نصر المجالي: أعلن في عمّان، اليوم السبت، عن قرار فريق عمل فيلم "جابر" العالمي، إلغاء العمل بتصوير الفيلم بعد اللغط الذي أثاره سيناريو العمل الفني، وذلك بعد ضجة هزّت الشارع الأردني.

وقال مخرج الفيلم محي الدين قندور في بيان إن فريق العمل ارتأى إلغاء تصوير الفيلم بعد حالة من اللغط اثيرت بشأنه، ومنعا لكل ما من شأنه المساس بالوحدة الوطنية أو إثارة قضايا قد تؤثر على الأمن الوطني.

وكانت (إيلاف) كتبت تقريرا يوم الجمعة 2 أغسطس 2019، عن تداعيات تصوير فيلم (جابر) ومواقف الأطراف الرافضة وكذلك موقف مخرج الفيلم محي الدين قندور.

وجاء في تقرير (إيلاف) الآتي: "من حيث لا يحتسب وفي ظروف وتداعيات غير محسوبة في الإقليم وتقرير مصيره على وقع تداعيات خطة السلام الأميركية التي تحمل مسمى "صفقة القرن"، حالة من الفوضى الفكرية والثقافية تتعلق بتصوير فيلم يقال إنه يثبت حق اليهود في البتراء.

ضجة

وأثار الفيلم السينمائي العالمي "جابر" الذي سيجري تصويره في الأردن ضجة واسعة في مختلف الأوساط الشعبية والنيابية والثقافية في المملكة بسبب مغالطات تاريخية، زعم فيها النص بأحقية اليهود في جنوب الأردن، وفق ما صرح به ممثلون انسحبوا بعد قراءة نص الفيلم والنقاش مع المخرج.

وكان رئيس الوزراء الأردني، عمر الرزاز، دعا هيئة الإعلام والهيئة الملكية للأفلام، إلى تقييم ودراسة محتوى فيلم "جابر"، مؤكدًا أن أي عمل ثقافي أو فني يتم إنتاجه وتصويره على الأرض الأردنية يجب أن يكون متوافقًا مع ثوابت الأردن والهوية الوطنية.

كما صرحت الناطقة الرسمية باسم الحكومة ووزيرة الدولة لشؤون الإعلام، جمانة غنيمات، بأن الحكومة ستتخذ إجراءات فورية للوقوف على محتوى فيلم "جابر"، في ضوء ما أثير في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من جدل حول الرواية التاريخية التي يقدمها الفيلم.

قصة خيالية

من جانبه، أكد مخرج "جابر"، محيي الدين قندور، أن قصة الفيلم خيالية، ولا صلة لها، كما يروّج، برواية للمؤرخة لويز ليغينز التي ترى أن النبي موسى أحضر اليهود من مصر إلى البتراء بدلًا من جبل سيناء، وأمضى معهم أربعين عامًا قبل الانتقال إلى فلسطين.

كما أشار قندور إلى أن كثيرًا ممن هاجموا الفيلم لم يقرأوا السيناريو، مشددًا على أن تصريحات الممثلين الأردنيين الذين انسحبوا من الفيلم فيها إساءة كبيرة.

يذكر أنه يشارك في الفيلم كل من الممثلة البريطانية آلي باستين، وشين كرونين، وسميرة أسر، والروسي ألكسندر ميروكي، والممثل المصري المقيم في أميركا إفرايم حنا، ومولي كرونين، وكاسبيك قندور.

ونفى المخرج محي الدين قندور أن يكون الفيلم "يتطرق إلى حق إسرائيل في البتراء أو الأردن أو فلسطين"، لافتًا إلى أن الفيلم مأخوذ عن رواية له بالاسم نفسه، وصدرت من المؤسسة العربية للدارسات والنشر في بيروت، واشتهرت قبل فترة في عمّان وتحكي "قصة خيالية"، مضيفًا أنه لم يقدم تاريخًا.

