فيما تزدهر في إيران بشكل واسع تجارة الأعضاء البشرية بسبب عمليات الاختلاس والسرقة والنهب التي يمارسها مسؤولو النظام وتخصيص موارد البلاد للقمع والإرهاب وتصديره ودعم الميليشيات الإرهابية، يعيش معظم الإيرانيين تحت خط الفقر، ولا يرون أي آفاق لتحسن أوضاعهم.

إيلاف: العضو الأكثر شيوعًا الذي يتم عرضه للبيع والشراء عن طريق وسطاء هي الكلى، حيث تزايدت هذه التجارة منذ أكثر من 10 سنوات، لكنها لم تعد تقتصر حاليًا على بيع الكلى، فقد توسعت إلى بيع الكبد والرئة ونخاع العظام والقرنية، وتمت إضافة بلازما الدم أخيرًا إلى هذه التجارة الرائجة.

يشير القيادي في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية موسى أفشار إلى أنه في حين أن إيران فيها واحد في المائة من سكان العالم، & و7 في المائة من الموارد الطبيعية في العالم، وهي واحدة من أغنى البلدان في العالم من حيث الموارد الطبيعية، إلا أنه من خلال عمليات الاختلاس والسرقة والنهب التي يقوم بها مسؤولو النظام من ناحية، وتخصيص الموارد والمرافق للقمع والإرهاب وتصديره ودعم الجماعات الإرهابية والحروب الإقليمية، ومحاولة نشر أسلحة الدمار الشامل، يعيش وفقًا للإحصائيات الحكومية معظم الشعب الإيراني تحت خط الفقر، ولا يرون أي آفاق لتحسن أوضاعهم.

وسيط يتحدث عن ازدهار تجارته بالأعضاء البشرية
وقد وصف أحد هؤلاء الوسطاء، الذي أمضى في هذا العمل سنوات عديدة، عمله على النحو الآتي:

"بدأت ببيع وشراء الكلى بالقرب من أحد المشافي الواقعة على أطراف ونك (منطقة في قسم شمال طهران) مملوء بالإعلانات ودعايات بيع الكلى. وقد أمضيت نهارًا كاملًا بحثًا عن أشخاص والتحدث معهم، ووجدت المعلومات الأولية. المشكلة الأساسية هي إيجاد المشتري، حيث كان معظم الأشخاص عاجزين عن تحديدهم، والتعرف إليهم، ولكنني كبرت في السوق، وأصبحت ضالعًا في هذه المهنة. في البداية سعيت إلى الوصول إلى قائمة الأشخاص الذين ينتظرون التبرع بالكلى، وبعد شهر واحد حصلت على هذه القائمة".

يضيف "في نهاية المطاف، وبعد شهرين، أبرمت أول صفقة لي، حيث كان هناك شخص انتظر فترة طويلة للحصول على كلية سالمة. عادة غالبية الأشخاص الذين يضعون لافتات بيع أعضائهم هم من المدمنين أو الذين لديهم مشاكل أخرى. لذلك لا توجد ثقة في هذه الإعلانات. وقد اتصلت به بطريقتي، ومن حسن حظي كان لديّ رقم تلفون شاب بحاجة إلى المال من أجل تأمين تكاليف العملية الجراحية لأمه، وكان مستعدًا لبيع كليته في عام 2008 مقابل ستة ملايين تومان (6 آلاف دولار في ذاك الوقت). وقد عرضت على المشتري الذي كان مستعجلًا جدًا للشراء قيمة كلية الشاب بـ 8 ملايين&تومان (يعادل 8 آلاف دولار في ذاك الوقت)، وفي النهاية تمت الصفقة، ووضعت في جيبي مليوني تومان (ألفي دولار) كمربح".&

إعلانات جدارية عن بيع أعضاء بشرية

ويزيد قائلًا "مع المبادرات التي قمت بها ازدهر عملي بسرعة، ومنذ عام 2011 دخلت مجال بيع وشراء بقية الأعضاء التي يتم زرعها. وبعد عامين استخدمت أشخاصًا عدة ليقفوا على أبواب المشافي وليجدوا مشتريًا. ومن ثم استخدمت أشخاصًا عدة ليحضروا لي تقريرًا عن مرضى الوفاة الدماغية، وبعد ذلك، دخلت مجال بيع بقية الأعضاء أيضًا. والآن هناك العديد من الأطباء الذين يعرفونني، وحتى إن بعض الأطباء يقدمون مرضاهم للتعرف إليّ، ولهذا السبب تزداد قائمة المشترين والبائعين الخاصة بي كل يوم".

