ارتكب معلم مصري جريمة بشعة بحق 120 طفلة من تلاميذ المرحلة الابتدائية، وتحرش بهن جنسيًا أثناء الدراسة، وقضت المحكمة العليا للقضاء الإداري بفصله من عمله، عقابًا له على جريمته بحق الأطفال.

إيلاف من القاهرة: ذات يوم عادت طفلة من المدرسة، وهي تبكي بشدة، وتنتابها مشاعر الخوف والذعر، جراء انتهاك "المستر" معلم الفصل لحرمة جسدها، وإمساكها من صدرها، والتحرش بها جنسيًا.

بعد أن هدّأ الأب والأم من روع الطفلة الصغيرة، قصت عليهما ما حصل لها، وتوجه الأب إلى المدرسة وقدم شكوى إلى الإدارة، ولكنه فوجيء أن ما حصل لطفلته، تكرر مع تلميذات فصلين دراسيين بالمدرسة الواقعة في مدينة الإسكندرية، وعددهن 120 طفلة.

قرر أولياء أمور الفصلين الدراسيين تقديم شكوى إلى وزارة التربية والتعليم، وأحيلت الجريمة للتحقيق الجنائي، وقررت الوزارة فصل مدرس الرياضيات، بعد ثبوت تهم التحرش الجنسي بالأطفال.

لم يرتدع المعلم، وأقام دعوى قضائية يختصم فيها وزارة التربية والتعليم، ويطالب بعودته إلى عمله مرة أخرى، إلا أن محكمة القضاء الإداري قضت أمس بفصله من عمله.

وقالت المحكمة برئاسة المستشار عادل بريك نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين سيد سلطان والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي وحسن محمود ونبيل عطا الله نواب، إنه "من الثابت بالتحقيقات وما جاء بالشكاوي المقدمة من طالبات فصل 6/3 و6/5 (120 تلميذة) بإحدى المدارس بمحافظة الإسكندرية وأولياء أمورهن ضد الطاعن معلم الرياضيات قيامه بمسك صدورالتلميذات ووضع يده علي أفخاذهن وأكتافهن وعلي أماكن حساسة من أجسامهن وقيامه بإجلاسهن علي رجليه والتحرش بهن".

وأضافت المحكمة في حيثيات الحكم بفصل المدرس، إن "ثبوت هذا الجُرم الأخلاقي وما اقترفه من إثم في نطاق ممارسته لمهام وظيفته المقدسة ومهنته المعظمة وهي التدريس يعد اعتداء علي المجتمع كله، لارتباطه بالنظام العام وحسن سير المرفق وحتى يكون عبرة وعظة لكل من تسول له نفسه الاعتداء علي حرمه التلميذات في محراب العلم المقدس، ومن ثم فإن ما نسب إليه بهذا الشأن يكون قد ثبت في حقه ثبوتا قطعيا لا شك فيه مشكلا ذنبا إداريا جسيما ومسلكا معيبا لا يتفق وكرامة الوظيفة ويعد ما اقترفه بحسبانه معلما في محراب العلم وما أتاه من تلك الأفعال مع أطفال صغيرات وهو القائم علي تعليمهن وتربيتهن كافياً أن يفقده الصلاحية للعمل في هذه المهنة المقدسة".

وأوضحت المحكمة أنه "كان يتعين على المُعلم أن يتحلي بالفضائل والأخلاق وحسن التربية، خاصة في علاقته مع تلميذاته والبعد عن كل ما يخدش حياءهن والمساس بعفتهن والحرص علي أن يكون القدوة الصالحة لهن لا التعدي عليهن، وقد ذخرت الأوراق بتأييد جميع الطالبات اللاتي سمعت أقوالهن وما أدلي به باقي الشهود من أن الشكاوي التي تم التحقيق فيها تلوك سمعة الطاعن المنحرف بما يشكل في حقه إخلالا جسيما بكرامة وظيفته وانحدارا بمسلكه إلي الدرك الأسفل، وإثماً تأديبيا يستوجب بتره من المؤسسة التعليمية، لمخالفته الالتزامات القانونية الواجبة عليه فضلا عن مخالفته تعاليم الشرائع السماوية وما يوجبه الدين من كسائهن بكساء العفة والوقار ويؤكد علي عدم صلاحيته لشغل تلك الوظيفة".

وقالت المحكمة إن التحرش الجنسي بالأطفال في المدارس آفة خطيرة وداء عضال، انتشر في هذا الزمان، مشيرة إلى أن التحرش الجنسي ظاهرة إنسانية عانت منها البشرية ولازالت بالرغم من التعاليم الإلهية بتأثيم هذه الظاهرة وأفعالها، وبالرغم من التطور الحضاري الذي بلغته الإنسانية وتجريم الدول لظاهرة العنف ضد المرأة إلا أنها لازالت متفشية وفي ازدياد.

وأكدت المحكمة أن الأمم المتحدة خصصت يوم 25 نوفمبر من كل عام باعتباره اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، ولقد بادر المشرع المصري إلى ذلك في نص في المادة 306 مكرر أ من قانون العقوبات على الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة من وسائل التعلم بالمدارس بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية، وفي حالة العود تضاعف العقوبة، واعتبر المشرع بموجب المادة 306 مكرر ب من القانون المذكور تحرشاً جنسياً إذا ارتكبت الجريمة بقصد حصول الجاني على منفعة ذات طبيعة جنسية أو كانت له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه.

وذكرت المحكمة أنه "ولئن كان تجريم المشرع لصور التحرش الجنسي لدليل على عزم الدولة على محاربة هذه الظاهرة والقضاء عليها بعد أن استفحلت وانتشرت وأصبحت تنال النساء من جميع الفئات والطبقات والأعمار، إلا أن هذه الجهود ليست بكافية حتى الآن لاستئصال هذه الظاهرة أو الحد منها بل ازدادت".

ودعت المحكمة "الدولة ومنظمات المجتمع المدني إلى أن تبذل جهودا مضاعفة من أجل القضاء على هذه الظاهرة قضاءً مبرماً وتعمل على توعية المواطنين بهذه الظاهرة وخطورتها وصورها المختلفة وتمتد هذه الجهود لمحاربة العنف ضد المرأة بصوره المختلفة بدءً من التمييز على أساس النوع وختان البنات، وحرمانها من التعليم، وتزويجها وهى لازالت قاصراً، وحرمانها من الميراث والتعرض لها في زيها الذي تريده، وفى وسائل المواصلات العامة والطرقات بما ينتقص من حقوقها ويمس عفتها ويخدش حياءها ويشعرها بالدونية في مجتمع هي أمه وأخته وابنته وزوجته، فمن اعتدى عليها وخانها فقد خان نفسه وجرح شرفه وهتك عرضه ومس عفته قبل أن يعتدي على شرفها ويهتك عرضها ويسلبها حقوقاً قررها الشرع وحفظها القانون وصانتها المروءة" .