بيروت: أوقعت هجمات شنتها فصائل جهادية في مناطق عدة في سوريا، نحو 50 قتيلاً في صفوف قوات النظام ومسلحين موالين لها، قتل غالبيتهم خلال اليومين الماضيين جراء هجمات لتنظيم الدولة الإسلامية تعد الأعنف منذ اعلان سقوط "الخلافة".

وبعد ثماني سنوات من نزاع مدمر، تسيطر قوات النظام حالياً على نحو ستين في المئة من مساحة البلاد، بينما لا تزال مناطق عدة خارج سيطرتها أبرزها مناطق سيطرة الأكراد في شمال وشرق البلاد، ومحافظة إدلب التي تسيطر هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) عليها، بينما يحتفظ تنظيم الدولة الإسلامية بانتشاره في البادية الممتدة من ريف حمص الشرقي (وسط) حتى الحدود العراقية.

وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان السبت مقتل 13 عنصراً على الأقل من قوات النظام ومقاتلين موالين لها جراء "هجوم عنيف شنّه +جيش أبو بكر الصديق+ التابع لهيئة تحرير الشام فجر السبت على حواجز ونقاط تابعة لقوات النظام عند الأطراف الغربية لمدينة حلب" شمالاً.

واندلعت إثر الهجوم "معارك عنيفة لا تزال مستمرة، تترافق مع قصف متبادل بين الطرفين"، وفق المرصد الذي أحصى مقتل ثمانية على الأقل من عناصر الفصيل الجهادي.

تحتفظ فصائل إسلامية وجهادية بسيطرتها على ريف حلب الغربي الذي يشكل مع محافظة إدلب المجاورة وأجزاء من محافظات محاذية، منطقة يشملها اتفاق توصلت إليه موسكو الداعمة لدمشق وأنقرة الداعمة للفصائل المعارضة في سبتمبر. وينص على إقامة "منطقة منزوعة السلاح" بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل الجهادية على رأسها هيئة تحرير الشام. ولم يتم استكمال تنفيذه بعد.

جاء هذا الهجوم وفق المرصد، بعد قصف صاروخي ومدفعي لقوات النظام استهدف بعد منتصف ليل الجمعة السبت مناطق في ريف حلب الغربي وريف إدلب الجنوبي الشرقي ومناطق مجاورة.

وصعّدت قوات النظام منذ فبراير وتيرة قصفها على المنطقة المشمولة بالاتفاق، وتتهم دمشق أنقرة بـ"التلكؤ" في تنفيذه.

ودعا الرئيس بشار الأسد خلال استقباله الجمعة وفداً روسياً إلى تطبيق الاتفاق في إدلب عبر "القضاء على المجموعات الإرهابية المتواجدة فيها".

نزع سلاح الجهاديين
جنّب الاتّفاق الروسي-التركي إدلب، التي تؤوي وأجزاء من محافظات مجاورة نحو ثلاثة ملايين نسمة، حملة عسكرية واسعة لطالما لوّحت دمشق بشنّها. ويشكل مصير المنطقة محور جولة جديدة من مباحثات أستانا تُعقد يومي الخميس والجمعة المقبلين في عاصمة كازاخستان برعاية كل من روسيا وإيران وتركيا.

وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الثلاثاء في دمشق إن "على ضامني مسار أستانة، إيران وروسيا وتركيا، الالتزام بالتعهدات المرتبطة بملف إدلب"، ومن ضمن "أهم هذه الالتزامات نزع سلاح الجماعات الإرهابية وإخراجها" من إدلب.

على جبهة أخرى في سوريا، أحصى المرصد السبت مقتل 35 على الأقل من قوات النظام ومسلحين موالين لها جراء هجمات شنها تنظيم الدولة الإسلامية منذ الخميس في البادية السورية، وتعدّ الأعنف منذ اعلان سقوط "الخلافة" قبل شهر.

وأفاد مدير المرصد رامي عبد الرحمن وكالة فرانس برس السبت عن "مقتل 27 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم أربعة ضباط كبار، جراء هجمات التنظيم في ريف حمص الشرقي". كما قتل "ثمانية آخرون من قوات النظام بينهم ضابطان" في هجوم مماثل شنّه التنظيم الخميس في بادية مدينة الميادين في ريف دير الزور الشرقي.

وتبنى التنظيم عبر بيان نشرته وكالة أعماق الدعائية التابعة له، ليل الجمعة السبت، تداولته حسابات جهادية على تطبيق تلغرام تنفيذ الهجوم. وأفاد عن "كمين" بدأ الخميس "عندما حاولت قوات النظام تقفي أثر مجموعات من مقاتلي الدولة الإسلامية"، مشيراً إلى "مواجهات" استخدمت فيها "شتى أنواع الأسلحة" و"استمرت لنحو 24 ساعة".

حصيلة القتلى "الأعلى"
يعد هذا الهجوم، وفق عبد الرحمن، "الأكبر" الذي يشنه التنظيم منذ اعلان قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية في 23 مارس القضاء التام على "الخلافة" التي أعلنها في العام 2014 على مناطق سيطرته في سوريا والعراق المجاور.

وقال إن "حصيلة القتلى هي الأعلى" التي يوقعها التنظيم منذ انتهاء "الخلافة". ورغم تجريده من مناطق سيطرته في شرق سوريا، لا يزال التنظيم ينتشر في البادية السورية المترامية المساحة والتي تمتد من ريف حمص الشرقي وصولاً إلى الحدود العراقية.

يؤكد محللون وخبراء عسكريون أن القضاء على "الخلافة" لا يعني أن خطر التنظيم قد زال مع قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق التي طُرد منها وانطلاقاً من البادية السورية.

وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية في الشهر الماضي، بدء مرحلة جديدة من القتال ضد التنظيم، بالتنسيق مع التحالف الدولي، وتستهدف خلاياه النائمة التي تقوم بعمليات خطف وزرع عبوات ناسفة وتنفيذ اغتيالات وهجمات انتحارية تطال أهدافاً مدنية وعسكرية على حد سواء.

تشهد سوريا نزاعاً دامياً متشعب الأطراف، تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 370 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

وقال الأسد في الشهر الماضي إن الحرب على بلاده "بدأت تأخذ شكلاً جديداً أساسه الحصار والحرب الاقتصادية" في وقت تشهد مناطق سيطرة النظام السوري منذ أشهر أزمة وقود خانقة، توسعت أخيراً لتطاول البنزين. ويضطر السكان إلى الانتظار لساعات في طوابير طويلة من اجل التزود بالبنزين في ظل اجراءات تقشفية.
&