يبيّن موضحًا "في الوقت الحالي لديّ 20 مسوقًا، يوجد أيضًا ستة أشخاص في الشركة، لديهم الحق في استشارة طبيب متخصص، الأمر الذي يكلف ما لا يقل عن 50 مليون تومان (14000 دولار). وبالطبع، فإن الطبيب النفسي والمحامي الذين يتعيّن عليّ تعويضهما من وقت إلى آخر، وعليّ دفع عشرات الملايين لهم لإغلاق أفواههم. ثم هناك التكاليف الحالية للمكتب التي يبلغ مجموعها حوالى 70 ملايين&تومان (23000 دولار بسعر الصرف).

وقدر دخله في شهر من 100 إلى 200 مليون تومان (28 إلى 56 ألف دولار شهريًا بسعر الصرف في عام 2013).

.. وتاجر آخر: الفقراء أكثر البائعين
وفقًا لتاجر آخر، فإنه يقول "معظم الذين يبيعون كليتيهم هم من الطبقات الدنيا في المجتمع. أجدهم من خلال الأصدقاء الذين يعيشون في المدن أو الضواحي. ثم إنهم راضون، ويتم تعيين السعر. بالطبع ، لا يُعرفون إلا باسم المتبرع ومعرفة المريض لجعل المهمة أسهل".

زقاق "فرهنغ حسيني" المعروف باسم "شارع الكلى" في طهران، ويعرف بشارع فرهنغ حسيني (في وسط طهران) باسم شارع الكلى. ويقع المبنى المركزي لجمعية دعم أمراض الكلى في منتصف هذا الزقاق أو الحي.

في السنوات السابقة ، كانت أوراق A4 تملأ جميع جوانب الشارع، حيث الملصقات مملوءة بأرقام الهواتف المحمولة، وجميع جدران وأسوار هذا الشارع مليئة بالإعلانات. وكتب البعض رسالتهم تلقائيًا على الحائط بقلم التخطيط العريض أو على قطعة من الورق. وقد رسمت بعض إعلاناتهم على الحائط. &

رسالة جميع الجداريات في هذا الشارع هي شيء واحد، مبيعات الإعلانات والكلى والكبد وحتى القرنية.. ويتم ذكر أرقام هواتف البائعين وفصيلة دمهم أيضًا في الإعلانات، حتى إن بعض الإعلانات لها تواريخ تثبيت.

يصر الكثيرون على أنهم غير مستعدين للتعامل مع الوسيط، ويريدون التعامل مباشرة مع المشتري. وقد تحوّل هذا الشارع إلى بورصة لبيع وشراء الأعضاء الإنسانية.

في العامين الأخيرين، تم استبدال الأوراق بخطوط عريضة ذات ألوان حادة مثل اللون الأحمر، مع اسم بائع الكلى ورقم الاتصال به.

في جميع أنحاء هذا الزقاق، لا يمكنك العثور على باب أو حائط أو حتى مكان لوقوف السيارات بدون رقم هاتف أو عروض لمبيعات الكبد أو الكلى عليه. وقد أعلنت بعض الشركات رسميًا على جدران هذا الزقاق الكبير.. مثل "شركة الوند، شراء وبيع الكلى من دون وسيط، الرقم ...".
&
موقف مسؤولي النظام
يؤيد ويدعم مسؤولو&النظام تجارة الأعضاء البشرية في البلاد رسميًا وعلنًا.

ووفقًا لصحيفة مشرق الحكومية (28 فبراير 2017)، تحدث الدكتور حسين علي شهرياري، عضو لجنة الصحة الرسمية عن بيع الكلى من قبل الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع قائلًا "ما المشكلة من القيام بذلك عندما يكون الشخص في حالة فقر، وتتحوّل حياته إلى الأفضل من خلال تلقي 20 إلى 30 مليون تومان (من 2 إلى 3 آلاف دولار بمعدل التحويل في ذلك الوقت)؟".

