تسود مدينة كركوك العراقية الشمالية حاليًا أجواء توتر ومخاوف فتنة جديدة بين مكوناتها التركمانية والكردية والعربية إثر قرار الأكراد الاحتفال بعيدهم القومي في قلعتها التاريخية ورفع علم كردستان عليها، وسط معارضة المكونات الأخرى، التي طالبت بإخراج قوات البيشمركة الكردية من حدود المحافظة وإسناد منصب محافظها إلى المكون التركماني.

إيلاف: خلال اجتماع للأحزاب الكردية في مقر الاتحاد الإسلامي الكردستاني في كركوك، فقد أعلنت عن اتفاقها على تنظيم احتفال بمناسبة أعياد نوروز، التي تحل الخميس المقبل، في قلعة كركوك التاريخية. ودعت المواطنين الأكراد إلى رفع أعلام إقليم كردستان عليها في تحدٍّ لمكونات المحافظة الأخرى وللسلطة المركزية في بغداد، التي كانت قد منعت رفع هذه الأعلام في المحافظة المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، التي تطالب بضمها إلى إقليم كردستان الشمالي.&

يشار إلى أن نوروز هو عيد رأس السنة الفارسية، ويصادف يوم الاعتدال الربيعي في الحادي والعشرين من مارس، وهو يعتبر أكبر الأعياد لدى القومية الفارسية، كما يحتفل به الأكراد، خاصة في شمال العراق، ويعدّونه عيدًا قوميًا، ويروون أنه اليوم الذي انتفض فيه الأكراد تحت راية "كاوة الحداد" ضد الملك الظالم "الضحاك"، ولكنهم يضيفون اليوم بعض المظاهر السياسية إلى النوروز للتأكيد على هويتهم القومية.

معارضة تركمانية عربية
لكن هذا الإجراء الكردي وُجه بمعارضة تركمانية عربية رافضة لاحتفال الأكراد بأعياد &نوروز في مدينة كركوك خوفًا على السلم الأهلي فيها، ومنعًا للتصادم القومي بين مكوناتها، وقوبل بمعارضة شديدة للاحتفال في قلعة كركوك التاريخية وعدم السماح برفع أي علم على ساريتها عدا علم العراق.&

رفع علم كردستان فوق قلعة كركوك

وخلال اجتماع لها في مدينة كركوك مساء أمس، فقد طالبت الأحزاب التركمانية بسحب قوات البيشمركة الكردية المتمركزة داخل الحدود الإدارية للمحافظة إلى خارج حدودها. وقالت الأحزاب والقوى السياسية التركمانية وأعضاء مجلس المحافظة والنواب التركمان في بيان مشترك عقب الاجتماع إن "الأحزاب والقوى السياسية التركمانية، وبحضور أعضاء مجلس المحافظة والنواب التركمان لمحافظة كركوك، بحثت الوضع السياسي والأمني في المحافظة، وإكمال ملف تحقيق الإدارة المشتركة بين مكونات كركوك الثلاثة بنسبة 32 بالمائة لكل منها، إضافة إلى الأقليات فيها". &

كما دعا المجتمعون إلى إسناد منصب محافظ كركوك إلى التركمان كاستحقاق سياسي لهم، وانسحاب قوات البيشمركة من داخل الحدود الإدارية لمحافظة كركوك، وسيطرة القوات الاتحادية عليها تمامًا. وطالبوا بإعادة النظر في هيكلية مكتب كركوك للمفوضية العليا للانتخابات وتحقيق التوازن القومي في تجديد العقود للموظفين ورفع الغبن الحاصل على المكون التركماني فيها، وذلك من قبل مجلس المفوضين.&

من جهته، اتهم المجلس العربي في محافظة كركوك الأكراد بالإصرار على تأجيج الوضع السياسي والاجتماعي في المحافظة. &
يشار إلى أن قلعة كركوك تقع في مركز مدينة كركوك فوق مستوطن أثري قديم، ويعود تاريخها إلى منتصف القرن الثاني عشر قبل الميلاد. وكانت كركوك قد شيّدت من قبل الملك الآشوري آشور ناصريال الثاني (884 -858 ق.م) قبل سبعة وعشرين قرنًا. &

يذكر أنه سبق لقوات البيشمركة الكردية أن انسحبت من كركوك وبقية المناطق المتنازع عليها أمام تقدم القوات الاتحادية في السادس عشر من أكتوبر عام 2017 بعد ثلاثة أسابيع من إجراء سلطات الإقليم استفتاء الانفصال عن العراق في 25 سبتمبر من العام نفسه، وانتشرت مكانها قوات الرد السريع والفرقة الذهبية والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي في مواقع البيشمركة، وذلك بعد مطالبة حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي والقائد العام لقوات المسلحة العراقية السابق بانسحاب البيشمركة من جميع المناطق المتنازع عليها إلى مواقعها قبل الحرب ضد داعش في منتصف عام 2014.

وكانت قوات البيشمركة الكردية قد استغلت الفوضى التي سادت العراق في إبريل عام 2003 ودخول القوات الأميركية إلى بغداد وإسقاط نظامها لتتقدم للسيطرة على المناطق المتنازع عليها، وفي مقدمتها محافظة كركوك الشمالية الغنية بالنفط، التي يسكنها تركمان وأكراد وعرب ومسيحيون، ويطمح الأكراد إلى ضمها إلى إقليمهم الشمالي، الذي أعلنوه عام 1990 في محافظات إربيل والسليمانية ودهوك.