إيلاف من لندن: رغم المعارضة الواسعة لمشروع قانون جرائم المعلوماتية العراقي، يصر البرلمان على مناقشته والتصويت عليه، حيث حذر مركز رقمي متخصص من امكانية تحوله إلى أداة استبدادية لقمع الحريات الشخصية والعامة.

وعبر مركز الاعلام الرقمي العراقي في تقرير تابعته "إيلاف" اليوم عن مخاوفه من ان يكون مشروع قانون جرائم المعلوماتية، الذي يناقشه مجلس النواب حاليا ويستعد للتصويت عليه رغم الاعتراضات المحلية والدولية الواسعة عليه، مكرسا لحماية مجموعة قليلة من صانعي القرار وربما سيتحول القانون إلى مجموعة مواد استبدادية لقمع أي رأي معارض. وأكد انه بحاجة ماسة للمراجعة واعادة دراسة فقراته وصياغتها من خلال اشراك المختصين في المجال المتعلق بالقانون المذكور.

أداة أستبدادية

وحذر المركز من امكانية تحول القانون إلى أداة استبدادية لقمع الحريات الشخصية والعامة فضلا عن&نسفه في اكثر من مادة لقانون حماية الصحافيين العراقيين. وأشار المركز إلى أنّ محلليه يؤيدون الاجراءات السريعة والحازمة تجاه مرتكبي الجرائم الالكترونية لكنهم يرفضون ان يتحول الامن الالكتروني إلى أداة لقمع المواطنين وانتهاك خصوصياتهم.. موضحًا أنه لم يتضمن أي خطوات حقيقية يمكن ان تسهم في احراز تقدم نحو شبكة انترنت وتكنولوجيا اكثر امانا للمواطن العراقي، حيث ان مسودة القانون في كثير من بنودها قد تكون مكرسة لحماية مجموعة قليلة من صانعي القرار وربما سيتحول القانون إلى مجموعة مواد استبدادية لقمع اي رأي معارض.

وأضاف فريق التحليل في المركز ان مشروع القانون يفتقر إلى تعريفات واضحة بخصوص المصطلحات الواردة فيه، كما انه يفتقر لمواد ترغم الشركات على حماية خصوصية المستخدمين العراقيين على الانترنت.&

وقال أيضا إنه يتضمن بعض المواد التي تنتهك الخصوصية، مثل حظره استخدام الـVPN وهو امر يعتبر اساسيا في عمل الكثير من البرمجيات المتطورة كما يحتوي على مصطلحات فضفاضة ومطاطة وغير دقيقة في حين ان مواد أخرى باتت غير منطقية ولا تتلاءم مع عصرنا الحالي اذ تجعل احدى مواد مشروع القانون جميع المواطنين العراقيين عرضة للسجن لمدة سنة.. فضلا عن&معاقبته الفتيات اللواتي استخدمن اسماءً مستعارة تماشياً مع المحددات المجتمعية واعتبرها جريمة تستحق العقاب.

لا يحارب الغش الالكتروني

ونبّه محللو مركز الاعلام الرقمي إلى أنّ مشروع القانون لا يعالج مشكلة الغش الالكتروني الذي تقوم به الكثير من الشركات التكنولوجية، مثل شركات الانترنت، والتي تقوم بإيهام المستخدم بسرعة انترنت غير حقيقية، كما انه لم يتضمن على نص صريح يرغم شركات الانترنت على حماية بيانات المواطنين العراقيين في حال تسربت بسبب اهمال هذه الشركات نتيجة استخدامهم لبرمجيات قديمة او جعل مسارات النقل غير آمنة، وبالتالي لن يستطيع المواطن الحصول على تعويض عن تسريب بياناته ولا يمكن معاقبة الشركة المسؤولة عن التسريب.

نسف لقانون حماية الصحافيين

واضاف المركز ان القانون بصيغته الحالية سينسف في بعض مواده قانون حماية الصحافيين رقم 21 لسنة 2011 وسيعرض الصحافيين العاملين في المواقع الالكترونية للمحاكمة.

وأكد المركز ان المسودة الحالية للقانون لا يمكن ان تحد من الجرائم الالكترونية لضعف موادها، كما انه يُجرم بعض السلوكيات التي لايمكن اعتبارها جريمة مثل الاتصال بشبكة الانترنت غير المحمية بكلمة سر، فضلا عن ان بعض المواد تتعارض مع الحريات التي اقرها الدستور العراقي.