وقال عضو آخر في لجنة الصحة "من وجهة نظر شرعية لا تملك زراعة الأعضاء أي مشكلة ولها تصاريح، وقد أعطى الإمام الإذن بذلك، والمراجع لم تخالف ذلك". &

إيرانيون يعلنون على جدران الشوارع عن بيع كلياتهم

وأشار إلى أن "هذا أمر غير أخلاقي ولا إنساني من وجهة نظر معظم البلدان، فكيف يقتلون البشر والأطفال، أليس هذا غير أخلاقي، وقصف النساء وكبار السن من الرجال والنساء أليس هذا غير إنساني؟".

إعلانات البائعين
باعت طالبة دكتوراه تبلغ من العمر 30 عامًا في 23 يوليو 2019 كليتيها، بسبب عدم قدرتها على توفير تكاليف والدتها المعوقة وعدم توافر أموال لديها لسداد الرهون العقارية وتكاليف التعليم من خلال وضع نص مكتوب في محطة الحافلات.

قام أمير، الذي يبلغ من العمر حوالى 18 عامًا، ببيع كليتيه بالمزاد بسبب الفقر المالي. فهو لا يريد أكثر من 50 مليونا قائلًا "لم يعد بإمكاني تحمل غضب مالك البيت. قررت أنا وشقيقي بيع كليتينا، وشراء منزل صغير، بمساعدة قرض لتخفيف معاناة والدتنا".

قال أمير إنه وقع في شراك التجار مرات عدة، وتم عرض كليته بالمزاد العلني، ولكن بمساعدة صديق له يملك خبرة في بيع الكلى، قام بالتخلي عن دور التجار، وهو يبحث الآن عن مشترٍ حقيقي من دون وجود وسطاء.

وكتبت صحيفة شفا أونلاين الحكومية، بعد التحدث إلى بائع الكبد الذي نشر الإعلان على الحائط، أن البائع كان رجلًا في منتصف العمر وذا لهجة جنوبية، وأجاب على الهاتف يقول: "فصيلة دمي سلبية، وأبيع كبدي بمبلغ 150 مليونا، إذا قمنا بعملية شراء... يعاني طفلي من مرض نادر. ويبدي كل طبيب متخصص في مرضه بوجهة نظر مختلفة، ولا يعرف أحد أين تكمن مشكلة طفلي الرئيسة. كانت هناك غدة بجانب رقبته، أصبحت منتفخة أكثر فأكثر يومًا بعد يوم، حتى أصبحت الغدة مملوءة بالقيح، ومنذ ذلك الحين انخفض وزن طفلي في كل لحظة، وأصيب بحمى لليلتين أو ثلاث ليال في الأسبوع. نحن نعيش الآن في منزل أحد الأقارب في طهران حول مدينا شوش. لم أستطع القدوم إلى طهران خلال كل شهر مع أطفالي الثلاثة وزوجتي والعودة إلى مدينة بندر عباس.

في الشهر الماضي، قمت ببيع كليتي بنصف قيمتها، وأريد الآن بيع جزء من كبدي بمفردي، لتغطية تكلفة علاج طفلي. ويتابع ليقول: اعتدت التسوق في بندر عباس، ولديّ تأمين صحي، ولكن هذا التأمين غير مقبول من قبل العديد من المكاتب والمستشفيات في طهران، وعلينا مراجعة المشافي هناك بدون تأمين صحي. حتى الآن أنفقت 50 مليونًا، لكنني لم أفلح. أريد أيضًا أن أبيع قلبي للحفاظ على صحة طفلي.

أنا أعلم أن عملية الكبد صعبة والعلاج فيها صعب، لكن مع طفلي المريض ومشاكله المالية، ليست الحياة سهلة على الإطلاق. ربما يتبقى لدي القليل من المال من بيع الكبد يمكنني العيش فيه طالما أنني حي.

من جهتها قالت شهلا، التي وصلت إلى طهران من دهدشت في عام 2017 في محافظة كهغيلوية وبوير أحمد، لصحيفة همشهري عام 2109 "لقد فعلنا كل ما تقوله، ولكن من دون جدوى. وفي كل مكان نذهب للعمل فيه، يريدون سجلا وتاريخا لنا، وليس لدينا أي من أوراق اعتمادنا، لذلك قرر زوجي بيع كليته. لقد أحضرنا سجادة لنجلس هنا حتى لا يمحوا رقمنا".

