كراكاس: اتهم زعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو الجمعة الرئيس نيكولاس مادورو بأنه أخضع كبار قادة الجيش لجهاز كشف الكذب من أجل ضمان ولائهم، بعد "المحاولة الانقلابية" الثلاثاء.

واعتبر غوايدو أنّه "لا توجد أيّ ثقة" داخل النظام، داعيًا إلى التظاهر "في شكل سلمي" السبت أمام القواعد العسكرية في البلاد لمطالبة الجيش، الفريق الرئيس في السلطة، بالتخلي عن مادورو.

وكان مادورو أعلن الثلاثاء "إحباط" انتفاضة عسكرية نفّذتها ضدّ حكمه مجموعة صغيرة من العسكر المؤيّدين لخصمه غوايدو، متوعّدًا المتورّطين في هذه "المحاولة الانقلابية" بملاحقات جزائية.

تصاعد التوتر في فنزويلا في هذا العام بعدما أعلن غوايدو، رئيس البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة، في 23 يناير نفسه رئيسًا بالوكالة بموجب الدستور، معتبرًا أنه أعيد انتخاب مادورو عن طريق التزوير خلال العام الماضي.&

وسارعت الولايات المتحدة وعدد من كبرى دول أميركا اللاتينية، بينها البرازيل والبيرو وتشيلي، إلى دعم غوايدو، تبعتها بعد ذلك دول عدة من الاتحاد الأوروبي.

يستعد مؤيدو المعارض الفنزويلي خوان غوايدو السبت للسير "بسلام" نحو الثكنات العسكرية بغية حض الجيش مجددًا على التخلي عن الرئيس نيكولاس مادورو، وذلك بعد أربعة أيام من فشل محاولة انقلاب. &وأعلن غوايدو في مؤتمر صحافي الجمعة "بأسلوب حضاري، سلمي (...) سنقوم بتسليم وثيقة بسيطة، بيان لقوات الجيش لكي تصغي إلى نداء فنزويلا، من أجل انتقال سريع نحو انتخابات حرة".&

ودعا مؤيديه إلى تفادي الاستفزازات خلال هذه التظاهرات الجديدة، موضحًا أن "معركتنا قائمة، وستتواصل في إطار الدستور". غوايدو البالغ من العمر 35 عامًا أعلن نفسه رئيسًا موقتًا لفنزويلا في 23 يناير، واعترفت به نحو 50 دولةً، بينها الولايات المتحدة.&

من جهته، أطلق مادورو حملة لمطاردة "الخونة" منذ مساء الثلاثاء، حين أكد إحباط "محاولة انقلابية" أعدّتها مجموعة صغيرة من الجيش، تمرّدت وانضمّت إلى غوايدو. أدّت المواجهات التي تلت هذه المحاولة الانقلابية إلى مقتل أربعة أشخاص وإصابة 200 الثلاثاء والأربعاء، بحسب منظمة العفو الدولية.&

وطلب نحو 25 عسكريًا متمردًا اللجوء إلى سفارتي البرازيل وبنما، فيما لجأ أحد رموز المعارضة ليوبولدو لوبيز إلى سفارة إسبانيا.&

خانوا الوطن
وقد أعلن المدعي العام الفنزويلي طارق وليام صعب الجمعة أنه أصدر 18 مذكرة توقيف بحق مدنيين وعسكريين شاركوا في التمرّد الفاشل. وأكد بدون ذكر أسمائهم أن هؤلاء الأشخاص "سيعاقبون بشدّة لأنهم خانوا الوطن".&

يزداد الاستياء الشعبي نتيجة أسوأ أزمة عرفتها فنزويلا في تاريخها الحديث، فالتضخم قد يصل إلى 10000000%، بحسب صندوق النقد الدولي، فيما حالات انقطاع الكهرباء تتزايد، والمستشفيات عاجزة عن معالجة مرضاها بسبب النقص في الأدوية والمعدات الضرورية.

لكن الجيش، وهو ركيزة أساسية في النظام الفنزويلي الذي يسيطر على الثروة النفطية الهائلة للبلاد، يبدي حتى الآن دعمًا ثابتًا لمادورو. ووعد غوايدو بالعفو عن العسكريين الذين يختارون الانضمام إلى معسكره. وأكد أكثر من مرة أن عددًا منهم مستعد للالتحاق به، لكن ذلك لم يترجم إلى أفعال حتى الآن.&

واتهم غوايدو الرئيس مادورو الجمعة بأنه أخضع كبار العسكريين لجهاز كشف الكذب للتأكد من ولائهم بعد محاولة الانقلاب. قال غوايدو في خطاب أمام عمال في قطاع النفط "أريد أن أوجّه دعوة إلى هؤلاء العسكريين (...) فليقارنوا ردّ الشعب الفنزويلي (...) بردّ أولئك المتخفين الذين يختبئون بين أربعة جدران، والذين أخضعوا كلّ القيادة العليا لجهاز كشف الكذب".&

ودعت مجموعة ليما، التي تضم 14 بلدًا من أميركا، اعترفت غالبيتها بغوايدو، الجمعة كوبا التي تدعم حكومتها مادور إلى القيام بدور الوسيط في الأزمة الفنزويلية.&

"حديث إيجابي" بين ترمب وبوتين
بعد لقائهم في عاصمة البيرو، طالب وزراء خارجية مجموعة ليما في بيان "روسيا وتركيا وكل الدول التي لا تزال تدعم نظام نيكولاس مادورو غير الشرعي إلى دعم عملية انتقال ديموقراطية للسلطة".

من جهته، أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشكل مفاجئ "محادثة مثمرة جدًا" مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين حول فنزويلا، الملف الذي يتبادل فيه البلدان الاتهام بلعب لعبة خطرة.&

ومنذ أشهر عدة، تتصاعد الحرب الكلامية بين واشنطن، التي تدعم غوايدو وتطالب برحيل مادورو، وموسكو التي تتهم الولايات المتحدة بأنها تخطط لـ"انقلاب" في فنزويلا.&

اعتمد ترمب لهجة متوازنة تجاه روسيا، خلافًا لمستشاريه الرئيسيين ووزارة الخارجية. وأكد ترمب من المكتب البيضوي أن "فلاديمير بوتين لا يسعى البتة إلى التدخل في فنزويلا، ويود أن يرى تطورات إيجابية، لقد أجرينا محادثة إيجابية جدًا".&

أما الكرملين الذي أكد أن الاتصال جرى بمبادرة من واشنطن، فقد بدا موقفه بعيدًا جدًا عن موقف ترمب. وحذر في بيان من أن "التدخل في الشؤون الداخلية، ومحاولات تغيير النظام بالقوة في فنزويلا، تقوّض أفق تسوية سياسية للنزاع".&
&