يشرح المخرج أن فيلم مغامرة "عن طفل يجد صخرة عليها كتابات عبرية، ويبيّن انتماء الطفل الذي يسلم الحجر لدائرة الآثار ويلقي الضوء على قوة الأمن الأردني وحرصه لمواجهة عصابات الإتجار بالآثار ومواجهة الاستخبارات الإسرائيلية التي تدخل على الخط".

لم يقرأوا السيناريو

واعتبر قندور أن كثيرًا ممن هاجموا الفيلم لم يقرأوا السيناريو، مشددًا على أن تصريحات أحد المرشحين لأحد الأدوار فيها إساءة، وقال من الممكن أن أرفع دعوى قضائية، لأنه "لامس الخطوط الحمراء"، مستدركًا "سبق أن كتبت سيناريو فيلم عن خالد مشعل، فهل من المعقول أن أتنكر لتاريخي وتاريخ أبي الذي قاتل في القدس؟".

أردني بالكامل

وبيّن قندور أن التمويل أردني بالكامل، موضحًا "كان هناك مموّل روماني، اشترط التصوير في روما، ويومين في البتراء، فرفضت العرض".

وقال قندور الذي أخرج فيلم "الشراكسة" ومجموعة من أفلام الأكشن الهوليوودية، إن اسم الفيلم "جابر"، لم يعتمد حتى الآن، لأن هناك أسماء مشابهة، ونحن في صدد الاستشارة القانونية حول احتمال تغيير الاسم إلى "جابر والصخرة" أو اسم آخر.

شعائر صلاة

إلى ذلك، فإن الفيلم أثار ضجة من نوع آخر، حين قامت مجموعة من اليهود المتدينيين بإقامة شعائر الصلاة اليهودية في مقام النبي هارون قرب البتراء، وعلى الفور قرر وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردني الدكتور عبدالناصر أبو البصل إغلاق المقام وتسليم مفاتيحه إلى مديرية أوقاف محافظة معان وعدم السماح لأي زائر من دخول المقام إلا بعد حصوله على موافقة الوزارة.

وجاء قرار الوزير أبو البصل على خلفية دخول سياح بطريقة غير قانونية إلى المقام من دون علم الوزارة بذلك. واستنكرت الوزارة في بيان صادر منها يوم الخميس ما حدث داخل مقام هارون، مؤكدة رفضها الشديد لمثل هذه التصرفات المرفوضة بشدة. ونوهت الوزارة بأنها ستقوم بفتح تحقيق حول ما حدث ومحاسبة من سمح لهم بدخول المقام.

ردًا على قرار وزير الأوقاف، طالب النائب الإسلامي في مجلس النواب سعود أبو محفوظ، بإقالة وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية، الدكتور عبد الناصر أبو البصل على خلفية المخاطر التي تعرّضت لها البتراء.

وقال أبو محفوظ في تصريح نقلته الصحافة الأردنية: تلوت على الحكومة خلال مداخلتي النيابية، نحو (1200) كلمة مكتوبة، عن المخاطر التي تتعرّض لها البتراء ومكوناتها، والخطر اليهودي الداهم على محيطها، وتطرقت إلى الممارسات اليهودية للسياح الشرسين، وضربت لهم مثلًا مقام "هارون".

لا وجود للمقام

وكشف النائب الإسلامي عن حقيقة عدم وجود مقام للنبي هارون. وقال في بيان صدر من مكتبه اليوم الجمعة، ونشره موقع (عمون) أنه ليس هناك مقام لهارون ولا من يحزنون، فهارون مات في سيناء، ودفن فيها، وهذا معلوم.

وأضاف: ولكن المسجد الجليل والجميل الموجود في أعالي البتراء، كان لخدمة موقع عسكري مملوكي، بناه الفاتح محمد الناصر بن قلاوون الشركسي عام 1326م، على أنقاض مصلى شيّده الظاهر بيبرس الكازاخستاني عام 1264م، والمسجد ومحرابه ومصلاه، متاح ومستباح للسيّاح اليهود من كل جنس، الذين يبحثون عن المفقود، ويطمسون الموجود، والمحترفين في سياحة "النبش" وسياحة "الدفائن" والسياحة "الليلية المشبوهة".