ودعا المركز إلى ضرورة ان يسبق قوانين الجرائم الرقمية تشريعات تحمي خصوصيات المستخدم وتجبر الشركات العاملة في مجال الانترنت على حماية بيانات المواطنين والاهتمام بالبنى التحتية وتحسين خدمات الانترنت وتطوير المؤسسات الحكومية المختصة بالمجال الرقمي للحفاظ على خصوصيات المواطنين وحمايتها، اضافة إلى حماية الدولة من الهجمات الالكترونية الداخلية والخارجية.

انتقادات وتحذيرات محلية ودولية

ووجه المركز 18 انتقادا للعديد من مواد مشروع قانون جرائم المعلوماتية تتعلق بمزودي خدمة الانترنت&التي تدخل العراق ومعاقبة الشخصيات المادية دون الافتراضية وعدم احتوائه على تعريفات واضحة للمصطلحات المستخدمة وغير معرفة على وجه الدقة، ويمكن ان تستخدم في اي وقت لابتزاز المواطنين اضافة إلى أنّها ستتسبب بتجريم الصحافيين العاملين في المواقع والوكالات الاخبارية او المواقع الالكترونية للقنوات والاذاعات..مبينا ان العبارات والمصطلحات الفضفاضة مثل :القيم الدينية او الاخلاقية او الاسرية او الاجتماعية ستجعل كل مستخدمي شبكة المعلومات الدولية مهددين&بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن مليوني دينار (حوالي الفي دولار)، وكذلك معلومات فضفاضة ايضا مثل : فسق، فجور، افلام مخلة بالحياء او الاداب العامة او دعا او روج لها.. منوها إلى أنّ الانكى&انها ستجعل شركات البرمجة التي انشأت المواقع او تستضيفها عرضة للعقوبة او الغرامة المالية التي لا تقل عن عشرة ملايين دينار (حوالي 10 الاف دولار).

وكان الشيخ عبد المهدي الكربلائي خطيب جمعة كربلاء ومعتمد المرجع الشيعي الاعلى في البلاد آية الله السيد علي السيستاني قد حرّم الجمعة الماضي النشر الالكتروني الذي يثير الفتنة الطائفية والقومية، قائلًا إنه سيكون كالرصاصة الطائشة أو القنبلة التي تخطئ الهدف وتقتل أمة. وشدد على حرمة الإبتزاز الالكتروني للفتيات، مؤكدًا أنه مخالف للشرع والأخلاق. واعتبر نشر الأسرار وسقطات الآخرين هي الأخطر في مواقع التواصل الاجتماعي.. لكنه أشار إلى أن كشف من ثبت فسادهم عبر مواقع التواصل مستثنى من الموانع الدينية.&

&وفي منتصف الشهر الماضي، وصفت منظمات حقوقية دولية وعراقية مشروع قانون جرائم المعلوماتية بأنه يمثل تراجعًا خطيرًا لحرية التعبير في العراق، داعية إلى سحبه وتنظيم مشاورات مع المجتمع المدني لإعداد تشريعات جديدة تتناول جرائم الإنترنت تضمن احترام حقوق الإنسان الأساسية. وحذرت ممّا ووصفتها "انتكاسة مفجعة" لحرية التعبير في العراق في حال تشريع قانون جرائم المعلوماتية، مؤكدة أنه يفرض عقوبات شديدة بالسجن وغرامات باهظة ضد المنتقدين السلميين، الذين يعبّرون عن أنفسهم عبر الإنترنت.

وقع البيان الذي تابعته "إيلاف"، كل من: منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش والمعهد الدولي للصحافة والجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحافيين والشبكة العراقية للإعلام المجتمعي ومنظمة إكسس ناو والمرصد العراقي لحقوق الإنسان، اضافة إلى منظمة منَا لحقوق الإنسان ومنظمة القلم الدولي ومركز القلم العراقي.

عبّرت هذه المنظمات في رسالة إلى البرلمان العراقي عن قلقها العميق بشأن إعادة عرض مشروع "قانون الجرائم المعلوماتية" على مجلس النواب علمًا بأنه سبق وأن طرح على المجلس لقراءة أولى في 12 يناير 2019. ودعت مجلس النواب العراقي إلى سحب مشروع القانون في صيغته الحالية، وتنظيم مشاورات، بما في ذلك مع المجتمع المدني لإعداد تشريعات جديدة تتناول جرائم الإنترنت مع ضمان احترام حقوق الإنسان الأساسية وحريات الجميع في العراق.
&
&