وتابعت تقول "إذا حصلنا على هذه الأموال، يمكنها أن تكون مساعدة كبيرة لحياتنا. لم أعد مضطرًا للعودة إلى مدينتنا والعيش بعيدًا عن زوجتي" كما نقلت عنه صحيفة همشهري في 14 يناير 2019.

شخص آخر اسمه شاهين سجل اسمه حرفيًا على الجدار في زقاق "فرهنغ حسيني". وقال لصحيفة همشهري "المشاكل المالية والإدمان ومرض أفراد عائلتي دفعتني إلى الوصول إلى نهاية الخط، لذلك أريد أن أبيع كليتي". يتابع ليقول: "أي شخص يتصل يطلب مني الخصم. يبدو الأمر وكأن حال جميعهم أسوأ من حالي، لكن لا أحد يسألني كيف تستطيع الحصول على بضعة كيلوغرامات من الدجاج واللحوم التي لا نأكلها".

ويقول "إذا لم أتمكن من تحمل تكاليف أسرتي، فسوف يقوم صاحب المنزل بأخذ أثاثنا وأجهزتنا. ليس لدي خيار سوى رفع السعر. هل تعتقد أن 20 مليون تومان مال كثير بالنسبة إلى كلية؟" (صحيفة همشهري في 14 يناير 2019).
&
المواطنون يبيعون كلاهم.. والمسؤولون يزيدون ثرواتهم
وقد سألت "إيلاف" عضو لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية "موسى أفشار" &فقال إن مأساة بيع الأعضاء، وخاصة من قبل الشباب، للبقاء على قيد الحياة أو تلبية احتياجاتهم، لا تزال الأكثر إلحاحًا من أسرهم في بلد مثل إيران وتمثل كارثة.

وأوضح أنه في حين أن إيران فيها واحد في المائة من سكان العالم، و7 في المائة من الموارد الطبيعية في العالم، وهي واحدة من أغنى البلدان في العالم من حيث الموارد الطبيعية فإنه من خلال عمليات الاختلاس والسرقة والنهب التي يقوم بها مسؤولو الملالي، من ناحية، وتخصيص الموارد والمرافق للقمع والإرهاب وتصديره ودعم الجماعات الإرهابية والحروب الإقليمية، ومحاولة نشر أسلحة الدمار الشامل، يعيش وفقًا للإحصائيات الحكومية معظم الشعب الإيراني تحت خط الفقر، ولا يرون أي آفاق لتحسن أوضاعهم.

وأكد أن الكثير من ثروات الشعب الإيراني قد نهبت من قبل مكتب خامنئي والحرس الثوري، حيث قدرت ثروة مرشد النظام، علي خامنئي، بـ 200 مليار دولار.

وأوضح أفشار أنه إضافة إلى التكاليف الباهظة للأجهزة القمعية، هناك مليارات عدة من الدولارات سنويًا تصرف لدعم الديكتاتور السوري بشار الأسد لذبح الشعب السوري، وما يقرب من مليار دولار لدعم جماعة حزب الله اللبنانية الإرهابية، ومئات الملايين من الدولارات لحماس في فلسطين، والدعم الحقيقي واللامحدود للحوثيين في اليمن ليس سوى جزء بسيط من إنفاق الملالي على الإرهاب أو الحروب في المنطقة.

وقال "إن العملية المؤلمة المتمثلة في بيع الأعضاء البشرية في إيران قد ازدهرت في أعقاب فك الحظر عن ما يقرب من 100 مليار دولار من ودائع النظام وتصديره ما يصل إلى مليوني ونصف برميل من النفط يوميًا، لكن هذه الأموال لم تنفق مطلقًا على تحسين وضع الشعب الإيراني".

وأشار أفشار إلى أنه في انتفاضة يناير 2018 التي اجتاحت أكثر من 161 مدينة في جميع أنحاء إيران، وطالبت بالإطاحة بالنظام، واجه النظام فيها زلزال السقوط، ولعبت الفئات المحرومة والفقيرة دورًا رئيسًا فيها، ولذلك يحذر مسؤولو&النظام باستمرار من الانفجار الاجتماعي والتوقعات المظلمة التي يواجهونها.
&