الرباط: لم يفوت حكيم بنشماش الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي المعارض، فرصة النيل من خصمه في الحزب النائب عبد اللطيف وهبي، بسبب تصريحات هذا الأخير حول "إمارة المؤمنين" خلال إعلان ترشيحه لأمانة الحزب الأسبوع الماضي، حيث عبر عن استنكاره الشديد لها ووصفها ب "الطائشة وغير المسؤولة".

وقال بنشماش في تصريح مكتوب نشره الموقع الرسمي لحزبه، اليوم الإثنين، "تلقيت باستغراب وامتعاض شديدين التصريحات الطائشة وغير المسؤولة التي صدرت عن السيد عبد اللطيف وهبي خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده بالمقر المركزي للحزب يوم 23 الجاري ، وهي التصريحات التي جاءت على بعد أيام قليلة من انعقاد مؤتمرنا الوطني الرابع".

وهاجم بنشماش اعتبار وهبي "إمارة المؤمنين إسلاما سياسيا"،وقال:"انه يشكل، بالنظر لمضمونه، صورة من صور المجادلة في إحدى المرتكزات الأساسية للنظام الملكي، لا يتصور صدوره عمن له إلمام بالحد الأدنى من مقومات النظام الدستوري للمملكة، فأحرى أن يصدر عن رجل قانون زاول مهام تمثيلية ومسؤوليات برلمانية، وتقلد مهام قيادية باسم حزب الأصالة والمعاصرة، وفي أجهزته ومؤسساته".

وزاد بنشماش معبرا عن موقفه الرافض لتصريحات وهبي "ما يشين تلك التصريحات من خلط دستوري، وعدم لياقة سياسية، ومغالطة منطقية، وشناعة أخلاقية، فإنه يتعين التوقف عند الادعاء بتوصيف “إمارة المؤمنين” بالإسلام السياسي، ودحض هذا الادعاء الشائن"، مستشهدا بالفقرتين "الأولى والأخيرة من الفصل 41 من الدستور، بالتتابع، على أن “الملك أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية". وعلى أنه "يمارس الملك الصلاحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين، والمخولة له حصريا، بمقتضى هذا الفصل، بواسطة ظهائر( مراسيم ملكية)".

وسجل بنشماش بأن "إنزال مؤسسة إمارة المؤمنين، ما سفل من منزلة تجار المشترك الديني، الذين يشترون بالرأسمال الرمزي للدين الإسلامي عرضا من مواقع حزبية، وانتدابات انتخابية، ووظائف تنفيذية، علامة دامغة على جهل مطبق بمقومات النظام الدستوري لبلادنا، وتبخيسا، في منتهى السماجة، لمؤسسة إمارة المؤمنين ولصلاحياتها الدستورية"، وذلك في انتقاد شديد للمرشح الأبرز لخلافة بنشماش في أمانة "الأصالة والمعاصرة".

ومضى بنشماش ،الذي كان وهبي أحد الفاعلين الرئيسيين الذين وقفوا وراء إبعاده عن دفة قيادة الحزب، قائلا: "لا يسعني إلا أن أعبر عن استنكاري لمنطوق هذا الكلام الذي يتعارض في الجوهر مع الدستور المغربي وأحكامه الواردة، على النحو الذي تم بيانه أعلاه، باعتبار إمارة المؤمنين مكونا مركزيا في النسق الدستوري والتاريخي للدولة المغربية، لكونها تقوم على البيعة، وباعتبارها مؤسسة بعيدة عن التجاذبات والصراعات السياسية والعقدية والإيديولوجية ".

وأضاف بنشماش "نظرا لما يحمله هذا التصريح من مغالطات صارخة، وانزلاقات فادحة، وشين أخلاقي فاضح، فإني أبلغ عموم المناضلات والمناضلين والرأي العام الوطني، أن ما صرح به السيد عبد اللطيف وهبي لا يلزم الحزب في شيء لكونه يتناقض أصلا مع توجهات الحزب ومرجعياته ومواقفه، ويجافي المواقف المبدئية للحزب ومنطلقاته وأدبياته المعتمدة من طرف أجهزته والمنشورة على الملأ، ويكفي أن نذكره بمذكرة الحزب المرفوعة للجنة الملكية التي أشرفت على دستور 2011، والتي أقرت بشكل واضح بمركزية إمارة المؤمنين في الوثيقة الدستورية باعتبارها مكونا تاريخيا وحضاريا وثقافيا لبلادنا، وصمام الأمن الروحي المتين لشعبنا".

كما اعتبر بنشماش أن القول بأن إمارة المؤمنين هي "إسلام سياسي" يضرب في العمق "كل الصلاحيات والوظائف الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين ومؤسساتها، ناهيك عن المدلولات الخطيرة لهذا التصريح لما يترتب عنه من استنتاجات تحول بموجبها إمارة المؤمنين إلى "خصم سياسي"، وفي النهاية، فإن هذا القول القبيح، لا يخدم إلا مرامي من يتخذهم السيد عبد اللطيف وهبي، أولياء له من قوى الإسلام السياسي"، في إشارة إلى تقاربه مع حزب العدالة والتنمية قائد التحالف الحكومي بالبلاد.

وختم بنشماش هجومه اللاذع على وهبي بالقول: "اعتبارا لكون هذه التصريحات الصادرة عن السيد عبد اللطيف وهبي من داخل مقر الحزب تسيء لموقع الحزب في المشهد السياسي، وتشوش على مواقفه الثابتة، فإنني أعبر، باسم مناضلات ومناضلي الحزب في مختلف المسؤوليات والمواقع، عن استنكارنا الشديد لمضمون هذه التصريحات الطائشة وغير المسؤولة"، حسب تعبيره.