عبثاً تحاول غصون العثور على خيمة أو منزل يقيها وعائلتها من الأمطار والبرد بعد نزوحهم على وقع تقدم قوات النظام في شمال غرب سوريا. وبعدما باءت محاولاتها كافة بالفشل، لم تجد إلا السيارة لتتخذها مسكناً موقتاً لهم.

وتقول غصون وهي ترتدي عباءة سوداء وحجاباً طويلاً لوكالة فرانس برس بعد نزوحها قبل أيام "الحمد لله أكرمنا بهذه السيارة. ننام فيها رغم أن النوم ليس مريحاً"، مضيفة "نتنقّل في السيارة، نمنا فيها ليلتين وهذه الثالثة وسنبقى فيها لأننا لا نجد ملجأ يأوينا".

وتشير التقارير إلى وفاة أربعة أطفال على الأقل يعيشون في مخيمات نزوح غير رسمية في شمال غرب سوريا، حيث تنخفض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر. وحسب تقرير لمؤسسة "وورلد فيجن" فان من بين الموتى طفل يبلغ من العمر ثمانية أشهر لاحظت والدته أن صدره لم يكن يتحرك وتغير لون وجهه في منتصف الليل. ثم أكد الطبيب في وقت لاحق أن الطفل توفي أثناء نومه بسبب البرد. ومن بين الموتى أيضاً فتاة تبلغ من العمر عاماً ونصف حملها والدها لمدة ساعتين في المخيم، ولكن أُعلن عن وفاتها لدى وصولها إلى مستشفى أحد شركائنا في محافظة حلب.

خالد، هو أب لستة أطفال، ويقيم مع سبع أسر أخرى في مستودع تحت الأرض. هناك عفن في جميع أنحاء الجدران ولا تتوفر شبكة الصّرف الصحي. يبلغ الإيجار 100 دولار أميركي شهرياً، ولكن ليس لديهم المال لتغطية ذلك.

وحذّرت ثمان من كبرى منظمات الإغاثة الدولية في بيان الأربعاء من أن "مئات الآلاف من الناس، غالبيتهم من النساء والأطفال، الذين يفرّون من أعمال عنف لا هوادة فيها عالقون في كارثة إنسانية".

وباتت المناطق الشمالية بعد حملة التصعيد الأخيرة مكتظة بالنازحين.

وقالت بهية زريكم من منظمة الإنسانية والدمج وفق البيان، إن استئجار النازحين لمساكن بات "أكثر صعوبة لأنه ببساطة بات عدد الناس يفوق عدد المنازل المتوافرة وباتت الظروف أكثر بؤساً".

لذلك، فإن "العديد من الذين فروا ينامون في سياراتهم أو يخيمون على جانب الطريق، لأن لا مكان آخر يذهبون إليه"، على حد قولها. ويحتاج هؤلاء إلى الطعام والمأوى والوقود للتدفئة والرعاية الصحية.

وتستضيف مخيمات شمال غرب سوريا عدد من النازحين يفوق خمس مرات قدرتها الاستيعابية، وفق المجلس النروجي للاجئين.

ودفع التصعيد العسكري 586 ألف شخص وفق آخر حصيلة للأمم المتحدة إلى النزوح في إدلب، نحو مناطق لا يشملها القصف قرب الحدود التركية.

لا تستقر العائلات في مكان ما حيث هم دائمو التنقل بحثًا عن ملجأ آمن طوال اليوم من غير نتيجة.

تقول أحلام، مستشارة قسم الحماية لدى منظمة الرؤية العالمية (وورلد فيجن) في إدلب: "تبلغ درجة الحرارة حوالي -7 درجات مئوية هنا، تتجمد العائلات والأطفال لعدم وجود سقف يغطيهم. يتسوّل الجميع هنا من أجل الحصول على خيام أو مساكن لحمايتهم من البرد. يوجد 20 طفلاً يعيشون في مستودع تحت الأرض دون نوافذ أو تهوية. لقد تم تهجيرهم لمدة ثلاثة أيام وهم مرضى الآن بدون بطانيات أو مراتب للنوم.

كما تقول الأمم المتحدة أن 30٪ من جميع الإصابات في الأعمال العدائية منذ بدء التصعيد في إدلب والمناطق المحيطة بها في شهر نيسان / إبريل الماضي هم أطفال ويموتون بسبب ظروف المعيشة الباردة والخطيرة في مخيمات النزوح.