في صناعة النشر، وجاءت الصين وبريطانيا وجنوب إفريقيا وفرنسا وروسيا في مقدمة الدول التي حققت أعلى ربح من خلال النشر الورقي، بينما حققت الصين أيضًا أعلى معدل ربح في مجال النشر الإلكتروني.
وفيما يخص العالم العربي، أكد بورجينو على وجود بعض التحديات في عالم النشر، من أهمها الولوج المحدود لخدمات القراءة الإلكترونية، ولكنه أشار في المقابل إلى بعض الجوانب الإيجابية، كارتفاع قيمة الواردات، وزيادة عدد الكتب المترجمة، وارتفاع معدل القراءة والوصول للإنترنت.&
وشدد على أهمية زيادة معدلات نمو صناعة النشر في العالم العربي، من خلال إتاحة الكتب بشكل أكبر، ودعم حقوق الملكية الفكرية ومواجهة مشكلة القرصنة، والضغط على مزودي الخدمات لزيادة المحتوى المقدم باللغة العربية على شبكة الانترنت.
وتناولت جلسة المؤتمر الأولى مشاكل صناعة النشر في مصر، واقتصاديات النشر في الإمارات العربية المتحدة، واستيراد وتوزيع الكتب الدراسية الأجنبية في الجامعات المصرية، واقتصاديات النشر من وجهة نظر المؤلفين.&
رأى د.حسـين البنـهاوى اقتصاد الغد سوف ينهض اساسا على المعلومات وأن المعلومات بسبيلها الى أن تصبح المورد الرئيسى الذى سيعهد إليه بدور هام يطاول في اهميته الدور الذى تضطلع به المواد الاوليه والطاقه. وقال "لقد أدى تنوع تطبيقات الانترنت وإختلاف مهامها ووسائل التعامل معها خلال السنوات القليلة الماضية إلى تحولها لوسيلة جذب لفئات متنوعة من البشر على إختلاف أعمارهم واهتماماتهم حيث أحدثت التطورات التكنولوجية الحديثة في منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي، نقلة نوعية وثورة حقيقية في عالم الاتصال، حيث انتشرت شبكة الإنترنت في كافة أرجاء المعمورة، وربطت أجزاء هذا العالم المترامية بفضائها الواسع، ومهدت الطريق لكافة المجتمعات للتقارب والتعارف وتبادل الآراء والأفكار والرغبات، واستفاد كل متصفح لهذه الشبكة من الوسائط المتعددة المتاحة فيها، وأصبحت أفضل وسيلة لتحقيق التواصل بين الأفراد والجماعات، ثم ظهرت المواقع الإلكترونية والمدونات الشخصية وشبكات المحادثة، التي غيرت مضمون وشكل الإعلام الحديث، وخلقت نوعاً من التواصل بين أصحابها ومستخدميها من جهة، وبين المستخدمين أنفسهم من جهة أخرى. ان التحول الذى شهدته الكتب من الصيغ الورقية الى الصيغ الرقمية واللاورقية قد واكبه تحول ايضا في وسائل الاعلام عن الكتب ومعارضها، ومثلما اتاحت الكتب الرقمية فرصا جديدة للانتفاع بالمعارف بتكلفة منخفضة فقد اتاح التعريف بمعارض الكتب نفس الميزة بتكلفة منخفضة ايضا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. ومن ثم نستطيع القول ان معارض الكتب ستتزايد اهميتها.&
وطالب د.محمد فتحي بضرورة التشجيع على النشر الإلكتروني للكتب، إذ أنها تفتح آفاقا جديدة ومنافذ جديدة للبيع بسبب تقدم التكنولوجيات المستخدمة في إنتاجها وتعدد أنواعها، واتاحتها عبر وسائل متعددة. وأيضا تشجيع المؤلفين خاصة المبتدئين منهم على نشر كتبهم في مواقع على الانترنت خاصة بعد أن أتاحت المكتبات وغيرها من المؤسسات منصات لتحميل هذه الكتب.
ورأى أنه من الضروري أن تتولى الدولة ممثلة في أجهزتها المعنية بالعلم والتعليم والثقافة دعم المؤلفين المبتدئين. ومن جانب آخر يجب أن يقوم اتحاد الناشرين العرب على وضع آلية موحدة للعقود التي تبرم بين المؤلف والناشر وعدم تركها عائمة بل تتضمن كافة التفاصيل، مع ترك مساحة لبعض الاتفاقات الخاصة بين المؤلف و الناشر في بعض الحالات.
واقترح أن تعمل دور النشر على ارسال نسخة من العقد ونسخة من الكتاب المطبوع الى إتحاد الناشرين بالبلد لفرض الصدق في التعامل. كما يجب أن يؤدي إتحاد الكتٌاب دورا واضحا في حماية المؤلفين والدفاع عنهم مثله مثل إتحاد الناشرين الذي يحمي الناشرين و يدافع عنهم.
