تكشف نقابة أطباء الأسنان في ألمانيا أن الألمان يحشون 50 مليون سن نخرها التسوس في السنة، رغم الثقافة الصحية العالية. ربما يكمن السر في جودة معاجين الأسنان، بحسب تقرير لمجلة "إيكو تيست".

إيلاف من برلين: فراشي أسنان كهربائية غالية الثمن، ومعاجين أسنان بالفلورايد المضاد للتسوس، وسوائل غرغرة، وثقافة صحية عالية... لكن كل ذلك لا يحمي أسنان الألمان من التسوس. والمستفيدون، قبل غيرهم، هم أطباء الأسنان الذين يعتبرون الأعلى دخلًا بين الأطباء.

عوامل أخرى

لا يتهم الخبراء الصحيون في مجلة "إيكو تيست" معاجين الأسنان فحسب، بل يشيرون إلى عوامل أخرى تبدأ بماء الشرب وتنتهي بالعوامل الوراثية. لكن الفحوصات التي أجروها على 400 نوع من معاجين الأسنان، المحلية والأجنبية، السائدة في السوق الألمانية، تثبت أن نصفها فشل في الحصول على درجة "مقبول" أو "جيد" أو "جيد جدًا".

تحدث الباحثون عن نقص الفلورايد في معاجين الأسنان كسبب أساس في عدم حصولها على درجة النجاح في امتحان الجودة. إلى ذلك، تم العثور على مواد أخرى ضارة بالصحة في بعض المعاجين، كما كانت محتويات المعجون تختلف في نسبها عن المحتويات المثبتة على العلبة في عديد الحالات.

ذكر خبراء المجلة أن معجون الأسنان، إلى جانب طريقة التنظيف بالفرشاة وانتظام التنظيف، من أهم عوامل حفظ الأسنان من التلوث، إلا أن الكثير من ماركات معاجين الأسنان العروفة فشلت في الامتحان بسبب نقص الفلورايد المهم في مكافحة التسوس. وأضافوا أن نتائج فحص معاجين الأسنان العضوية أصابهم بخيبة أمل.

ثلث معاجين الأسنان فقط!

تعنى مجلة "إيكو تيست" بجودة المنتوجات وعدم وجود مواد ضارة بالصحة أو بالبيئة فيها، وتوظف أهم العلماء لوضع المنتوجات تحت المجهر. وذكرت المجلة، على صفحتها الإلكترونية، أنها أخضعت نحو 400 نوع من المعاجين التي اخذت من الصيدليات والمخازن، إلى الفحوصات المختبرية الدقيقية.

كان عدد معاجين الأسنان الاعتيادية الي اخضعت للفحص 204، وعدد معاجين الأسنان الخاصة بالأسنان الحساسة للألم 36 معجونًا، والمعاجين الخاصة بتبييض الأسنان 96، إضافة إلى 65 معجونًا تدخل في صنف معاجين الانسان العضوية.

نال 116 معجونًا درجة "جيد جدًا"، و27 معجونًا درجة "جيد"، وهي معاجين احتوت على كميات كافية من الفلورايد وخلت من المواد الضارة بالصحة، ويمكن الخبراء أن ينصحوا بها، ما يشكل ثلث المعاجين التي أُخضعت للفحص.

منح الخبراء درجة "ناقص" أو"ضعيف" لـ199 معجون أسنان، ومنحوا 58 معجونًا درجة "مقبول" لأنها لم ينقصها شيء، لكن فاعليتها كانت ضعيفة في محاربة التسوس.

فلورايد قليل

كان نسبة الفلورايد قليلة، أو معدومة، في 85 في المئة من معاجين الأسنان التي فشلت في بلوغ درجة النجاح. وثبت أن 51 معجونًا من المعاجين الطبيعية الغالية ينقصها الفلورايد، ونالت لذلك درجة الرسوب بالامتحان.

رفض خبراء "إيكو تيست" تبرير شركات صناعة معاجين الأسنان التي تحدثت عن الخشية من تسمم الفلورايد. وقال الخبراء إن إنسانًا وزنه 70 كغم يحتاج إلى 350 غرامًا من الفلورايد كي تظهر علية علامات التسمم به، ومثل هذه الكمية تتواجد في علبتين أو ثلاثة من المعجون، ولا يمكن أن تتواجد في شريط معجون الأسنان الصغير على الفرشاة.

إن تناول محتويات علبة كاملة (75 مل في العادة) من معجون الأسنان المحتوي على الفلورايد لا يسرب إلى جسم الأنسان أكثر من 150 ملغم من الفلورايد. على هذا الأساس، لا خوف على صحة الإنسان من تنظيف الأسنان بالمعجون المحتوي على الفلورايد.

