الرباط: قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، إن بلاده ما زال أمامها مسار طويل يجب أن تقطعه وجهد كبير يجب أن تبذله، من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين، معتبرا أن الحكومة ورثت عددا كبيرا من برامج الدعم الاجتماعي التي تحتاج إلى إعادة النظر فيها.

وأضاف العثماني في الجلسة الافتتاحية للمنتدى البرلماني الرابع للعدالة الاجتماعية، الذي نظمه مجلس المستشارين، اليوم الأربعاء، تحت شعار "الحماية الاجتماعية بالمغرب: الحكامة ورهانات الاستدامة والتعميم": "بلادنا تمكنت بفضل هذه البرامج والجهود المتواصلة على تحسين الحماية الاجتماعية وتحسين شبكات الدعم الاجتماعي ومازال أمامنا &الشيء الكثير".

وأفاد رئيس الحكومة بأن المغرب سجل في العقدين الأخيرين "تحسنا في تقليص نسبة الفقر والهشاشة ولكن ليس بما فيه الكفاية"، مؤكدا أن العدالة والحماية الاجتماعيين من المجالات التي تحظى باهتمام الحكومة التي تعطي الأولوية لدعم وتطوير الحماية الاجتماعية للحد من مختلف أشكال الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية.

وشدد العثماني على أن الحكومة واعية بأن تحسين منظومة الحماية الاجتماعية تحتاج إلى "رؤية شمولية موحدة بأهداف محددة وأولويات واضحة"، مبرزا أنها تعمل على صياغة منظومة حماية اجتماعية منظمة ومستدامة.

وزاد العثماني مبينا أن المناظرة الوطنية حول الحماية الاجتماعية التي شارك فيها مختلف المتدخلين بالبلاد" نعمل على الصياغة النهائية لتوصياتها ومخرجاتها والهدف هو بناء منظومة حماية اجتماعية ومستدامة وفاعلة".

وأضاف "ورثنا عددا كبيرا من البرامج الاجتماعية، والتي تبلغ 139 برنامجا اجتماعيا".

ولفت العثماني إلى أن هذا الكم الكبير من البرامج الاجتماعية يحتاج إلى إعادة النظر فيها "الكثير منها فاعل ومفيد للمواطنين، ولكن نحتاج إلى إعادة النظر في هذا الكم من البرامج من أجل ضمان الانسجام فيما بينها وتضافرها وجعلها مندمجة وليست برامج متنافرة منعزلة بعضها عن بعض"، مبرزا أن هذه الحكومة من شأنها تحقيق نتائج أفضل وضمان استفادة المواطنين التي أحدثت من أجلهم. &

من جهته، اعتبر حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين، أن المنظومة الوطنية للحماية الاجتماعية "استنفذت مداها وتواجه تحديات جديدة، تتمركز اليوم في صلب تفكيرنا الجماعي في نموذجنا التنموي"، وأكد أن التحدي الذي تواجهه بلاده هو "بناء أرضية وطنية جديدة للحماية الاجتماعية كجزء من نموذجنا التنموي الجديد، وهي أرضية تتجاوز، من حيث أهدافها، ومداها وتدابيرها، برنامجا حكوميا لولاية واحدة، أو رؤية قطاع وزاري، أو فاعل حزبي أو نقابي أو مهني".&

ودعا بنشماش إلى بناء تصور لنظام الحماية الاجتماعية قادر على تجاوز ما سماها "الاختلالات والإكراهات الحالية التي تحد من وقعه على المواطن وعلى التنمية البشرية والاجتماعية بصفة عامة"، مبرزا أن المغرب يوجد في مفترق طرق، &"ويتعين أن تتوفر البلاد على نظام حقيقي مندمج ومنسجم ومستدام للحماية الاجتماعية من أجل إرساء تنمية عادلة وشاملة".

وأكد بنشماش أن الاعطاب المسجلة على مستوى نظام حكامة البرامج والثغرات المرتبطة بالاستهداف والتحديات المتعلقة بالتمويل والاستدامة "اختلالات بات من المستعجل معالجتها لأنها تشكل أساس المطالبات المشروعة المعبر عنها من قبل مختلف فئات الشعب المغربي، من أجل الولوج الفعلي إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، وذلك في انتقاد واضح للحكومة وتدبيرها لهذا الملف.

بدورها، رأت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان المغربي، أن النموذج التنموي الجديد الذي تستعد البلاد لإعداده "قادر على أن يلعب دور الخيط الناظم لمختلف الديناميات والإطار الحاضن لمختلف تدخلاتنا. بحيث ستتحول كل الاستراتيجيات القطاعية وكل المبادرات إلى روافد تصب في هذا الإطار، مما سيمنحها سبل النجاح وشروط الفعالية".

وأكدت بوعياش على أن نجاح النموذج التنموي الجديد في تحقيق الحماية الاجتماعية والكرامة للمواطنين يبقى "رهينا بإسناد النموذج التنموي الجديد وبنائه على قاعدة مقاربة حقوق الإنسان التي أصبح الالتزام بها أحد المؤشرات الأساسية في تقييم السياسات العمومية ودولة القانون"، وشددت على ضرورة القطع مع "منطق الحاجيات واعتماد منطق الحقوق".

ودعت بوعياش إلى ضرورة الوعي بأن المقاربة المندمجة للسياسات العمومية لم تعد تعني "التنسيق من أجل مواجهة المشاكل والبحث عن هامش تلتقي عنده الحلول المقدمة من طرف القطاعات المعنية كل حسب اختصاصه"، وطالبت بصياغة برامج ومشاريع تعنى بجودة شروط الحياة بما يضمن "الصحة بدل العلاج، والتعليم بدل مكافحة الأمية، والسكن اللائق بدل علاج الأمراض الناجمة عن السكن غير اللائق".

وأشارت بوعياش إلى أهمية أن تصبح غاية السياسات القطاعية والإجراءات المعتمدة في إطارها "الوقاية من المشاكل بدل العمل على حلها"، كما اعتبرت &أن منطق الوقاية هو "السبيل الضامن للتحقق الفعلي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ضمن مشروع النموذج التنموي الجديد وفي إطار دولة القانون".

تجدر الإشارة إلى أن دورة هذه السنة من المنتدى البرلماني للعدالة الاجتماعية الذي يحظى برعاية العاهل المغربي الملك محمد السادس، لم تعرف توجيه رسالة ملكية إلى المشاركين فيه عكس الدورات السابقة، وهو الأمر الذي أثار تساؤلات حول سبب ذلك بين الأوساط الحاضرة في المنتدى.

ويناقش المنتدى في جلسات مختلفة موضوع الحماية الاجتماعية من زوايا مختلفة، بمشاركة خبراء ومسؤولي مؤسسات حكومية ودستورية ومدنية معنية بالموضوع، إذ يرتقب أن يخرج المنتدى بتوصيات تهم التدبير الأمثل لبرامج الدعم والحماية الاجتماعية في المغرب وضمان وصولها للفئات المستحقة لها.