إيلاف من القاهرة: شهدت مصر ثلاث حالات انتحار، أقدم عليها 3 شباب في مقتبل العمر، خلال الأسبوع الماضي، الأولى لطالب في كلية الهندسة ألقى بنفسه من فوق برج القاهرة، ثم انتحار شاب عشريني تحت عجلات مترو الأنفاق، وانتحار ممرضة بتناول مبيدات حشرية.

وأعادت حالات الانتحار الجدل حول مدى انتشار الظاهرة المخيفة في مصر، التي يرجعها البعض إلى أسباب اقتصادية، بينما يرى آخرون أنها حالات فردية غير مؤثرة، إلا أنها أقلقت المجتمع المصري شعبيًا ورسميًا، وأطلق جهات حكومية ومنها الأزهر الشريف حملات لتوعية الشباب وتحصينهم ضد الانتحار.

أعلن مجمع البحوث الإسلامية، التابع للأزهر، إطلاق حملة توعوية، بجميع محافظات، ومدن، وقرى الجمهورية، تستمر لمدة أسبوع، بعنوان: "حياتك أمانة حافظ عليها".

وتشمل الحملة توعية يومية على مستوى المدارس، والمعاهد، والجامعات، ومراكز الشباب، والتجمعات السكانية، ودور الثقافة، والمقاهي، والمصالح الحكومية، فضلا عن الرسائل الإلكترونية، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بغرض الوصول إلى أكبر عدد من الجماهير، وحمايتهم من الاستسلام لعوامل اليأس، وفقدان الأمل، وتحذيرهم من خطورة التفريط في أنفسهم، أو تعريض حياتهم للمخاطر.

وقال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، الدكتور نظير عيّاد، في تصريح تلقت "إيلاف" نسخة منه، إن برنامج عمل الحملة يستهدف تحذير الشباب من الاستسلام لكل ما من شأنه أن يعرض حياتهم للخطر، أو يصل بهم إلى التفكير الخاطئ، الذي يستدرجهم لإهلاك أنفسهم، وتدمير مستقبلهم، حيث تركز الحملة على طرح الحلول، وتقديم روشته&علاجية لمواجهة المشكلات المجتمعية، التي قد تؤدي إلى مثل هذه الأمور، وعقد مناقشات حيوية مع المواطنين من خلال استعراض نظرة الإسلام لهذه الظاهرة الخطيرة، والرؤية الشرعية لها.

أضاف عيّاد، أن الحفاظ على النفس الإنسانية، أحد مقاصد الشريعة الضرورية الخمسة، أي من المقاصد، التي بها قوام الدين، والدنيا، بحيث إذا فقدت كلها، أو بعضها ترتب على ذلك فساد العباد والبلاد، ولهذا وجب المحافظة عليها وعدم المساس بها.

وأشار إلى أن البرنامج يستهدف التوعية الشاملة، لجميع أفراد المجتمع، بما يناسب الفئات العمرية والفكرية المختلفة، ويعمل على الحفاظ المجتمع، والتركيز على أهمية وعي الشباب بالتحديات المختلفة، والقدرة على تخطيها، وبث الأمل في نفوسهم.

ودقت النائبة في البرلمان، أنيسة حسونة، ناقوس الخطر، وقدمت طلب إحاطة إلى رئيس مجلس النواب، موجه إلى رئيس مجلس الوزراء ووزيرة الصحة، بشأن عدم فاعلية فكرة وجود خط ساخن لمواجهة الانتحار، وأهمية دراسة الظاهرة.

وقالت "حسونة"، في طلب الإحاطة، إن الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، بوزارة الصحة، أعلنت عن تخصيص خط ساخن لتلقي واستقبال المكالمات حول الراغبين في الانتحار، حيث يقوم الخط باستقبال المكالمات من أي شخص في أي وقت، ويقوم باستقبال المكالمات أخصائيون نفسيون، تلقوا التدريب، في إطار الحملة التي أطلقتها بعنوان "حياتك تستاهل تتعاش" لمكافحة الانتحار.

