إيلاف من بيروت: في بيروت كما في العراق تظاهرات ضد الفساد، وهي ليست الأولى في البلدين فقد واجه النظامان السياسيان في لبنان والعراق، اللذان يستندان إلى التقاسم الطائفي والإثني للسلطة، احتجاجات شعبية واسعة النطاق في صيف 2015 تُطالب بحوكمة أفضل.&

في البدء، اندلعت التظاهرات بسبب تفاقم الخدمات البائسة، لكنها سرعان ما تصاعدت وتحوّلت إلى معارضة لنظام تقاسم السلطة المَكين في كلا البلدين. هذه التظاهرات تأطّرت في البداية في سياقات لاطائفية وكردود فعل مدنية على الأوضاع المتدهورة وفساد القيادات.

لكن، في حين رفع المحتجون منسوب الأمل حيال إمكانية التغيير، إلا أن قيام الزعامات الطائفية بقطع الطريق عليهم، سلّط أضواء فاقعة على مدى التحديات التي تقف حجر عثرة أمام التغيير في المجتمعات المنقسمة.

وها هي بغداد وبيروت تنتفضان مجددًا في العام 2019، فما هي أوجه الشبه والإختلاف بين تظاهرات العراق ولبنان؟.

متشابهان
يتحدّث الإعلامي العراقي منتظر الزيدي (عرف برشقه الحذاء على الرئيس الأميركي السابق جورج بوش) لـ"إيلاف"، ويؤكد أن هناك حالة عامة بين النظام العراقي واللبناني، وهما متشابهان إلى حد كبير، حيث كانت هناك فكرة سياسية تتحدث عن "لبننة" العراق، أي جعله يحكم على الطريقة اللبنانية. وفي 2007 كانت هناك "عرقنة" لبنان، وناهيك عن المنظومة السياسية غير المستقرة والعائلات السياسية النافذة في البلدين والدستور المشلول، وكلها تتشابه بين العراق ولبنان، فضلًا عن الفساد المستشري في الدولة، إضافة إلى الحماية السياسية للسارقين والقتلة والفاسدين في البلدين.

يضيف: "هذه كلها جعلت من العراق ولبنان حالة واحدة. لم يستطع الشارع المدني أن يتحرك في العراق، وفي لبنان، بسبب الفكرة الطائفية، غير أنه تحرك أخيرًا ضد الفساد".

مطلبية
يرى الزيدي أن التحركات الأخيرة في لبنان والعراق، وإن كانت مطلبية، ولكنها مثل العود الصغير الذي يحرق حقل القش، وبدأت المطالب العراقية بسبب ارتفاع درجة الحرارة وتقنين الكهرباء في العام 2015، وفي لبنان بسبب النفايات كذلك في العام 2015، هي مطالب بسيطة جدًا، ولكن يمكن أن تستغل من قبل الحراك المدني الذي بدأناه في العراق في العام 2011، حيث بدأت الدولة بقمعنا، وتم اعتقالي شخصيًا لمدة 3 أيام، وهذه المطالب البسيطة اليوم يمكن أن تلامس عمق المأساة والفساد ومن يسببّه، وحينما انفجرت فقاعة الخوف من رجال الدين والطائفيين ومن الميليشيات التابعة لهم أصبح الناس يطالبون بزوال الإسلاميين السياسيين من الحكم، والتظاهرات في العراق مشابهة إلى حد كبير لتظاهرات لبنان.

سلمية
يضيف: "نتمنى أن تبقى التظاهرات سلمية 100%، ولو سألنا ماذا يريد كل من الشعب العراقي واللبناني من نتائج لتلك التظاهرات: هل نترك العملية السياسية كما هي مع الفساد المستشري، أم نأتي إلى هدم الكل والبناء من جديد، علمًا أن هذه الطريقة فشلت في العام 2003 بعد الإحتلال الأميركي للعراق، فبقي ما هدم فوق رؤوس العراقيين حينها، وهل يُهدم النظام السياسي المتجذر والمعتق في الجغرافيا والسيكولوجيا العراقية واللبنانية؟ .

ربيع عربي
هل نحن أمام "ربيع عربي" في لبنان والعراق، بدءًا من التظاهرات المطلبية في البلدين؟، يجيب الزيدي أنه لا يؤمن بالربيع العربي، و"لم ننل منه سوى الخريف، لكن بدأ زمن تغيير السياسات القديمة والمعتقة والديكتاتوريات، وبدأت من العراق تتساقط أحجار الدومينو شيئًا فشيئًا".

ويرى الزيدي أنه من خلال التظاهرات نحن أمام فسحة وانفراجة للمفكرين والفلاسفة والكتاب من المثقفين بأن يدلوا بدلوهم، وقد تكون فرصة سانحة لا تعوّض للعراقيين واللبنانيين بأن يكون هناك حكم وكلمة للمجتمع على غرار بعض الدول، كما حصل بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في بعض الدول، ونتمنى أن تكون لهذا التغيير ارتداداته في دول أخرى.

تزامن فكري
يشير الزيدي إلى أن هناك تزامنًا فكريًا بين التظاهرات في لبنان والعراق، وكقطعة الحديد الواحدة إذا طرق على طرفها فستتأثر كلها، ولبنان والعراق يتشابهان في البنية والثقافة.
&