باريس: قرر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إرجاء الخطاب الذي كان سيلقيه مساء الاثنين للرد على مطالب محتجي "السترات الصفراء" بسبب الحريق "الرهيب الذي دمر نوتردام دو باري".

ولم تحدد الرئاسة متى سيلقي خطابه، بينما تبث جميع أجهزة التلفزيون وشبكات التواصل الاجتماعي صوراً للكاتدرائية القوطية، وهي رمز لباريس، تلتهمها النيران.

وكان من المتوقع أن يكشف الرئيس الفرنسي سلسلة اجراءات يعتزم اتخاذها للرد على المطالب السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمحتجين من حركة السترات الصفراء الذين يتظاهرون في مختلف انحاء البلاد منذ خمسة أشهر.

والرئيس الفرنسي مدرك ان الرهانات كبيرة، حيث عليه اقناع مواطنيه بهذه الاجراءات من أجل عدم تهديد ما تبقى من ولايته.

وكان من المتوقع ان يلقي كلمته عند الساعة 18,00 ت غ على التلفزيون ليكشف "ورش العمل التي تحظى بأولوية وأولى الاجراءات الملموسة" كما أعلن قصر الإليزيه في وقت سابق.

وكان ماكرون أطلق في منتصف كانون الثاني/يناير "النقاش الوطني الكبير" وهي صيغة غير مسبوقة في البلاد بهدف نزع فتيل أسوأ أزمة يواجهها منذ وصوله الى السلطة والمتمثلة بمتظاهري "السترات الصفراء" الذين يحتجون منذ منتصف تشرين الثاني/نوفمبر على سياسته الضريبية والاجتماعية.

وشارك ماكرون في هذه النقاشات في مختلف انحاء البلاد وتحدث لساعات، لكن بدون أن تعرف نتائجها، والارجح بسبب عدم تحديد الخيارات بعد. ففي 9 نيسان/ابريل لم يكن أي شيء قد حسم بعد بحسب ما قال أحد المقربين منه. وأضاف "انه رئيس غالبا ما يبت بالامور في اللحظة الأخيرة".

والمؤشر الوحيد ظهر الأحد، حيث أشار المصدر الى "تغييرات جوهرية ستطلق"، لكن مصادر أخرى أشارة الى أنه "يجب عدم توقع شيء" من خطاب الاثنين.

فرصة أخيرة؟

وكان ايمانويل ماكرون استخدم أسلوب الترقب نفسه في 10 كانون الاول/ديسمبر وأبلغ في اللحظة الاخيرة مجموعة صغيرة من مساعديه بخطته صرف 10 مليارات يورو لتهدئة النقمة الاجتماعية. وعرف وزراؤه بتفاصيل الخطة عبر التلفزيون.

وهذه المرة، وقبل 24 ساعة من خطابه أكد مصدر مقرب منه ان "ما سيعلنه بات جاهزا" وقد أبلغ حكومته به مسبقا. فقد استقبل مساء الاحد رئيس الوزراء ادوار فيليب ثم أبرز وزرائه.

وتوقعات غالبية الفرنسيين من النقاشات في مختلف انحاء البلاد ليست كبيرة في أن تؤدي الى حل الازمة كما اظهرت استطلاعات الرأي. وقد اعلن المحتجون عن تظاهرة جديدة السبت المقبل وليوم السبت الـ23 في باريس.

وبحسب استطلاع للرأي نشره معهد ايفوب الاحد فان 85% من الفرنسيين يعتبرون ان ايمانويل ماكرون يجب أن يحول انتباهه لكي يعالج مصادر قلقهم.

لكن في مطلق الاحوال فان ماكرون "لن يحظى بفرصة ثانية" كما حذر رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه (يمين).

بالتالي فان الضغوط على الرئيس كبيرة جدا خلال هذا الحديث التلفزيوني الهادف الى اعطاء ولايته زخما جديدا.

فمنذ الصيف الماضي فان المسائل القضائية التي تطال أوساطه واستقالات وزراء من الصف الاول واحتجاجات متظاهري "السترات الصفراء" أدت الى عرقلة أدائه وسياسة "التحول" للبلاد التي انتخب على اساسها.