&مواد ضارة بالصحة

احتوى ربع معاجين الأسنان، التي اخضعت للفحص، على مادة Natriumlaurylsulfat التي يفترض أن تكّون رغوة في الفم تغسل بقايا الطعام من بين الأسنان، إلا أن الطب يعتبر هذه المادة مخرشة لنسيج اللثة الرقيق.

كشفت الفحوصات على 91 نوعًا من معاجين الأسنان عن وجود مادة "بولي إيثيلين غليكول" التي تجعل اللثة عرضة لاختراق البكتيريا والأحماض القوية. واحتوى بعض المعاجين على المادتين المذكورتين، ونال درجة "ناقص".

تم العثور على مادة تريكلوسان في أربعة معاجين أخرى، وهي مادة تعزز مقاومة البكتيريا للمضادت الحيوية، بحسب العديد من الدراسات العالمية. وهناك العديد من التقارير العلمية التي تتحدث عن علاقة تريكلوسان بالإصابة بسرطان الأمعاء.

كما وجهت مجلة "ايكو تيست" نداء إلى السلطات الصحية الألمانية بضرورة وقف إنتاج معجون أسنان "عضوي" معين، بسبب احتوائه على مواد تمنعها السلطات الصحية. وذكرت المجلة أن السلطات الصحية استجابت لندائها.&

نصفها جيد

أوصى خبراء "إيكو تيست" أهالي الأطفال باستخدام نحو نصف معاجين الأسنان الخاصة بالأطفال والمانعة لتسوس الأسنان اللبنية. وهذا يعني أن النصف الآخر نال درجة "ضعيف" أو "ناقص".

منحت المجلة العديد من معاجين أسنان الأطفال درجة "ضعيف" لأنها لم تسجل على العلبة تعليمات عن ضرورة مراعاة عدم نقص الفلورايد، مع مراعاة عدم المبالغة في استخدامه أيضًا بالنسبة إلى الأطفال. واحتوى واحد من كل سبع معاجين أسنان للأطفال على مادة Natriumlaurylsulfat.

رصدت جمعية "صحة الفك والأسنان" الألمانية ارتفاعًا في نسبة الأطفال الذين يعانون تسوس الأسنان في بواكير حياتهم. ورصدت الجمعية ارتفاع معدل تسوس الأسنان اللبنية خلال عشرين سنة ماضية بنسبة 15 في المئة، وربطت هذه الظاهرة بظواهر العصر الأخرى التي تصيب الأطفال، مثل البدانة والإفراط في تناول الحلوى والمرطبات وقلة الحركة.

أسنان ناصعة

اعتبرت "إيكو تيست" معاجين الأسنان الخاصة ببياض الأسنان غير واقعية، لذلك منحت 75 نوعًا منها درجة "ضعيف"، لأنها لم تشر في العلبة إلى أن بياض الأسنان يعتمد أساسًا على لونها الطبيعي الذي يختلف من إنسان إلى إنسان.

هذا يعني أن هذه المعاجين تثير توقعات غير واقعية لدى المستهلك حول بياض الأسنان. وعابت "إيكو تيست" على منتجي هذه المعاجين عدم اعتمادهم على أي دراسة علمية "تبيّض" سمعة معاجين أسنانهم.

عمومًا، أحتوت نصف معاجين تبييض الأسنان على مادة Natriumlaurylsulfat، ولم تنصح المجلة إلا باستخدام 16 نوعًا من 96 نوعًا أجريت عليها الفحوصات.

&نصائح"ايكو تيست"

في نهاية تقريرها، أوصت "إيكو تيست" بالآتي:

- &على الإنسان البالغ أن يستخدم دائمًا المعاجين المحتوية على الفلورايد، لانه فاعل جدًا ضد التسوس.

- &على الإنسان أن يدقق جيدًا عندما يختار معاجين الأسنان "العضوية" لأن معظمها لا يحتوي على الفلورايد.

- &على الإنسان أن يبتعد عن معاجين الأسنان التي تحتوي على مادة Natriumlaurylsulfat

- &ليس هناك ما يدعم فاعلية معاجين تبييض الأسنان، ومعظمها يحتوي على مواد قد تكون ضارة.

الجدير بالذكر أن حجم مبيعات مستحضرات الأسنان وصحة الفم ارتفع إلى 13 مليار يورو في عام 2005 على المستوى العالمي. كما بلغت أرباح قطاع صناعة مزيلات الروائح نحو 6 مليارات يورو، وارتفعت أرباح قطاع محاليل رعاية الجسم إلى 8 مليارات يورو، وأرباح قطاع مساحيق وكريمات الوجه إلى 24 مليار يورو. وتحقق هذه القطاعات (الكوزميتيكا) نموًا ثابتًا قدره 3 في المئة منذ سنوات.