وأشارت إلى أن فكرة وجود خط ساخن لمواجهة الانتحار غير عملية، فلا يمكن تخيل أن شخص يريد أن ينتحر سوف يهاتف وزارة الصحة ويخبرها&بذلك.

وطالبت بضرورة أن تقوم الوزارة، بخطوة جادة نحو دراسة أسباب انتشار الانتحار، وخاصة لدى الشباب في ظل زيادة الحالات في الفترة الأخيرة، والخروج بنتيجة توضح أسباب الانتحار وآليات مواجهة ذلك.

وفي شهر أبريل الماضي، أطلقت الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان التابعة لوزارة الصحة، حملة "حياتك تستاهل تتعاش" لمواجهة حالات الانتحار في مترو الأنفاق، بدأت من محطة سراي القبة في الخط الأول، وتشمل 27 محطة، واستمرت لمدة 3 أشهر، ثم اختفت الحملة، باستثناء الملصقات الخاصة بها في محطات المترو.

قالت الدكتورة منى عبدالمقصود، رئيس الأمانة، في حينها، إن الحملة تهدف إلى مجابهة الأفكار الانتحارية لدى جميع الفئات، خاصة أنه تم رصد 23 حالة انتحار خلال 4 أشهر فقط في مترو الأنفاق، كما أن هناك أكثر من 3 ملايين راكب يوميًا، وأضافت أن الخط الساخن للأمانة رقم 0220816831، استقبل 200 مكالمة، بينها 40 مكالمة متعلقة بالانتحار خلال الشهرين الماضيين، كما تم افتتاح عيادة متخصصة في مستشفى العباسية للصحة النفسية، لاستقبال حالات الاكتئاب الشديد والإدمان والمقبلين على الانتحار، لتقديم الخدمات العلاجية لهم، وتعمل أيام السبت والإثنين والأربعاء.

وتستغل جماعة الإخوان المسلمين&حالات الانتحار سياسيًا، تتهم النظام الحاكم بأنه السبب في انتشار اليأس والقنوط لدى الشباب المصري، بعد زيادة معدلات الفقر والاستبداد، حسب ما تروج أذراعها الإعلامية التي تبث من قطر وتركيا.

وفي المقابل، قال الإعلامي عمرو أديب ، إن هناك بعض القنوات الأجنبية والإخوانية مازالت مستمرة في نغمة انتحار المصريين من "القهر والفقر"، والأرقام تؤكد أن حالات الانتحار بإنجلترا أكثر من مصر، متسائلًا: هل يعنى بأن شعب إنجلترا "مقهور"؟، كما تؤكد الأرقام أيضًا ارتفاع حالات الانتحار بسويسرا.

وأضاف "أديب"، خلال تقديمه لبرنامج الحكاية، مساء أمس، المذاع عبر فضائية mbc مصر: لا أنكر أن الوضع الاقتصادي في مصر صعب على المواطن، فهذا ليس سرًا وجميعنا نقبله، و القنوات الإخوانية بصفة يومية تناقش نفس الموضوع لأنهم اعتادوا على الهجوم والتوبيخ لأي سبب دون سند أو دليل، ولكن الغريب عندما تجد قناة مثل الـBBC، تصدر الشائعات والأكاذيب واليأس بـ"أن الناس تنتحر في مصر".

وقال إن هناك الكثير من الأشياء تستدعي القلق أكثر من الانتحار، مؤكدًا أن الأخبار المغلوطة والمتداولة عبر تلك القنوات غرضها تصدير حالة من اليأس.

ووفقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، فإن حالات الانتحار في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل تصل إلى 79 بالمئة من حالات الانتحار في العالم. وأن العالم يشهد وفاة 800 ألف شخص سنويا بسبب الانتحار.

وأضافت أن شخصا يقدم على الانتحار كل 40 ثانية حول العالم، كما يفوق عدد ضحايا الانتحار كل عام، قتلى الحروب. وفي مقابل كل حالة انتحار، هناك الكثير من الأشخاص الذين يحاولون الانتحار كل عام، ولا ينجحون.

ويعتبر منظمة الصحة العالمية أن الانتحار ثاني أهم سبب للوفاة بين من تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما.