الرباط: شكلت مصادقة لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج بمجلس النواب، مساء أمس الاثنين، بالإجماع، على مشروعي قانونين يهدفان إلى بسط الولاية القانونية للمملكة المغربية على كافة مياهها الإقليمية، خطوة حاسمة في اتجاه إعداد الطلب النهائي الذي سيقدمه المغرب للأمم المتحدة بهدف ترسيم حدوده البحرية بشكل نهائي طبقا لقانون البحار الموقع في مونتيغو باي بجمايكا سنة 1982، والذي وقع عليه المغرب سنة 2007.

وفيما يدعي المغرب أنه يهدف من خلال هذه القوانين إلى تحصين وحدته الترابية وبسط سيادته على مياهه الإقليمية، التي تعود إليه استنادا للقانون الدولي للبحار، وتحيين حدوده البحرية على ضوء الوضعية الجديدة لما بعد المسيرة الخضراء ومقتضيات القانون الدولي للبحار، ترى بعض الأوساط الإسبانية أن هدف المغرب هو "توسيع مجاله البحري على حساب إسبانيا".

وتستغل إسبانيا موقعها في جزر الكانارياس التي ما زالت تحتلها قبالة السواحل الصحراوية في الجنوب المغربي لمحاولة ضم المجال البحري لهذه المنطقة تحت سيادتها.&

وتدعي إسبانيا أنها لم تتنازل للمغرب عن السيادة السياسية على هذه المناطق في منتصف السبعينيات، وإنما تنازلت له فقط على السلطة الإدارية في المجال الترابي للمحافظات الصحراوية.

وتزايد اهتمام إسبانيا بهذه المنطقة مع اهتمام الشركات الدولية للنفط والغاز بها، خصوصا بعد الاكتشافات الكبرى في عرض السواحل الموريتانية والسنغالية.

وفي هذا السياق ، سبق لإسبانيا أن تقدمت للأمم المتحدة في 2004 بتوسيع نطاق منطقتها الاقتصادية الحصرية حول جزر الكناري من 200 ميل إلى 350 ميلا، وهو الأمر الذي رفضه المغرب.

وأوضح ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، خلال تقديم مشروعي القانونين إلى اللجنة البرلمانية مساء أمس، أن المقتضيات القانونية الجديدة تندرج في سياق تحيين القوانين المغربية التي تعين حدود المياه الإقليمية للمملكة، وعلى الخصوص خطوط انسداد الخلجان على الشواطئ المغربية والإحداثيات الجغرافية لحدود المياه الإقليمية المغربية ومنطقة الصيد الخاصة، مضيفا أنه تم استتباعا لذلك تحيين هذه المقتضيات ضمن المراجعة الشاملة للمنظومة ككل من خلال إدراج المعطيات العلمية والجغرافية المتعلقة بـ”الخط الأساس” للمناطق البحرية ما وراء “الرأس الأيوبي” بطرفاية (جنوب مدينة أغادير/ وسط المغرب) إلى سواحل المحيط الأطلسي على طول الأقاليم الجنوبية للمملكة إلى غاية الحدود المغربية -الموريتانية.

وأشار بوريطة إلى أن من شأن هذا الوضوح القانوني أن “يشكل، لا محالة، أرضية تفاوضية صلبة لأي تسوية أو اتفاق قد يتم بهذا الخصوص مع الدول التي لها شواطئ متاخمة أو مقابلة لبلادنا”، مؤكدا أن “القيام بهذا العمل التشريعي السيادي لا يعني عدم انفتاح المغرب على حل أي نزاع حول التحديد الدقيق لمجالاته البحرية مع الجارتين إسبانيا وموريتانيا في إطار الحوار البناء والشراكة الإيجابية”.

ومن أبرز التعديلات التي أدخلتها المقتضيات القانونية الجديدة ،تعيين الحدود على أساس مبدأ "خط الأساس" كما حدد قانون البحار الدولي وليس على على أساس "خط الوسط"، كما تم إدخال مبدأ "الإنصاف" في تحديد المجال البحري، والذي يعتبر ملائما للمصالح المغربية ومتوافقا مع مقتضيات القانون الدولي.

وبهذه الخطوة يرتقب أن ينتقل الخلاف بين المغرب وإسبانيا حول الحدود البحرية إلى حلبة المفاوضات القانونية في إطار هيئات الأمم المتحدة المختصة وتحت مظلة قانون البحار.