وركزت الجلسة الثانية على النشر في مكتبة الإسكندرية، والنشر الأكاديمي في الجزائر، والتأثير الاقتصادي لحقوق الملكية الفكرية، حيث رأى الأكاديمي الجزائري د.ناجية قموح أنه وبرغم توفر الإرادة السياسية والرغبة الفعلية لمختلف أجهزة الدولة في جعل قطاع النشر قطاعا منتجا، إلا انه لم يستطع أن يجاري التغيرات التي كان مطالبا بإحداثها بسبب مجموعة من المتغيرات منها سرعة التحولات التي مرت بها مؤسسات النشر التي كانت مطالبة بالتوفيق بين متطلبات اقتصاد السوق وبين معطيات واقع سوق الكتاب الداخلية، حيث كانت تعاني من مجموعة إشكالات خاصة تلك المتعلقة بالمعطيات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية الداخلية، وأيضا تلك الناتجة عن التحديات الخارجية ممثلة في المنافسة الخارجية، الأمر الذي جعلها غير قادرة على إرساء نهج يؤسس لصناعة حقيقية للكتاب تتصف بالنجاعة الاقتصادية.
وقال د.قموح أنه بغض النظر على الصعوبات التي واجهتها هذه المؤسسات، فإن ما يلاحظ اليوم على مؤسسات نشر الكتاب الأكاديمي في الجزائر أنها تواجه مشكلة أخرى لا تقل أهمية، وهي الفجوة الواضحة بين البحث العلمي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتي لا تنفرد بها الجزائر حيث أشارت عديد الدراسات إلى وجود مثل هذه الفجوة في عديد الجامعات العربية التي سببها عامل نقص الموارد المالية، كما أن هذه الفجوة لا تقتصر على الاختلافات الواضحة بين جامعات الدول العربية فيما بينها، وإنما الأمر الأخطر هو تواجد فجوة واسعة جدا بين الدول العربية ودول العالم المتقدم، حيث تشير إحصائيات سنة 2002 أن 31 دولة فقط من بين 191 تساهم بنسبة 97.5% من حجم استشهادات البحث العلمي على المستوى العالمي، وأنه من بين هذه الدول تنتمي ثلاثة فقط إلى العالم النامي وهي الهند، الصين وإيران. وهو ما يجعلنا نقول بأن مؤسسات نشر الكتاب الأكاديمي في الجزائر تبقى ضعيفة التجربة والإنتاج، كما تبقى بعيدة عن إدراك أدوات فهم وتحليل ومسايرة التغييرات التي يعيشها مجال النشر في مجتمع اقتصاد المعرفة.
ولفت د.حسام لطفي إلى أن الملكية الفكرية حقا "عملة فكرية" تساعد على تعزيز النمو الاقتصادي، والقدرة التنافسية للشركة والابتكار في جميع أنحاء العالم. وقال تمثل بلدان مجموعة الثماني والصناعات القائمة على حق المؤلف والقطاعات المترابطة وحدها حوالي 4-11٪ من الناتج المحلي الإجمالي - 3.4 ٪ في اليابان، 4.7 ٪ في كندا، 6.06 ٪ في روسيا، 6.9 ٪ في الاتحاد الأوروبي، و 11.09 ٪ في US.2 هذه القطاعات تنتج أيضا عددا كبيرا من الوظائف - حوالي 3-8 ٪ من جميع العمالة في مجموعة الثمانية، 3،0٪ من جميع العمالة المحلية في اليابان، 5.4 ٪ في كندا 8 6.5 ٪ في الاتحاد الأوروبي، 7.3٪ في روسيا، و 8.53٪ في الولايات المتحدة.3 تستند هذه التقديرات إلى إحصائيات من تسعة قطاعات حقوق نشر أساسية تشارك كليًا في التطوير والتصنيع و/ أو البيع أو نشر المواد الأخرى ذات الصلة بحقوق النشر. وتشمل القطاعات المرتبطة بحقوق المؤلف لا تشمل فيما تشمل الصحافة والأدب؛ الموسيقى، والإنتاج المسرحي، والأوبرا. فيلم وفيديو الإذاعة والتلفزيون؛ التصوير؛ البرمجيات وقواعد البيانات الفنون البصرية والرسومات الخدمات الإعلانية؛ جمعيات الإدارة الجماعية لحق المؤلف.
وقال إن الصناعات ذات الصلة بحق المؤلف تولد مساهمات كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي والعمالة وفرص للتصدير في البلدان النامية: 2-6٪ من الناتج المحلي الإجمالي و 3-11٪ من العمالة في أربعة عشر دولة / منطقة تمت دراستها. أجرت الويبو وغيرها من المنظمات.
وأكد د.لطفي إن سوء حماية حقوق الملكية الفكرية أو إنفاذها يؤدي إلى التقليد والقرصنة، ومن ثم يؤدي ببساطة إلى تقويض المزايا الاقتصادية والمجتمعية لحقوق الملكية الفكرية.&
وأضاف أنه مع تقدم "اقتصاد المعرفة"، فإن المزيد والمزيد من القيمة التي تحققها الشركات والاقتصاد الكلي ستأتي من الأشياء غير الملموسة ذات القيمة المضافة العالية - بما في ذلك الملكية الفكرية في الاختراعات والعلامات التجارية والأشغال. في العديد من الشركات حتى الآن، تعزى 80٪ أو أكثر من قيمتها السوقية إلى الأصول غير الملموسة، بما في ذلك الملكية الفكرية.
وأوضح أن الحماية الفعالة لحقوق الملكية الفكرية تجذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الداخل في البلدان المتقدمة والنامية وأقل البلدان نمواً. أجرت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي دراسة مستفيضة عن البيانات لمجموعة من 120 بلدا مصنفة على أنها متطورة أو نامية أو أقل نموا، تغطي فترة الخمس عشرة سنة 1990-2005.
التعليقات